مدارس مخيم اليرموك...شمعة بين لعنات الظلام
الثلاثاء، 30 كانون الأول، 2014
من رحم المعاناة وبين حطام الواقع المأساوي في
مخيم اليرموك، تنطلق همم رجال لم يتسلحوا بأسلحة الصراع في سوريا، بل حملوا
دفاترهم وأقلامهم يوجهونها نحو الخاسر الأكبر في الحرب وهم "الأطفال".
"2.5" مليون طفل في سوريا محرومون من
التعليم منذ بدء الأحداث في سوريا، وفق إحصائيات منظمة "أنقذوا الأطفال"
العالمية لكن أبناء مخيم اليرموك يرفضون أن يكونوا ضمن إحصائيات الأمم والمنظمات
لطالما خذلتهم تلك الدوائر.
مخيم اليرموك الذي كان يضم الآلاف من الطلبة بات
اليوم وبعد سنوات من الأحداث يضم الآلاف من السكان، وعلى الرغم من الحصار المفروض
على المخيم منذ (541) يوم على التوالي، وانقطاع الكهرباء منذ أكثر من (620) يوماً
إلا أن المشاريع التعليمية لم تتوقف، وبجهود ذاتية وتطوعية.
فهذه صالات الأفراح وروضات التمهيدي تحولت لمراكز
تعليمية، بالإضافة إلى المساجد الرئيسية في المخيم {مسجد فلسطين - مسجد عبد القادر
الحسيني} ووصل عدد تلك المراكز التعليمية إلى 6 ويتوزع تدريسها بين الابتدائي
والإعدادي والثانوي في حين وصل عدد طلاب إحداها إلى 1200 طالب وطالبة.
في 16-1-2013 بدأ الدوام الدراسي للمرحلة
الإعدادية داخل المخيم وفي 5-2-2013 بدأ الدوام للمرحلة الابتدائية.
يدرس الطلاب في هذه المراكز المنهاج الرسمي
السوري، وبكادر تدريسي من خريجي الجامعات والمعاهد أو حملة الشهادة الثانوية، كما
استطاع عدد من أبناء المخيم وبجهود ذاتية وبمساهمة من أهل الخير، افتتاح عدد من
رياض الأطفال داخل المخيم.
يتخلل التعليم المنهجي القيام بنشاطات ترفيهية
ورياضية وتعليم القرآن الكريم للذكور والإناث وخاصة في العطلة الصيفية.
شهدت تلك المراكز التعليمية إقبالاً كبيراً من
أبناء المخيم، واستحسانا ودعماً من الأهالي للدور الذي تقوم به لأطفالهم، وشعور
الأهالي أن أولادهم مواكبين لحركة التعليم وكأن المخيم في أحسن أحواله.
لكن المعوقات كثيرة وكبيرة ولايزال يمر بها
المخيم والتي أضعفت بدورها العمل التعليمي وأوقفته في بعض الأوقات....
أولها: حصار المخيم من قبل الجيش النظامي السوري
والمجموعات الفلسطينية الموالية، ما حدا بالأهالي للبحث عن المأكل والمشرب وضرورة
توفير مصدر رزق للأطفال، في حين خرج جزء الأطفال يبحثون عن أعمال تسد رمقهم ولو
بشيء من الحشائش.
وثانيها: عدم اعتراف الأونروا الراعية الأولى
لتعليم اللاجئين الفلسطينيين بحركة التعليم ونتائج الطلبة داخل المخيم، في حين
اتهمها البعض أنها مشاركة في حصار أبناء المخيم، لكن تحت ضغط أبناء المخيم تم
الاعتراف بنتائج تلك المدارس، وتم ادخال الكتب الدراسية، إلا ان عمل الأونروا
لايزال خجولاً ولا يصل إلى ما التزمت به أمام اللاجئين الفلسطينيين وضرورة تعليمهم
وتشغيلهم.
ثالثها: قصف الطائرات السورية وسقوط قذائف الهاون
وأعمال القنص، وتداعيات ذلك من سقوط للضحايا والجرحى، وصولاً إلى تهدم الأبنية
والمدارس، والتي كان قد بدأها النظام بقصفه مدرسة الفالوجة منتصف كانون الأول
2012، مروراً بالآثار النفسية لذلك القصف على الأهالي والأطفال.
رابعا: انتشار الأمراض والأوبئة كاليرقان والقمل
مع عدم توفر العلاجات اللازمة، نتيجة الحصار المفروض على المخيم والذي قضى بسببه
ما يقارب 160 ضحية.
خامسا: خوف الكثير من طلاب الشهادة الثانوية من
مغادرة المخيم لتقديم امتحاناتهم (إن سمح لهم) من الاعتقال والتصفية.
ولم تزل تلك المعوقات قائمة منذ بداية الحصار،
على الرغم من المطالب المستمرة من أبناء المخيم لكل المنظمات الفلسطينية
والإنسانية والدولية لحلها، وكأن قدر المخيم وأبناؤه رُهن بيد من يناشده الأطفال
ليل نهار أوقفوا الحصار وارفعوا الدمار والعلم والتعليم لنا الخيار فهل من قرار؟
المصدر: مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية