والدمع في عينيها، اللاجئة الفلسطينية
"أم سميح" تحضّر عشاءها الأخير لفقراء الغوطة
الإثنين، 02 نيسان، 2018
بعد سنوات من العمل الدؤوب خلال سنوات الثورة
السورية بين العمل السياسي والإغاثي والخيري، هُجرت اللاجئة الفلسطينية "أم سميح"
قسرياً من مدينة حرستا في ريف دمشق إلى شمال سورية.
تحدثنا أم سميح عن أصعب لحظات مرّت في حياتها،
وهي تحضر عشاءها الأخير للفقراء والمساكين قبل أن تغادر مجبرة غوطة دمشق بعد حملات
قصف الطائرات الروسية والسورية والصواريخ التي استهدفت البشر والحجر والشجر.
ففي الغوطة الشرقية بريف دمشق لا تكاد تجد
من لا يعرف الفلسطينية أم سميح، ولن تسمع على لسان الفقراء والمساكين كمثل أمهم أم
سميح، فمن بين دمار الأبنية وتحت هول الصواريخ والقذائف تصل أم الفقراء للمحتاجين إما
بسيارة السوزوكي التي تقودها بنفسها أو مشياً أو حتى زحفاً بين الركام.
مع بدء الثورة السورية شاركت أم سميح في
نشاطاتها السلمية وخرجت للاعتصامات والمظاهرات تنديداً بالمجازر التي يتعرض لها إخوانها
في سورية، الأمر الذي عرّضها للاعتقال ثلاث مرات تعرضت خلالها للتعذيب بكل أصنافه والضرب
بكل أشكاله والتجويع والتهديد والوعيد، إلى أن خرجت من تلك المحنة مشتتة القوى ومنهكة
من شر ما تلقت.
ومع موت المحاصرين من الجوع ونقص الرعاية
الصحية وتسليط الضوء على المناطق المحاصرة بريف دمشق وخاصة مخيم اليرموك ومطالبة الجهات
الدولية بفك الحصار، أخذت أم سميح بالتحرك على مستوى الخيري فبدأت بمشروع مطبخ خيري
تطور إلى مؤسسة خيرية.
ولم يعد الأمر مقتصراً على منطقة حرستا
فوصلت يد الخير إلى عدة بلدات بالغوطة الشرقية، من زبدين، ودير العصافير، وبيت نايم،
والمحمدية، ومرج السلطان، والميدعا، إلى حرستا وغيرها.
المؤسسة التي بدأت بجهود بعض النساء المعتقلات
سابقاً وعلى رأسهم أم سميح توزع اليوم سلالاً غذائية، وطعاماً مطبوخاً، وحليب أطفال،
والدواء، والخبز، ولوازم منزلية، وكفالات أيتام (أكثر من 160 كفالة) ووصل حجم التبرعات
للأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة حتى مليون ليرة سورية، إضافة إلى الملابس والبطانيات،
وحلوى وألعاب وحفلات ترفيهية للأطفال، مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة، وتوزيع حطب للتدفئة،
سبل ومناهل وخزانات المياه في الشوارع وصيانة المكابس المائية، صيانة البيوت المتضررة
بالقصف وترميم المدارس ، إلى مبالغ نقدية.
بقيت أم سميح تقول حتى اللحظة الأخيرة
"أنا مصرة على الاستمرار، لأجل أطفالٍ حُرموا طفولتهم، حيث لا يحق للطفل المحاصر
أن يحيا كبقية الأطفال، هو مضطر للقبول بما يتيسر، مضطرٌ لقبول لقب يتيم لأن والده
استشهد بقذائف تأبى إلا أن تشق طريقها لتروع من لا ذنب لهم، مضطرٌ للوقوف أمام عربة
الطعام بانتظار دوره، مضطرٌ أن يحمل وعاء ماء الشرب الأثقل منه لينقله إلى المنزل ويصعد
به للطوابق العليا، مضطرٌ إلى اللعب بالعيد في الأقبية لأنها المكان الآمن من القصف"
وفي صباح 22-3-2018 حزمت أم سميح ما تبقى
من أمتعتها وخرجت تحت القصف وبين الدمار مع آلاف المدنيين الذين هُجروا من حرستا إلى
شمال سورية.
الفلسطينية أم سميح أو أم فارس خرجت من
الغوطة وكأنها في كابوس بدأت فصوله، تحمل هموماً أثقلت كاهلها، تكفر بإنسانية الغرب
والشرق والأنظمة التي تدعي حقوق الإنسان، ورغم مأساتها الكبيرة تقسم "لكننا سنعود
.. قسما بالله العظيم سنعود"