السبت، 16 كانون الثاني، 2021
احتفلت حركة "فتح”
الفلسطينية في لبنان، بالذكرى الـ56 لانطلاقاتها، في ظل ظروف معقدة تمر بها القضية
الفلسطينية عامة وقضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان خاصة، تنذر بانفجار قريب داخل
مخيمات اللاجئين بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
حول الواقع الفلسطيني
والعربي، وحالة الانهيار العام وتهافت دول عربية لتطبيع علاقاتها مع الكيان الاسرائيلي،
"القدس العربي” مستشار الرئيس الفلسطيني لشؤون اللاجئين اللواء سلطان أبو العينين في
بيروت وأجرت معه حوارا هنا نصه:
· احتفلت
حركة "فتح” بالذكرى الـ56 لانطلاقتها، كيف يمكن الوقوف عند هذه المناسبة؟
انطلائقة حركة "فتح”
عام 1965 كانت انطلاقة ثورة مجيدة من أجل تحرير الأرض ورفع الظلم والمعاناة التي يتعرض
لها الشعب الفلسطيني، وقد استطاعت هذه الحركة تغيير المسار التاريخي ليس في فلسطين
فحسب، بل بالمنطقة العربية والعالم. فإطلاق شرارة الثورة في وجه الاحتلال والظلم بددت
من ليل الظلم واليأس والإحباط الذي عم المنطقة، نحو فجر جديد تقوده نخبة من الطلائع
الثورية الفلسطينية. وشكلت الانطلاقة شعلة للشعب الفلسطيني والعربي والعالمي من أجل
وعي أهمية الثورة في تحرير الأرض والتخلص من الاستعباد، لذلك كانت انطلاقة الثورة الفلسطينية
شعلة أنارت طريق الحرية للشعوب، كما شكلت تجربة نضالية تعلمت منها شعوب العالم الدروس
والعبر.
· ما هي
الأسباب التي أدت إلى حالة الانهيار الاجتماعي والأمني والاقتصادي داخل مخيمات اللاجئين
الفلسطينيين في لبنان؟
حالة الانهيار التي
تتعرض لها المخيمات الفلسطينية في لبنان، لها أسباب وعوامل عديدة أبرزها أولا انهيار
الوضع الاقتصادي العام في البلاد والشعب الفلسطيني جزء من هذا الواقع، ومن الطبيعي
ان يتأثر به، بالإضافة إلى أن معاناة الشعب الفلسطيني مضاعفة بسبب انعكاس الوضع اللبناني
وأزماته على اللاجئ الفلسطيني في لبنان، ولا ننسى أن اللاجئ الفلسطيني ممنوع من العمل
في الكثير من المهن حسب النظام اللبناني بالإضافة إلى انتشار وتفشي جائحة كورونا التي
جعلت الكثيرين بلاعمل. كما أن وضع السلطة الفلسطينية المتأزم ماليا لا يسمح بتقديم
الكثير من المساعدات على كافة الصعد الصحية والاجتماعية.
أستطيع التأكيد على
أن المدى المنظور لا يحمل حلولا ومعالجات لهذه الأزمة والقضايا المستعصية التي يتعرض
لها الشعب الفلسطيني عامة، ومن الصعب الخروج من هذه الأزمة الاقتصادية والسياسية، وكلاهما
مترابط، خاصة أن ظروف الفلسطينيين السياسية قبل الاقتصادية صعبة ومعقدة جدا.
لذلك لا أرى إشارات
على تغيير أحوال اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في المدى المنظور، لهذا فاللاجئ الفلسطيني
أصبح يفكر جديا بالهجرة إلى خارج لبنان من أجل حياة كريمة، لهذا تحصل حالات هجرة غير
شرعية كبيرة داخل المجتمع الفلسطيني، يقوم اللاجئ ببيع بيته وكل ما يملك ليغادر إلى
ما وراء البحار، غير آبه بالمخاطر التي يمكن أن يتعرض لها في البحار والجبال والوديان
من أجل البحث عن الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
وهنا لابد من الإشارة
إلى أن اللاجئين الفلسطينيين يعيشون على الأراضي اللبنانية، لهذا من الطبيعي ان يتأثر
الشارع الفلسطيني بالشارع اللبناني والاقتصاد المنهار. نحن نصرخ ونتألم بداخلنا على
الوضع المأساوي الذي وصل له الوضع الاجتماعي الفلسطيني في لبنان وحالة الانهيار الاجتماعي
والصحي والاقتصادي وعلينا العمل من أجل المحافظة والاهتمام بدعم استقرار وترابط العائلة
الفلسطينية التي تضعضعت أركانها حيث تفرقت وتشتتت العائلات الفلسطينية نتيجة الهجرة
بحثا عن لقمة العيش والتي أدت إلى غرق وفقدان الكثير من العائلات في البحر. ليس لدينا
في لبنان مؤسسات تهتم بالاوضاع الإنسانية للاجئ الفلسطيني وغير مستعدين لهذه الأزمة.
لذلك، الوضع داخل
المخيمات الفلسطينية أصبح على شفير الانفجار، بسبب تأزم الوضع الاقتصادي وتدهور الوضع
الاجتماعي خاصة مع ظهور كورونا وانقطاع نسبة كبيرة من اللاجئين عن العمل وارتفاع الأسعار
الجنوني وأيضا ما يحدث من مشاكل يومية أمنية داخل المخيمات الفلسطينية، مما جعل الكثيرين
من اللاجئين يختارون الإقامة خارج المخيمات، هذا ما يؤكد عدم وجود حل بين ليلة وضحاها.
كما أن انقطاع المساعدات
المالية التي كانت تقدمها بعض الدول إلى السلطة الفلسطينية وتقليص خدمات ومساعدات وكالة
"الأونروا” للاجئين الفلسطينيين، ساهم إلى حد كبير في هذا الوضع الصعب الذي يعيشه اللاجئ
الفلسطيني في لبنان، بالإضافة إلى أن اللاجئ الفلسطيني، ازدادت معاناته أضعافا منذ
أكثر من عام مع انهيار الوضع الاقتصادي والمالي والسياسي بالتزامن مع انتشار فيروس
كورونا.
· أين
وصلت مساعي المصالحة بين الفصائل الفلسطينية وخاصة بين حركتي "فتح” و”حماس”؟
من الواضح أن مساعي
المصالحة تتعثر، وتواجه عراقيل وعقبات ليست سهلة، وكلما تقدمت هذه المساعي خطوة، تتعرض
للانتكاسة. وأعتقد أن حركة "حماس” لا تعمل بشكل جاد من أجل المصالحة ولا من أجل وحدة
الموقف الفلسطيني لمواجهة التحديات، والحركة لديها مشروعها الخاص، في إطار المشروع
الديني.
وللأسف كلما شعر
الشعب الفلسطيني بخطوة من التفاؤل واقتراب المصالحة ووحدة الموقف على الثوابت الوطنية
وفي مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، يفاجئ بخبر انتكاسة المفاوضات أو مساعي المصالحة بين
الفصيلين، مع التذكير بحالة التفاؤل التي عمت الساحة الفلسطينية بعد مؤتمر الأمناء
العامين للفصائل من بيروت ورام الله وغزة، لكن سرعان ما تبدد التفاؤل، وتراجع الحديث
عن تقدم في الخطوات الآيلة لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية.
· كيف
تقيم العلاقات اللبنانية الفلسطينية ؟
الحوار والتفاهم
اللبناني الفلسطيني أمر ضروري لمواجهة الأخطار المحدقة بالجانبين. فلبنان يتعرض لانهيار
اقتصادي وسياسي وأمني، وليس من مصلحته استمرار الضغط على اللاجئ الفلسطيني وحرمانه
من حقوقه المدنية حتى لا يشكل عامل توتر وقلق، كما أن اللاجئ الفلسطيني يتعرض للاتهام
الدائم والحصار وليس من مصلحته أن تبقى علاقته مع لبنان الرسمي والشعبي يسيطر عليها
الشك والخوف، ولكن يمكن القول إن العلاقات الفلسطينية اللبنانية تمر بحالة استقرار،
ولا يشوبها أي توتر، ويمكن للجانبين الفلسطيني واللبناني التأسيس على هذا الاستقرار
في العلاقات للبحث بشكل جاد لمنح اللاجئين الفلسطينيين حقوقهم المدنية والاجتماعية
ورفع الضغوط التي يتعرضون لها، بما يضمن احترام السيادة اللبنانية والقوانين المرعية
في البلاد.
وهذا يمكن له أن
يتحقق من خلال حوار جدي وفاعل بين القيادتين الفلسطينية واللبنانية.
· خلال
عقود ماضية راهنت القيادة الفلسطينية على أن "إسرائيل" تريد السلام، وأن
الإدارة الأمريكية راعية لعملية السلام، واعتبرت القيادة الفلسطينية أن السلام خيارها
الاستراتيجي، بعد أن أقفلت الأبواب السلام وأعلنت القيادة الفلسطينية أن "إسرائيل"
لا تريد السلام وأن واشنطن لم تعد راعيا نزيها للعملية، ما هي الخيارات أمام القيادة
الفلسطينية اليوم؟
قد يتحسن الوضع وتتحسن
العلاقات مع الجانب الأمريكي في عهد جو بايدن، ولكن لن يكون لدى بايدن الجرأة على تغيير
السياسة التي رسمها ووضعها ترامب خلال السنوات الماضية. أيضا ليست لديه الجرأة على
إلغاء القرار الأمريكي بأن القدس عاصمة "إسرائيل"، وهناك تقارير تؤكد أن
الحكومة الإسرائيلية تستعد لتهجير وإبعاد عدد كبير من الفلسطينيين من منازلهم وممتلكاتهم
في القدس المحتلة، في محاولة لتخفيف أعداد الفلسطينيين في المدينة، كذلك لن يستطيع
بايدن إيقاف الإجراءات الإسرائيلية في القدس أو غيرها.
لهذا لا أرى في الأفق
القريب تسوية أو عودة لطاولة المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، خاصة أن
نتنياهو يشعر بغرور بعد التطبيع الذي حصل مع بعض الدول العربية، هذا يدفعنا للاعتماد
على أنفسنا وأن نضع أنفسنا في المواجهة السياسية، علينا تعزيز وحدة البيت الفلسطيني
الداخلي والعمل من أجل مصالح الشعب و تخفيف معاناته.
· ما هو
رأيكم بقرار بعض الدول العربية تطبيع علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي؟
تهافت بعض الدول
العربية لتطبيع علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي سببه الخوف والرعب الذي يسيطر عليها
من "إسرائيل". وهناك دول عربية أخرى سارعت لإعلان علاقاتها مع الاحتلال عن
قناعة تامة، لأسباب لها علاقة بطبيعة هذه الأنظمة وسياساتها. وأعتقد بعد سنوات سيتزايد
عدد الدول العربية التي ستطبع علاقاتها مع "إسرائيل".
أعتقد، ليس من مصلحة
الجانب الفلسطيني تفجير الخلافات مع أي من الدول العربية، لاوعلى القيادة الفلسطينية
الإبقاء على "شعرة معاوية” مع الأنظمة العربية.
المصدر: عبد
معروف - القدس العربي