القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

أبو مرزوق: علاقاتنا السياسية تبنى على التوازن والقدس هي البوصلة


الإثنين، 18 تموز، 2022

قال موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، ومسئول مكتب العلاقات الدولية، إن حركته حريصة على تعميق علاقاتها بحاضنتها العربية والإسلامية، مع الجانبين الرسمي والشعبي.

وفي حوار خاص مع "المركز الفلسطيني للإعلام" أكد أبو مرزوق أن حركته لا تتدخل في شؤون الآخرين، ولا تصطف بتكتلات ضد أخرى، ولا تعادي أيّاً من الأطراف في المنطقة، وعدوها المركزي هو الاحتلال الصهيوني، وأن البوصلة هي القدس.

وفيما يلي نص الحوار:

كيف تقيم حماس علاقاتها الإقليمية، لاسيما بعد زيارتَيْ لبنان والجزائر؟

حماس حريصة كل الحرص على تعميق علاقاتها بحاضنتها العربية والإسلامية، مع الجانبين الرسمي والشعبي، والحركة ما انفكت تحرص على التواصل مع الأنظمة في المنطقة، كما التواصل مع الأمة بكل تياراتها ومذاهبها وأعراقها ومكوناتها من أحزاب وهيئات ومؤسسات، ولا تعادي أيّاً من الدول والمكونات، وإذا ما اتخذت أي سلطة كانت سياسات بحقنا، نصبر ونحاول وندفع عن أنفسنا، ولا نقطع معهم من جانبنا.

في الفترة الأخيرة أجرى وفد رفيع برئاسة الأخ إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة زيارة إلى لبنان والجزائر، حيث التقى بمسؤوليهما، وكانت زيارتان مثمرتين، ولهما انعكاسات مباشرة على شعبنا وقضيته المقدسة، وتأتي الزيارتان استمرارا مع تواصلاتنا المستمرة والدائمة مع مختلف الدول العربية، والعديد من الدول الإسلامية.

لا يخلو الأمر من بعض العثرات في الطريق كعلاقتنا مع أشقائنا في السعودية، حيث قطعوا العلاقة، واعتقلوا ممثل الحركة الذي مثلها لأكثر من عشر سنوات بين عامي 1990-2000، ونحاول جاهدين حل المشكلات، ورفع المعوقات، والإفراج عن المعتقلين، ولا زلنا نحاول.

من الأهمية بمكان ملاحظة أن ما حصل في العقد الماضي في مختلف دول المنطقة ترك تأثيرًا كبيرًا على تموضع الحركة بين هذه الدول، وذلك لاعتبارنا جزءًا من الحركات الإسلامية المقاومة في المنطقة، مما ترك تأثيره علينا بصورة مباشرة وكبيرة، ونحاول جاهدين ترميم ما فقدناه من علاقات، وسنستمر في المحاولة، ونحاول ألا نخسر أحدًا.

مع العلم أن القاعدة التي نعمل من خلالها، أن يعمل كلّ حسب استطاعته، وألا نتدخل في شؤون الآخرين، ولا نصطف بتكتلات ضد أخرى، ولا نعادي أيّاً من الأطراف في المنطقة، وعدونا المركزي هو الاحتلال الصهيوني، وتحرير أرضنا، وعودة شعبنا هدفنا، والأمة هي حاضنتنا الأساس، حيث أننا نتصدى لأشرس مشروع عرفته المنطقة، ونحتاج لمساعدة الجميع، وكل من وقع عليه احتلال يتطلع إلى من يسند نضاله، ويدعم جهاده.

ما هي نظرة الحركة لما يقال عن إنشاء أحلاف أمنية وعسكرية في المنطقة؟

ج: هناك حرص إسرائيلي وضغط أمريكي على تعاون أمني وعسكري في المنطقة بمشاركة الكيان الصهيوني، ولعل الخلافات البينية بين دولها يشكل عاملا مساعدا لإفشال أي مخطط من هذا القبيل، وقد بدأ ذلك من خلال إنشاء حلف عسكري خلال زيارة ترامب الأولى للمنطقة، لكنه فشل قبل انطلاقه، ولم يعد سوى أماني لدى الأمريكان والصهاينة لا رصيد لها في الواقع، لأن العراق وقطر وعمان والأردن ومصر ضد أي حلف من هذا القبيل، كما أن قوانين مجلس التعاون الخليجي تحول دون تكوين مثل هذا الحلف.

مع العلم أن تصريح بايدن حول تعزيز أمن دولة الاحتلال جاء لمخاطبة اللوبي الصهيوني في أمريكا، بعد فشل خططه في علاج مشاكل الطاقة والغذاء بسبب حرب أوكرانيا، مما قد يؤثر مباشرة في التجديد له لولاية ثانية، وبجانب الجهود الداخلية لعودة الرئيس السابق ترامب للبيت الأبيض، فإن بايدن يواجه تحدياً أمامه لحل مشكلة الطاقة، وارتفاع أسعار النفط، ولذلك فهو يسعى لتشكيل أحلاف في المنطقة تكون دولة الاحتلال جزءًا منها.

إن سياسة حماس تجاه الأحلاف والمحاور، تكمن في كونها ترفض أن تكون جزءًا من أي حلف أو محور نظرا لجملة من الأسباب، أهمها أنها تسعى لتحصيل تأييد من كل الأطراف لحقوق شعبنا الفلسطيني، وقضيته العادلة من مختلف دول المنطقة وشعوبها، بما فيها الدول المطبعة، ولكن بصور وأشكال ودرجات مختلفة، مما يجعل من انضمام الحركة لأي طرف يحوِّل الطرف الآخر إلى خصم، ويجعل شعبنا الفلسطيني يدفع الثمن، وقد شكلت حرب الخليج الثانية 1991 نموذجًا لا يُنسى.

في الوقت ذاته، فإن التحالفات غالبًا ما تكون بين دولة كبيرة قادرة على حماية دول أخرى أقل منها قوة على قاعدة تنازل جزئي عن سيادة الدول الصغيرة نظير الحماية من الدولة الأكبر، أي أن الأحلاف غالبًا ما تكون بين دول، وليس بين دول وحركات، والدول ذات سيادة، والحركات فاقدة لها، وتسعى كي تتمتع بها، وتحتاج إلى دول لدعمها، رغم أن هذا الدعم يأتي ضمن مصالح قوية لهذه الدول، لأنها ليست جمعيات خيرية.

سبب ثالث يحول دون حماس والانخراط في أحلاف إقليمية، أن قضية القدس محل إجماع وطني وقومي وإسلامي، وأي تجمع يجب أن يكون داعمًا لأهلها، ومساندًا لمقاومتها، والعمل السياسي متقلب حسب المصالح المرجوة لكل طرف، ومصلحة شعبنا وحركتنا أن تبقى محل إجماع الأمة دون تفريط في دعم أي من دول المنطقة، ومهما كان تموضعها أو حتى موقفها من الحركة، فالقضية الفلسطينية تبقى هي الأساس، وبالتالي فإن مشاركة الحركة في أي تحالف أو تعاون ليست القدس وفلسطين والمقاومة عنوانه، فسوف يشكل عامل تمزيق للأمة واختلاف حول التعامل مع قضية فلسطين.

سبب رابع يتمثل في أن من أكثر الدول تأييدًا لمقاومتنا، وتطابقًا مع سياستنا تجاه فلسطين، هي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ونحن نتعاون معها في كل المجالات الحيوية للمقاومة، لكن ليس من مصلحتنا نحن وهم أن يكون هناك تحالف بيننا، لأنه يجلب عداوة للحركة في المنطقة العربية، والسنّة في العالم الإسلامي، وبالتالي فإن مثل هذا الحلف لا مبرر له، ولا يجلب لإيران مصلحة مرجوة من ناحية، ومن ناحية أخرى يؤثر على تموضع الحركة في العالم الإسلامي، وبالتالي فلن نكون مفيدين لإيران إذا وقفت الأمة، أو جزء منها في الموقع الآخر.

هل تعتقد الحركة أنها مستهدفة من التحالفات الجاري إقامتها؟

أعتقد أنه لا تحالفات على مستوى المنطقة ستنجح إذا كانت دولة الاحتلال جزءًا منها، كما أن المطروح من التحالفات مواجهة إيران، وفي هذا خطر شديد على قضيتنا الوطنية من زاويتين، أولاهما أن ايران تقف بجوار مقاومتنا، وفق سقف لا يجاريها فيه أحد، وثانيهما أن عدو المنطقة المركزي هو المشروع الصهيوني، وتحويل العداء إلى ايران فيه خطورة شديدة على مستقبل الصراع مع الاحتلال.

مع العلم أن الحركة مستهدفة من المشروع الصهيوني، والغرب في عمومه أصحاب المشروع الصهيوني، وداعموه، وحماته، منذ وعد بلفور، ثم إنشاء الكيان ذاته، حيث تم تسليحه، وحمايته دوليًّا، ثم الضغط على دول المنطقة للتطبيع معه، ومحاربة حماس، وتجفيف مصادر تمويلها، لاسيما بعد انتهاء الحرب الباردة وانتصار الغرب فيها، وتفكيك الاتحاد السوفيتي، وتفرد أمريكا في المنطقة والعالم، وبالتالي فإن الحركة مستهدفة على كل الأحوال.

إلى أي حد تعد الحركة أن القضية الفلسطينية متضررة من هذه الأحلاف؟

لقد شهد تاريخ القضية الفلسطينية نشوء عدد من الاصطفافات، التي تركت أضرارها على شعبنا الفلسطيني وقضيته، سواء حين وقف الفلسطينيون مع مصر في صراعها مع السعودية في نصف القرن الماضي، وطرد عشرات آلاف الفلسطينيين من السعودية إبان حرب اليمن في منتصف الستينات، مرورا بوقوف اليسار الفلسطيني من ثورة ظفار مما جعل سلطنة عمان تأخذ موقفًا من الفلسطينيين، وصولا إلى حرب الخليج الثانية، واصطفاف الأخ أبو عمار رحمه الله بجانب صدام حسين، مما دفع دول الخليج لاتخاذ موقف ضد الفلسطينيين، وطرد آلاف منهم.

لعلي أقول أن تراجع القضية الفلسطينية بهذا الشكل مؤخرًا سببه الأساسي تغيير وجهة م. ت. ف من المرجعية العربية إلى الاعتماد على الاتصال المباشر بالكيان الصهيوني، وجعل البيض كله في سلة الأمريكان.

ما هي معايير درجة تقارب أو ابتعاد حماس من التحركات الإقليمية الجارية؟

يجب ألا تكون حماس بعيدة عن التحركات الجارية في المنطقة، وهي كذلك، وعندنا قدر من التواصل الرسمي مع عدد من دول المنطقة، والتعاون معها لمواجهة الأخطار المحتملة ضد قضيتنا وشعبنا، كما لدينا شبكة اتصالات شعبية واسعة نصل من خلالها لكل مكونات الأمة، ونؤثر ونوجه البوصلة في الاتجاه السليم من التحركات الإقليمية الجارية، كما أننا نحوز الفعل الأكثر تأثيرًا من خلال مقاومتنا للمشروع الصهيوني في قلب فلسطين، وسنواجهه على كل الصعد بالإمكانيات المتاحة، سواء المقاومة الفعالة على الأرض وهي الأساس التي ستحدد المستقبل، بجانب العمل في مجالات ملاحقة الاحتلال في أروقة القضاء العالمي، وفضح انتهاكاته لحقوق الإنسان، مع العلم أن معظم الأطراف الفاعلة في القضية تتواصل مع حماس، بعضها علنًا، ومعظمها سرًّا، أو بطريقة غير مباشرة.

كيف تسعى حماس لمعارضة التطبيع، وفي الوقت ذاته عدم الوصول إلى قطيعة مع الدول المطبعة؟

ليس من الضرورة تطابق مواقف الحركة مع مختلف الدول، وبالتالي فلا يعني تطبيع أي نظام عربي مع الكيان الصهيوني وقف العلاقة مع الحركة، فقد يرى أي نظام مصالحه تتحقق بعلاقة جيدة مع الكيان الصهيوني ومعنا في نفس الوقت، لأن الأمور ليست أبيض وأسود، بل هنالك إكراهات في السياسة، واضطرارات عند الأنظمة تقدرها لنفسها مع عدم تدخل الحركة في سياساتها.

في الوقت ذاته، فإن التطبيع الرسمي قد لا يلحق به التطبيع الشعبي، كما هو الحال في مصر، فرغم دخول التطبيع معه لأربعة عقود، إلا أن النقابات والهيئات والدوائر الشعبية لم تتعامل مع الكيان الصهيوني إطلاقًا، بحيث يفصل منها كل من يسافر لفلسطين المحتلة، مع العلم أن التطبيع ضرره بليغ على القضية والشعب، ويجب مقاومته، وبالقدر الذي ينجح فيه التطبيع يتراجع التأييد للقضية الفلسطينية، وهذا واضح في الاتفاقيات بين الكيان الصهيوني والدول التي طبعت معه.

الخلاصة، أننا كحركة نقاوم التطبيع على كل المستويات الوطنية والرسمية والشعبية والأمة والهيئات، لكن ظروفنا الصعبة، وحجم العداوة للحركة، والضغوط عليها من الغرب تؤثر على فعالية برامجنا وسياساتنا وخططنا في هذا الصعيد.