الأسير المحرر حسام بدران لـ«فلسطين المسلمة»:
قبل عامين من أسر شاليط قلت للصحافة إني سأخرج بعملية تبادل أسرى
الأمّة أظهرت قوتها ضد الاستبداد وتنتظرها معركة تحرير فلسطين
الأربعاء، 10 تشرين الأول، 2012
القائد الأسير حسام بدران إلى الحرية بعد أكثر من من عشرة أعوام في الأسر، وحوالى 25 عاماً على انتمائه لحركة المقاومة الإسلامية (حماس). يتحدث في حوار مطوّل مع مجلة «فلسطين المسلمة» عن مرحلة تأسيس «كتائب القسام» في شمال الضفة الغربية، وعن جهاده، ومحاولة اغتياله، ثم اعتقاله. ويروي حكايات عن تحدّي السجان، وكيف استقبل خبر أسر شاليط، وصولاً للإفراج عنه بعملية «وفاء الأحرار»، ولقائه بعائلته.
- لو تعطونا بداية موجزاً عن حياتكم؟
حسام عاطف بدران، والمعروف باسم أبو عماد وهي كنية رافقتني منذ الطفولة حتى غلبت على الاسم الأصلي. ولدت عام 1966، وعشت حياتي كلها في مخيم عسكر القديم بنابلس. وأنهيت الدراسة الأساسية في مدارس وكالة الأنروا. والثانوية في المدينة. حصلت على البكالوريوس في التاريخ من جامعة النجاح الوطنية، وبدأت مرحلة الماجستير في عام 1994. وما زلت أكمل الرسالة بسبب تأخري نتيجة الاعتقالات المتكررة.، والتي كان آخرها عام 2002. خرجت من السجن في عملية "وفاء الأحرار". متزوج ولدي طفلان جمان وعماد الدين.
- ماذا عن حسام بدران، وجهاده الصحفي؟
عملت مديراً لمكتب نابلس للصحافة، والذي كان يتابع تطورات الأحداث على الساحة الفلسطينية. وقد تعرض هذا المكتب للإغلاق اكثر من مرة على يد الاحتلال، وكذلك السلطة الفلسطينية. ومن المفارقات أنني كنت أحتاج إلى الانفتاح والظهور، وهو من متطلبات العمل الصحفي في حين ان عملي في المقاومة يحتاج السرية والابتعاد عن الأضواء. غير أنني بفضل الله تمكنت من الجمع بين النقيضين حتى وصفني المحتل يوم اعتقالي بقوله «صحافي في النهار مخرب في الليل».
ثم واصلت عملي في الإعلام داخل السجن وتسلّمت مسؤولية اللجنة الاعلامية في الهيئة القيادية العليا
لأسرى حماس، وكتبت العديد من المقالات والتصريحات داخل السجن وبعد تحرري.
- كيف ومتى جرى انضمامكم لحركة حماس، ثم لكتائب القسام؟
انتميت لجماعة الإخوان المسلمين في بداية الثمانينيات حين كنت بالمرحلة الثانوية من دراستي. ومع انطلاقة حماس كنت من مؤسسيها في المنطقة، وأحد قيادتها مع بداية التسعينيات. وتسلمت في فترة لاحقة المسؤلية الأولى في حماس في شمال الضفة الغربية. أما علاقتي بالعمل العسكري لحماس فهي قديمة غير أن الأبرز فيها كان دوري في إعادة تأسيس قيادة كتائب القسام في شمال الضفة الغربية مع انطلاقة انتفاضة الاقصى في العام 2000، واتشرف بأنني كنت المسؤول المباشر عن الإخوة المطاردين في هذه الفترة. واستمر دوري على رأس العمل حتى اعتقالي في عام 2002 بعد محاولة اغتيال، حيث اتهمني الاحتلال بالمسؤولية عن مقتل أكثر من 120 صهيونياً وإصابة المئات.
- كيف جرى تطوير الكتائب؟
بدأت «كتائب القسام» منذ بدايات التسعينيات بطريقة متواضعة، وخبرات محدودة، وعتاد قليل، لكنها تطورت شيئا فشيئاً لأن الفكرة كانت تعيش بقلوب أصحابها، وبذلوا من أجلها كل ما يملكون، وتضافرت الجهود، وتمازجت الخبرات من كل المناطق. وسخّر المجاهدون كل طاقاتهم من أجل تقدم مسيرة المقاومة. وابتكرت أساليب جديدة أربكت العدو، وأفشلت مخططاته، وكان من أهمها العمليات الاستشهادية النوعية، وتعمقت خبرات تصنيع العبوات، وعمليات إطلاق النار. ثم جاءت مرحلة الصواريخ، وحرب الأنفاق، وحتى صارت كتائب القسام تشكل تهديداً حقيقياً لجنود الاحتلال ومستوطنيه.
- من هم المجاهدون الذين تركوا انطباعاً مؤثراً في حياتكم؟
هذا سؤال تصعب الإجابة عليه لأن لكل مجاهد انطباعاً خاصاً يجذبني إليه، وهم كلهم أخيار سواء من اختاره الله إليه أو من بقي أسيراً في سجون الاحتلال. ومع ذلك فأنا أتذكر ثلة منهم عملنا معا أولهم شيخ المجاهدين يوسف السركجي، صديق العمر ورفيق الدرب، أيمن حلاوة الذي يعمل دون كلل أو ملل، ومهند الطاهر المتحفز دوما، وأبو هنود الذي عاش للمقاومة والجهاد، ونصر عصيدة الذي لا ينام ولا يدع احداً ينام، ونسيم أبو الروس العامل بصمت، والأسير أمجد السايح الذي لا تعرف همته الفتور، ومن قبل القائد المميز عبد الناصر عيسى، واخرون كثر لا تتسع الصفحات للحديث عن واحد منهم فكيف نوفيهم حقهم مجتمعين.
- ماذا عن الاعتقالات؟
تعرضت للاعتقال أربع مرات سابقة، قبل الاعتقال الأخير، كانت بدايتها في عام1990 حيث خضعت لتحقيق شديد في سجن نابلس ثم حولت للاعتقال الإداري، ثم تكرر الاعتقال في عام 1993، وكذلك في عام 1994 حين دخلت تحقيق عسقلان لمدة ثلاثة شهور متواصلة وقاسية، وذلك بتهمة قيادة حماس في شمال الضفة الغربية. وقد أكرمني الله بالثبات والصمود رغم وجود اعتراف مباشر علي بذلك. وتم إطلاق سراحي من التحقيق وكنت حينها في فترة الخطوبة، حيث تزوجت بعد الافراج بأيام قليلة، وكان حفل الزواج بمثابة تحد للمحتل. ثم أُعدت للتحقيق في سجن الجلمة بعد عدة شهور بنفس التهم ولعدم اعترافي حولت للاعتقال الاداري الذي استمر قرابة الثلاث سنوات متواصلة، استمرت حتى اواسط عام 1998، وبعدها لم اغادر مدينة نابلس التي كانت تخضع للسلطة الفلسطينية خشية تعرضي للاعتقال من جديد، وهو ما كانت تهدد به سلطات الاحتلال، وعليه فقد عشت في سجن أكبر لسنوات اربع حتى اعتقالي الأخير في عام 2002.
- كيف جرت محاولة اغتيالكم، ثم اعتقالكم؟
حينما اشتدت عمليات جيش الاحتلال أثناء حملة السور الواقي، وتم اقتحام البيوت وتفتيشها، ومن ضمنها منزلي في مخيم عسكر القديم الذي جرى مداهمته وتفتيشه بدقة، ثم هدم جزء منه وأحرق الباقي اضطررت للخروج إلى الجبال والبقاء فيها فترة. ثم انتقلت إلى منطقة الاغوار وتحصنت في إحدى البيارات هناك، وفي اليوم التالي اثناء جلوسنا تحت الأشجار أنا وبعض إخواني فوجئنا بصاروخ من طائرة حربية F16 يطلق باتجاهنا، وحين حاولنا الابتعاد استهدفنا صاروخ آخر ثم حلقت فوقنا طائرتان مروحيتان وبدأتا بتمشيط المكان باستخدام الرشاشات الثقيلة واستمر القصف لفترة تجاوزت نصف ساعة. وكانوا يطلقون النار على كل هدف يتحرك، ونتيجة لذلك استشهد اثنان من المواطنين حولنا، واصيب ثلاثة من رفقائي. وحين هدأت الأمور قليلاً حاولت الابتعاد عن المنطقة بعد أن قمت بمساعدة اثنين من الإخوة المصابين.
وما إن غادرت البيارة حتى فوجئت بالعشرات من جنود الاحتلال ومن الوحدات الخاصة يحاصرون المكان بإحكام حيث تم اعتقالي، وخضعت لتحقيق ميداني تحت تهديد السلاح، وكنت أسخر من المحقق قائلا له: كأنك لا تعرفني ولم تقرأ ملفي من قبل، وأنت جاهل حين تظن أنك ستأخذ مني اعترافاً بهذه السهولة. ثم بدأ يهددني بأني لن أرى الأشجار او السماء مرة اخرى حتى أموت، فسخرت منه مرة اخرى وقلت له: قد قال هذا الكلام آخرون من قبلك، وخرجت بفضل الله، وتزوجت، ورزقت بالأولاد والامر ليس بيدك بل في يد الله تعالى.
- كيف تصف التحقيق؟
تم تحويلي إلى تحقيق يسمى «بتاح تكفا»، وتواصل التحقيق ليل نهار عدة أيام حتى تم نقلي إلى ما يعرف بالتحقيق السري؛ وهو معسكر لجيش الاحتلال في شمال فلسطين لا يعرف مكانه بالضبط، ولا يسمح للصليب الاحمر أو للمحامين بزيارته. وكنت النزيل الأول فيه لمدة شهرين متواصلين دون أن أرى أحداً غيرالمحققين، خاصة أنني كنت في البداية وحيداً في المركز كله. ثم نُقلت إلى تحقيق الجلمه لمدة شهرين آخرين. وتعاقب علي في التحقيق قرابة الخمسين محققاً من جهاز الشاباك. يتناوبون في الليل والنهار، ويجتمع علي في بعض الاحيان عشرة منهم. واستخدموا أنواعاً من الضغط الجسدي الذي أقروا بحصوله لاحقاً في وثيقة رسمية وقعت في يد المحامي عن طريق الخطأ. وكانت التهمة الموجهة الي هي قيادة «كتائب القسام»، والمسؤولية عن مقتل 120 صهيونياً وإصابة المئات، وهذا يعني حكما بآلاف السنوات في حالة الاعتراف، لكن الله ثبت وأعان فلم تثبت عليّ سوى بعض الأمور البسيطة وحكمت عليها 18 عاماً كنوع من الانتقام والردع.
ما زلت أذكر من مضحكات تلك المرحلة أنهم حاولوا مرة سؤالي عن وضعي التنظيمي في قيادة حماس فقلت لهم: أنتم اعتقلتموني في هذه المرة بتهمة قيادة «القسام» وهي مدار التحقيق، ولن أسمح لكم بفتح أي ملف آخر للحديث أو السؤال، فجن جنون المحقق، وصار يصرخ ويسأل من الذي يحدد مجريات التحقيق, أنت هنا سجين لدينا, فقلت لهم بهدوء كامل: أنا الذي أحدد كيف يسير التحقيق. واستمرهذا النقاش يومين متتاليين حتى يئسوا من الموضوع، ولم يفتحوه معي مرة أخرى.
- كيف تصف يوميات السجن؟
السجن أسوأ مكان يمكن أن يحيا فيه الإنسان الحر، وهو الخيار الأصعب للمجاهد لأنه مزيج من القهر والمعاناة والألم والحرمان من الأهل. ويزعجك فيه ابتعادك عن ساحات المقاومة في الميدان, والحياة فيه رتيبة عموماً لا تكاد تجد فيها شيئاً مغايراً. ومع ذلك تمكنا بفضل الله تعالى، ونتيجة لعملنا الجماعي المنظم من الاستفادة من سنوات اعتقالنا. وتمكنا كذلك من تنمية شخصياتنا، وتفعيل قدراتنا، وإمكاناتنا في مختلف المجالات الثقاقية والتربوية والفكرية والاجتماعية. كما واجهنا السجان، وتحدينا إجراءاته، وهزمنا السجانين مرات عديدة. وتقدّمنا رغم الألم، وتطورنا رغم الجرح، وأنجزنا رغم الحصار، والتضيق. ودرس بعضنا، وتعلم آخرون الخطابة والكتابة. عشنا أفراحنا وأحزاننا كعائلة واحدة، بل كجسد واحد، إذا اشتكى أحدنا من شيء تداعى له البقية دون تردد.
أما على المستوى الشخصي فقد كنت خطيباً دائما للجمعة في السجن. وألقي المحاضرات، وأعقد الجلسات الفكرية والتربوية والسياسية. كما تمكنت بفضل الله تعالى من تأليف عدة كتب أولها «كتيبة الشمال»، والذي يحكي تجربتنا في العمل العسكري شمال الضفة. ويوضح بعض التفاصيل، ويضع دروساً وعبراً تفيد كل مقاوم. كما أنه احتوى سير بعض الشهداء الذين عايشتهم وعرفتهم عن قرب، وقد تمت طباعته في غزة أثناء اعتقالي, وآمل أن يطبع ثانية قريباً. وهناك عدة كتب أخرى لم تطبع للآن حتى ييسر الله الأمر ومنها «مواعظ في القيد» في السلوك والتربية. و كتب له تقديماً فضيلة الشيخ حامد البيتاوي رحمه الله. وهناك كتاب «خطب تحت الحراب» يفصل ملابسات وإشكاليات وصعوبات خطبة الجمعة داخل السجن. ويحتوي على عدد من خطبي مع توضيح ظروف كل خطبة وزمانها ومكانها. كما يوجد كتاب «محاور في فقه السياسة و الجهاد»، وهو ليس كتاب فقه شرعي بل نظرات فكرية في هذه الميادين. وهناك «حماسيات في الفكر والدعوة السياسية» من وحي التجربة والخبرة لكن مادته لم تكتمل بعد. لكن زبدة كتاباتي كانت في كتاب «لافتات على طريق المقاومة» والذي يوضح فلسفة مقاومتنا في حماس، وتأصيلها الشرعي، ويتحدث عن موقع المقاومة في حركتنا وأثره في رفعتها وتقدمها. ويعالج دور القيادة والجند في المعركة. وأنا أظن أنه يلزم الحركة خاصة في هذه المرحلة، وما زالت هذه الكتب تنتظر الطباعة والنشر وعسى أن يتم ذلك قريباً.
- كيف استقبلتم خبر أسر شاليط، ثم خبر الإفراج عنكم؟
كنت وما زلت لا أحب ذكر اسم الجندي الأسير لأنه اشتهر أكثر مما يستحق، ومع ذلك فقد سمعت بخبر الأسر وأنا في سجن بئر السبع بعد أيام من نقلي إليه، حيث كنت في سجن جلبوع قبل ذلك. كان الخبر مفاجئاً وساراً. اجتمعنا في الغرفة نحلل ونتابع التفاصيل حتى تأكدنا من نجاح العملية، وفتحت أمامنا آمال واسعة للحرية. وتتبعنا الأمر لسنوات مع الدعاء والاستغفار لإتمام الصفقة، حتى فوجئنا مرة أخرى بخبر الإعلان عن توقيع الصفقة، وكنت حينها في سجن جلبوع ونحن مضربون عن الطعام لعدة أيام. واستمعنا إلى تفاصيل الصفقة عبر «راديو» أخفيناه بحرص، لأن السجان صادر كل حاجياتنا بسبب الإضراب. كنا متحلقين حول الراديو نسمع قائمة الأسماء, مشهد لا يمكن وصفه فرحت كثيراً عند سماع اسمي لكني لم أظهر ذلك لأن بعض الإخوة ممن كانوا معي لم تكن أسماؤهم في القائمة، ودخلنا مرحلة التناقض في المشاعر والبعثرة في الحواس, فرح وحزن , أمل وألم, ابتسامة ودموع, حرية وسجن.
- هل فوجئتم بالتطورات خارج السجن؟
خرجنا من السجن إلى الإبعاد مباشرة؛ إلى سعة الدنيا وانفتاحها، وأنا ما كنت يوماً خارج فلسطين من قبل. الحياة مختلفة، والتطورات كثيرة على كل الأصعدة، والأمور متباينة في جميع المجالات. فاجأنا كثير من الأمور رغم اننا كنا نتابع ما استطعنا عبر الإعلام. واجهنا صعوبات في التعامل مع بعض القضايا كالأموال، والسفر، والتنقل في المطارات، ودخول الفنادق وغيرها مما يراه الناس أمراً طبيعياً, لكننا كنا معنيين أكثر بالتعرف على واقع المقاومة، وعلى مدى دعم الأمّة لقضيتنا عموماً ولموضوع الاسرى خصوصاً.
- هل كنت تظن أنك ستخرج يوماً ما؟
الأسير يعيش سنوات سجنه كلها على الأمل، وأنا ما فقدت الثقة بالله تعالى يوما ماً, فكلما ضاقت علينا الأمور كنا نظن أن الفرج قد اقترب. لكننا بصدق نخضع أحياناً لحالة «حتى إذا استيأس الرسل»، فنحن بشر لنا مشاعر وأحاسيس، لكننا عموماً كنا نتطلع للحرية. وأنا أذكر أن صحافياً صهيونياً أجرى لقاء معي في 2004 في سجن «هداريم»، وكان مما سألني يومها: هل تعتقد أنك ستخرج من السجن يوماً ما؟ أجبته حينها بأني على ثقة بأنني سأخرج من خلال عملية تبادل أسرى. وقد اطلعت مؤخراً على نص المقابلة بعد أن أعاد الصحافي نشرها ثانية يوم تحرري، و قال فيها إن حسام بدران تحدث عن التبادل قبل ما يقارب العامين من عملية أسر الجندي، وأنه تحرر بعد ذلك بسبع سنوات تقريباً. وأنا ما كنت أعلم الغيب غير أنني أفهم المقاومة.
- كيف التقيت عائلتك؟
مُنعت زوجتي وأطفالي من الانتقال إليّ، وتمّت إعادتهم عن الحدود أكثر من مرة, حتى سمح لهم أخيراً بالسفر والاجتماع بي بعد عدة شهور من التحرر. لحظات اللقاء لا توصف، والمشاعر لا حدود لها, كان ذلك بالنسبة لي حياة جديدة وميلاداً آخر. للمرة الأولى عانقت العائلة مجتمعة وسط دموع الفرح والسعادة. موقف لا تكفي الكلمات للحديث عنه، ولعل من شاهد منظر اللقاء من خلال برنامج «موعد في دمشق» على قناة القدس يستشعر حالة الأسرى ومعاناتهم بحرمانهم من أهلهم. ومع ذلك فقد منع الاحتلال والديّ من السفر رغم اقترابهم من التسعين عاماً حتى توفي والدي رحمه الله قبل شهرين دون أن أراه. وما زال المحتل يمنع والدتي من عبور الحدود حيث أعادها مؤخراً للمرة الثانية في خطوة تدل على مدى إجرامه وحقده وغطرسته.
- هل من كلمة أخيرة؟
أقول لإخواني الأسرى أولاً أنتم في القلب والعقل والوجدان. لن أنساكم ما حييت, همكم همنا, قضيتكم قضيتنا, أهلكم أهلنا, وسوف أحمل معاناتكم وأنقلها للجميع حتى يأذن الله بالفرج. أقول لحماس قيادة وجنداً, أنتم أمل الأمّة, ما زال الطريق أمامكم طويلاً, فلسطين تنتظركم، ونحن على موعد مع القدس بإذن الله.
أقول للأمّة قد رأيتم مدى قوتكم من خلال ثوراتكم على الظلم والاستبداد، لا تنسوا أن المعركة الأهم هي في فلسطين. وأن جهودكم مطلوبة من أجل تحقيق النصر والتمكين.
المصدر: مجلة «فلسطين المسلمة»، عدد تشرين الأول (أكتوبر) 2012