القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

الحاج أبو قاسم جراد لا زال يحلم بالعودة رغم مرور 74 عاماً على النكبة



محمد السعيد، خاص/ لاجئ نت

يكفي لمن فاتته ملامح النكبة، أن يزور أحد المخيمات التي تحتضن أبناء الشعب المنكوب، حتى تتضح في مخيلته الصورة كاملة، وترى الاف العيون المتعبة والحزينة التي تعيش في ثنايا أزقة والبيوت التي انهكتها مرارة انتظار الايام القليلة التي وعد بها اللاجئون على أمل العودة..

ربما جميعنا سمع هذه العبارة من أجدادنا "ما توخدي كل الاغراض، كلها يومين ونرجع" ، وها نحن اليوم نحيي ذكرى الـ74 للنكبة وما زلنا ننتظر العودة.

ذكريات أليمة عاصرها من عايش النكبة عام 1948، وسمعنا من أجدادنا كيف ارتكب العصابات الصهيونية المجازر بحق العائلات الفلسطينية في مدنهم وقراهم مما اضروا الى هروبهم مجبرين حفاظاً على أرواحهم وحفاظاً على ما تبقى منهم من قيد الحياة، هذه المجازر التي طالت كل شيء حتى الشجر والحجر والحيوانات لم تسلم من جرائمهم البشعة التي يشهد عليها تاريخ النكبة وتشريد أجدادنا إلى بقاع الأرض كلها.

ورغم مرور 74 عاماً على النكبة إلا انهم ما زالوا يتلهفون شوقاً الى هذه الأرض.

بمزيج من المرارة والأسى يقطران من كلمات اللاجئ الفلسطيني محمد أحمد رشيد جراد (أبو قاسم) وهو يتذكر ما جرى في قرية الناعمة قضاء صفد خلال نكبة فلسطين عام 1948.

ويبدو جراد وهو من مواليد عام 1934 حاضر الذهن وهو يستحضر احتلال العصابات الصهيونية لقرية الناعمة متغلباً على مشاعره الحزينة، لتعود به الذاكرة إلى الصفحات المأساوية التي عاشها أبان النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني قبل 74 عاماً وما زالت آثارها حية إلى يومنا هذا.

وقال جراد في مقابلة مع شبكة لاجئ نت الإخبارية أنه كان في العمر الرابع عشر عندما أجبر على الخروج من فلسطين، شارحاً أصعب محطات اللجوء بعد الترحيل وما رافق ذلك من مجازر وقتل، كانت في البداية.

وأضاف الحاج أبو قاسم أنه هجر مع عائلته بالقوة، تاركا خيرات بلدته وآلاف الدونمات من الأراضي، حيث استقبلتهم مخيمات وكالة الغوث بخيام وخدمات متدنية، لم تقهم برد الشتاء.

يتحدث جراد عن قرية الناعمة بانها كانت ارض خصبة أشبه بسهل البقاع وكان بها أربع مواسم زراعية، مستذكراً قريته ومنازلها التي كانت عبارة عن طين باستثناء مدرسته التي كانت من الحجر والاسمنت ووهي عبارة عن غرفة كبيرة فيها أربع صفوف من الأول حتى الرابع.

وتابع جراد حديثه قائلاً: "بتذكر الاستاذ الي علمني كان من قرية الصالحية اسمه قاسم المصري، انا وصلت لصف الثالث وبعدها صارت الحرب وما عاد قدرت اكفي، بتذكر بصف الأول كنا نتعلم القراءة وكان اسمها وقتها "راس روس"، ولما طلعنا من فلسطين بدأت الاونروا تفتح المدارس كانت على المناهج اللبنانية، وبالصف الثاني كنا ندرس بجنب القراءة التاريخ والجغرافيا والزراعة، وكل سنة جديدة كنا نتعلم اشياء اكثر، وبالنسبة للزراعة كنا نتعلم الزراعة بجنينة المدرسة (الحديقة) وكانت كبيرة عبارة عن 15 دونم تقريباً بينما المدرسة هي غرفة كبيرة".

وأضاف جراد "وبالنسبة للبيوت كانت من الطين والسقف من الخشب والقصب وبتلاقيها بالصيف باردة وبالشتوية دافية. وكانت النسوان (النساء) تطبخ على الحطب وتخبز الخبز على الصاج، بتذكر كان بكل بين في طاحونة تطحن النسوان الذرة وبنعمل منها خبز، أو بنخلطها مع القمح".

وعن سبب هجرته قال جراد، انه في اليوم الـ14 من أيار عام 1948 قامت كتيبة البماح بهجوم على القرية واحتلتها في إطار عملية يفتاح، وتم تطهير القرية ودمرت بالكامل وكان من اهدافها السيطرة على مدينة صفد ونشر الذعر في صفوف اهالي القرى المحيطة بمدينة صفد.

وأضاف جراد بان جيش الانقاذ طلب منهم الخروج من القرية عدة أيام ومن بعدها تتم العودة ريثما يتم تحرير القرية من العصابات الصهيونية، خوفاً على أهالي القرية من التطهير والقتل.

ولم يكن يتصور الحاج أن اليومين سيصبحان 74 سنة من الشتات والغربة والفرقة والنكبة والذكريات الأليمة، لم يكن يخطر على بال أحد ان اليومين صارا 74 عاما، وما زلنا كفلسطينيين نعيش تحت قهر اللجوء وظلم الاحتلال.

وعن حلمه في العودة، لا زال يحلم بالعودة، مؤكداً بان فلسطين ستعود، لأن الشباب الفلسطيني اليوم أكثر وعياً ومؤمناً بقضيته ووطنه وعنده الاستعداد ليضحي بنفسه من أجل فلسطين.