الحية: تولي مشعل
مجدداً يعكس قناعة الشورى
غزة - حاورته/أمل
حبيب
بعد إعادة مجلس الشورى
في حركة المقاومة الإسلامية حماس انتخاب خالد مشعل رئيسا للمكتب السياسي واختتام انتخاباتها
الداخلية التي استغرقت عاما طوت الحركة صفحتها مؤخرا في القاهرة "برضا وإيثار"
كما صرح القيادي فيها خليل الحية الذي حاورته "الرسالة" للتعرف على أبرز
المستجدات على الساحة الفلسطينية والتغيرات التي طرأت على حماس بعد انتخاباتها الداخلية.
وكان من الصعب الحصول
على تفاصيل دقيقة مع سياسي محنك كالحية فيما يخص التشكيلة الجديدة لأعضاء المكتب السياسي،
فاكتفى بالقول: "تمت الانتخابات بتطبيق معاني الشورى وممارسة معاني الديمقراطية
بأعلى صورها وإشراف قضائي محترم مهني شفاف".
انتخابات حماس معقدة
بتعقد الوضع الفلسطيني
وأوضح القيادي في
حماس أن العملية الانتخابية تمت بنجاح بعد أن شملت كل الساحات والدول التي فيها وجود
لحماس، لافتا إلى أنها كانت طويلة ومعقدة بتعقد الوضع الفلسطيني، "لكنها توجت
بانعقاد مجلس شورى الحركة العام في جو من الصفاء والأخوة والمودة".
ماذا بعد انتخاب مشعل؟
وأوضح الحية أن خالد
مشعل وأعضاء المكتب السياسي للحركة نالوا الثقة من مجلس شورى الحركة في غزة والضفة
والخارج والسجون، منوها إلى أن الحركة لا يقودها شخص، "بل تقودها مؤسسة إلى جانب
أن تنوع أعضاء المكتب السياسي يدل دلالة قاطعة على قدرتها على الوقوف أمام التحديات
التي تواجهها".
وقال: "نتقدم
بالشكر إلى جمهورية مصر لاحتضانها انعقاد مجلس شورى الحركة على أرضها".
ويتساءل مراقبون:
ما الجديد لدى مشعل بعد 16 عاما؟، فرد الحية: "اختياره مجددا دلالة على قناعة
غالبية مجلس الشورى بأن مشعل يستحق أن يضطلع بدوره مجددا"، مشددا على أن
"أبو الوليد" لم يفرض نفسه على مجلس الحركة.
وطبقا للحية فإن مشعل
لا يستطيع وحده أن يقدم وحده كل شيء، منبها إلى وجود فريق من عدد من قيادات الحركة
التاريخية والوازنة ذات الكفاءات وتمتلك من الحيوية القدرة على التعامل مع الملفات
الوطنية والحركية والتنظيمية والدولية، "ما يؤهل المكتب السياسي إلى أن يكون قادرا
على أن يقدم كل ما هو جديد وأن ينتقل بالحركة إلى الأمام".
القدس بحاجة حماية
أكثر من اتفاقية رعاية
وفي السياق فإنه يرى
أن الدورة الانتخابية التي أطلق عليها اسم "دورة الشهيد الجعبري" تدل على
انتماء الحركة إلى برنامج المقاومة وحفظ كرامة الشهداء، موضحا أن التشكيلة الجديدة
للمكتب السياسي قادرة على التعامل مع القضايا المستجدة وقيادة الحركة في هذه الظروف.
وعند سؤالنا الحية:
هل حملت انتخابات حركة حماس أي مفاجآت؟، أجاب دون الإشارة إلى أسماء من خرج من المكتب
السياسي: "كل الثقة والتقدير لمن خرج من المكتب (...) نحن نجري انتخابات دورية
منذ عشرات السنوات، واكتفى بالقول: "أعان الله كل أخ استلم منصبا، وسلم الله من
أفلت من حمل الأمانة والمسؤولية العظيمة".
لكن: هل كانت نتائج
انتخابات الحركة مرضية؟، فيجيب الحية بثقة: "اللقاءات التي جرت مؤخرا كانت أعمق
وأكثر ورضا من أي اجتماعات سابقة".
الأسرى والشجب والاستنكار
وبعيدا عن انتخابات
الحركة الداخلية التي نقل لنا القيادي أبرز مستجداتها، انتقلنا إلى الحديث عن حدث لا
يقل أهمية عن سابقه، وهو ما تشهده السجون من حالة غضب وتوتر في صفوف الأسرى بعد استشهاد
الأسير ميسرة أبو حمدية نتيجة مواصلة قوات مصلحة السجون (الإسرائيلية) سياسة الإهمال
الطبي بحق المعتقلين الفلسطينيين.
ويتساءل أهالي الأسرى
عن دور الفصائل الوطنية والإسلامية اتجاه نصرة أبنائهم قائلين: هل يقتصر دور حماس أيضا
على الشجب والاستنكار؟
وهنا، استرجع الحية
تفاصيل صفقة وفاء الأحرار التي أعقبت عملية الوهم المتبدد، منوهًا إلى استمرار المفاوضات
غير المباشرة مع عدة وسطاء تحت رعاية مصرية لخمس سنوات، "وثبات الحركة على مطالبها
في سبيل الإفراج عن الأسرى".
وأكد أن حركة المقاومة
الإسلامية تستخدم الوسائل التي من شأنها أن تخفف عن الأسرى حتى الإفراج عنهم، مشيرا
إلى أن المقاومة لها ظروفها، ومؤكدا أن قيادة حماس تضع على سلم أولوياتها قضية الأسرى.
يد مقاومتنا طويلة
في حال خرق العدو التهدئة
وقال بحرقة:
"من المعيب أن يقال أن حماس يقتصر دورها على الاستنكار اتجاه ما يتعرض له الأسرى
بعد أن أنجزت صفقة وفاء الأحرار"، وأضاف: "إن لم يلتزم الاحتلال بتنفيذ مطالب
أسرانا وتقديم العلاج والحياة الكريمة لهم كما كفلتها القوانين فإن الحركة تعلم الأسلوب
الذي سيخرجهم، وعندما تتوافر الظروف لن نستأذن أحدا في الإفراج عن أسرانا".
وترحم القيادي على
شهيد الحركة الأسيرة أبو حمدية مثمنا وقفة الأسرى بأمعائهم الخاوية وهم يتحدون عنجهية
الاحتلال، لافتا إلى أن هذه الانتفاضة "وإن كانت على مستوى مصغر فإنها تنم عن
حالة الاحتقان التي يعيشها الشعب الفلسطيني والتضامن مع أبطال الشعب".
ودعا إلى ضرورة تضافر
كل الجهود الفلسطينية لكشف زيف الاحتلال وجره إلى المحاكم الدولية، مؤكدا أن ما يتعرض
له الأسرى خلف القضبان يدل على هشاشة عملية التسوية التي لم تستطع أن توقف آلام أسرانا
وذويهم.
ووفق رئيس كتلة حماس
البرلمانية فإن ما يجري اليوم يجعل الشعب الفلسطيني أكثر إيمانا بأن قضية الأسرى لن
تحل إلا بما استطاع شعبنا أن يخرج به الأسرى، "وهو اختطاف الجنود للتبادل".
مصير التهدئة
وعلى ما يبدو فإن
استشهاد أبو حمدية أثر بوضوح على الأوضاع الميدانية ونتج عنه احتجاجات في الضفة وإطلاق
صواريخ من غزة، ما يدفع نحو التساؤل عن مصير التهدئة مع الاحتلال.
وفي هذا الجانب، الحية
أوضح أن للتهدئة ضوابطها، منوها إلى أن المقاومة فرضت شروطها في حجارة السجيل،
"فألزمت الاحتلال أن ينصاع لها ويقبلها".
وذكر القيادي في حماس
أنه في حال إخلال العدو بشروط التهدئة فإن الحركة ستطلع الراعي المصري على خروق الاحتلال
حتى يفعل الراعي دوره لإلزام الاحتلال.
وقال: "لدينا
قدرة على الصمود وإيلام العدو، لكننا نأمل أن يلتزم ضوابط التهدئة"، مستدركا:
"نحن في موقع الدفاع عن أنفسنا وحماية مصالح شعبنا ولم نختر الحرب يوما، لكن يد
المقاومة ستكون طويلة وترغم العدو على التنازل".
المقترح القطري
وفيما يخص موقف حركة
حماس من رفض حركة فتح المقترح القطري لعقد قمة مصغرة للمصالحة والخطوات المقبلة في
هذا الملف، بين الحية أن حماس أكثر الجهات التي كانت تقدم المرونة الكافية لإتمام المصالحة.
ونوه إلى أنه لم يعد
خافيا على أبناء الشعب الفلسطيني أن معارضة أمريكا المصالحة هي ما يقف عائقا في وجه
إتمام الاتفاق إضافة إلى شروط الرباعية، وأكد أن حماس رحبت بالمقترح القطري، مشيرا
إلى أن حركته ترحب بكل جهد عربي وخطوة من شأنها أن تقرب إنهاء الانقسام "مع بقاء
مصر المحرك الراعي الرسمي والأساسي".
ولفت الحية إلى أن
المصالحة بحاجة أفعال لا أقوال ولقاءات، قائلا: "لقد قدمنا كل التسهيلات لإنجاز
انتخابات التشريعي والرئاسة، وحتى نتقدم خطوة فنحن بحاجة خطوات واضحة لإنجاز ملف المجلس
الوطني".
وبين القيادي أن كل
ملفات "الوطني" معلقة، متسائلا: "كيف سنفعل انتخابات مجلس وطني وتشريعي
في آن واحد"، وأضاف: "إلى متى سيبقى ملف الحريات معلقا والاعتقالات مستمرة؟".
وأكد أن المصالحة
بحاجة فعل واقعي حقيقي دون مواربة فتح خلف أسبابها، مشيرا إلى أن حماس جاهزة لتطبيق
كل ما اتفق عليه بالتوازي ورزمة واحدة.
كما نبه إلى ضرورة
التقدم في ملف الحريات والمنظمة بوضوح، مطالبا فتح بألا تقع في فخ إغراءات كيري وزيارة
أوباما وإمكانية إعادة المفاوضات.
وكانت السلطة الفلسطينية
قد رفضت اقتراح أمير دولة قطر حمد بن خليفة آل ثاني بعقد قمة عربية مصغرة في القاهرة
برئاسة مصر ومشاركة من يرغب من الدول العربية إلى جانب حركتي "فتح" و"حماس"
لدفع المصالحة الوطنية الفلسطينية بحجة أنها "تمس وحدة التمثيل الفلسطيني".
رعاية القدس
وحول اتفاقية رعاية
القدس التي وقعت بين العاهل الأردني عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس
ونصت على أن الأول هو صاحب الوصاية وخادم الأماكن المقدسة في المدينة، أوضح الحية أن
القدس ملك للأمة، قائلا: "نرحب بكل جهد ويد تحمي فلسطين والمقدسات".
ولكنه أشار إلى أن
القدس بحاجة حماية من التهويد والإبعاد أكثر من الرعاية المالية، "وهي بحاجة جهود
جبارة وصدق في هذه الحماية لا مجرد لقاءات وشعارات"، متسائلا: "من المسؤول
عن تهجير المقدسيين وضياع أملاكهم؟".
طبخة التسوية
وفيما يخص التسوية
بعد زيارة أوباما وجون كيري، قال: "ستحرق هذه الطبخة -عملية التسوية- في حال وصلت
أوانيها (...) هذا الجهد الذي يبذل يأتي لتحسين صورة الاحتلال وتقديمه من جديد إلى
المجتمع الدولي والمنطقة على أنه شريك وجار يمكن التفاهم معه".
ووصف الحية مشروع
التسوية منذ بدايته بأنه بائس، "وسيصل في النهاية إلى طريق مسدودة"، موضحا
أن مفاوضات التسوية لو كان لها أن تصل إلى حل لوصلت في أيام الراحل ياسر عرفات.
واختتم حواره لـ"الرسالة"
بتأكيد أن أمريكا تحاول تجميل صورتها مع الاحتلال للمحافظة على مصالحها أكثر من حماية
مشروع التسوية.
الرسالة نت، 9/4/2013