القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

الدكتور رمزي كريم في حوار خاص مع «شبكة لاجئ نت»: لنحسن الصيام والعبادة في شهر رمضان


أجرى الحوار/ محمد السعيد

أيام معدودات ونستقبل شهر رمضان، شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، شهر العتق والغفران، شهر الصدقات والإحسان، شهر تفتح فيه أبواب الجنات، وتضاعف فيه الحسنات، وتقال فيه العثرات، شهر تجاب فيه الدعوات، وترفع فيه الدرجات، وتغفر فيه السيئات..

عن شهر رمضان المبارك ، ومعانيه الايمانية واحكامه ، يجيبنا عضو هيئة علماء فلسطين في الخارج والحاصل على الدكتوراه في التربية الدكتور رمزي كريم..

بداية اهمية شهر رمضان وما ما الذي يميزه عن باقي الشهور وما هو سر بركته؟

أهمية الصيام: نجد اهمية الصيام وبركاته في ما رَوَاه الإِمامُ أحمدُ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: «أُعْطِيَتْ أمَّتِي خمسَ خِصَال في رمضانَ لم تُعْطهُنَّ أمَّةٌ من الأمَم قَبْلَها؛ خُلُوف فِم الصائِم أطيبُ عند الله من ريح المسْك، وتستغفرُ لهم الملائكةُ حَتى يُفطروا، ويُزَيِّنُ الله كلَّ يوم جَنتهُ ويقول: يُوْشِك عبادي الصالحون أن يُلْقُواْ عنهم المؤونة واآلأذى ويصيروا إليك، وتُصفَّد فيه مَرَدةُ الشياطين فلا يخلُصون إلى ما كانوا يخلُصون إليه في غيرهِ، ويُغْفَرُ لهم في آخر ليلة، قِيْلَ يا رسول الله أهِيَ ليلةُ القَدْرِ؟ قال: لاَ ولكنَّ العاملَ إِنما يُوَفَّى أجْرَهُ إذا قضى عَمَلَه». هذا العطاء الرباني في هذا الشهر المبارك لأكبر دليل على مكانة وأهمية شهر الصيام.

وفي الصحيحينِ ايضا عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قَالَ: «مَنْ صَامَ رمضان إيماناً واحْتساباً غُفِرَ لَهُ ما تقدَّم مِن ذنبه».

والله تعالى اختصَّه من بين الأعمالِ بإضافته إلى نفسه الشريفة إضافةَ تشريف، وفي هذا مَزِيَّةٌ عظيمة ليست لغيره من الأعمال. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ.) (رواه الامام مسلم، رقم الحديث: 115)

ويهدف رمضان إلى تحلي المؤمنين بصفات المتقين المقبلين بشوق على الطاعات، بل الفرحين بالطاعة عند فطره بعد أن تزين نهارهم بفعل الخيرات، والسير على سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتحقيق الأخوة والتكافل والتراحم مع الفقراء والمساكين بصدقة وزكام تدفع من الغني إلى الفقير تدخل الفرحة والبسمة عليهم.

واجمل ما في عبادة الصيام انها من العبادات القلبية والعملية والمالية، وهنا يتعزز مفهوم الإخلاص لله تعالى، وتطبيق الأحكام والسنن، وتحقيق التكافل والتراحم.

كيف نستقبل هذا الشهر والحفاظ على حماسة العبادة من غير التراخي بعد أيام ؟

ان نصوم صوم الاتقياء، فالصوم عبادة سرية لا يطَّلع عليها الا الله تعالى، ولذلك قسَّمه العلماء على مراتب، منها الظاهر: وهو الأكل والشرب وسائر الشهوات، وهذا صوم العوام. ومنها الباطن: وهو أعلاها، حيث يتعهد القلب وينقيه من أدرانه؛ لأن الإنسان كلما ارتقى عن المباحات وعن كل ما حرم الله يرتقى شيئًا فشيئًا إلى صوم الخواص، وهو أعلى درجات الصوم وفيه تخلص النفس الإنسانية إلى أعلى درجاتها.

أما عن الحفاظ على حماسة العبادة، فيجب تحقيق التوازن بين العبادة والعمل فلا اسراف في الطاعات.

ويجب علينا ترتيب أولوياتنا فى رمضان، فلا يجوز تقديم السنَّة على الواجب، ولا يجوز أن نسرف فى السنَّة ونضيِّع الواجب، إضافة الى تحقيق التوازن بين العبادة والعمل، فلا يسرف فى صلاة التراويح ليلًا وقراءة القرآن ثم يذهب إلى العمل صباحًا مجهدًا ولا يؤدى عمله على الوجه الأكمل فيضيع بذلك مصالح الناس.

ومن توفيق الله تعالى للعبد الاستمرار على الطاعة والتوفيق لها وأداؤها كما ينبغى، مؤكدًا أن شهر رمضان يحدث التوازن لدى المسلم؛ لأن الصوم جاء لغذاء الروح حيث تنتفع به الروح كما ينتفع الجسد بالطعام.

ما هي الاعمال المستحبة في هذا الشهر وما هي افضل الاعمال ؟

افضل الاعمال المستحبة في رمضان و التي يحرص عليها الصائمين: الإقبال على المساجد وإعمارها بالصلوات، وتلاوة القرآن، والاعتكافات، والذكر، واحياء ليلة القدر، والتهجد والقيم، وختم القرآن الكريم، والصدقات والزكاة واطعام الطعام، والزيارة للارحام والجيران، والاهتمام بأمور المسلمين والدعاء لهم.

ورمضان شهر الدعاء والتقرب إلى الله، فلا بد من الحرص على الدعاء في اوقات الاستجابة، وهي:

1) ليلة القدر.

2) جوف الليل الآخر ووقت السحر.

3) دبر الصلوات المكتوبات (الفرائض الخمس).

4) بين الأذان والإقامة.

5) ساعة من كل ليله.

6) عند النداء للصلوات المكتوبات.

7) عند نزول الغيث.

8) ساعة من يوم الجمعة وهي على الأرجح آخر ساعة من ساعات العصر قبل الغروب.

9) عند السجود في الصلاة.

10) دعاء الصائم حتي يفطر.

11) دعاء الصائم عند فطره.

هل تلحظون تراجعاً في حالة التدين في رمضان أو العبادة ؟

حالة التراجع وعدم الالتزام أو الإفطار في رمضان له أسبابه، منها: ضعف الإيمان وعدم الدراية بالعقيدة والأحكام الشرعية وجهلها، أو لما يبرره البعض بسوء الاحوال الاقتصادية، والظروف السياسية..

ومن الأسباب ايضا الكسل وعدم الرغبة في تحمل الجوع والعطش في رمضان أو الصبر لبعض الساعات على التدخين أو ما تشتهيه النفوس. ومن الأسباب الرئيسة غياب دور الاهل في تربية وتوجيه اولادهم، وضعف المحاضرات التربوية من مدارس ومساجد في معالجة الكثير من المظاهر السلبية في مجتمعاتنا وإعطاء الاولوية للقاء بمن قصر ودعوته بالحسنى للإقبال على الطاعات.

بعض المتعبدين يحرصون في رمضان على تقصد مسجد ما لسبب صوت قارئ أو ما إلى ذلك، أو بعض الأئمة قد يطيل في القنوت بشكل لافت للنظر أو ما شابه ذلك ما نصيحتكم في ذلك؟

يحرص بعض الصائمين في رمضان على التوجه إلى صلاة التراويح والتهجد الى مسجد ما لسبب الصوت او القارئ الجميل الندي الضابط لقراءته، وهذا الامر من طبائع النفوس ورغباتهم واهتماماتهم، والأصل هو تحقيق الخشوع والتدبر للآيات وفهمها ومعناها ومن ثم تطبيق الأوامر واجتناب النواهي، وليس الغرض من التراويح فقط تطريب الآذان والانس بسماع الصوت الجميل.

التأثير الإعلامي في رمضان ألا تشعرون أنه يزداد أثره على المجتمع بشكل سلبي كل عام عن سابقه؟

التأثير الاعلامي السلبي في رمضان يكمن في نشر مفاهيم مخالفة لشرعنا، ولعل من أخطرها ما يشجع على العلاقات المحرمة القائمة على الصداقات والزنا واختلاط الأنساب وقبول ذلك في الأسرة الواحدة، وممارسة الإجهاض بالإضافة الى نشر ثقافة العري والأزياء الغربية الفاضحة وتعاطي الخمور والمسكرات مع عرض مشاهد القبلات واللقاءات الحميمية الجنسية دون حياء. والهدف ايضا تشجيع النساء للتمرد على أزواجهن وجعل القوامة في أيديهن.

ومن اخطرها حث الشباب على مصاحبة الفتيات ومعاشرتهن دون رادع من دين أو حياء وكذا الفتيات المتزوجات.

إنه باختصار تبسيط للعلاقات المحرمة بطريقة مضللة، حيث يجعلون من الزاني والزانية أبطالا يتعاطف الناس مع قصتهم ويصورونهم على أنهم قدوات، ومن هنا اوجه دعوة للشباب بألا يستجيبوا للدعوات التي تهدف إلى إفساد قيمهم وأخلاقهم وإبعادهم عن المنهج المستقيم، ويكمن الواجب على العلماء توعية المجتمع بخطورة هذه المسلسلات، وعلى الأسرة مراقبة أبنائها وما يشاهدونه من أعمال وتوجيههم نحو الأفضل، وتحذيرهم من الأعمال التي تنعكس سلباً على أخلاقهم وقيم دينهم.

ختاماً: بماذا تنصح الإنسان المؤمن في رمضان؟

نصيحتي لكل مؤمن ان يعد العدة ويأهل نفسه ويرفع من همتها، وعلو الهمة مطلوب في هذا الشهر. ونتقرب الى الله عز وجل الى الطاعات شوقاً ورجاءً، رغبة ورهبة، لأن نحقق فيه أننا من أهل الريان باب الصائمين في الجنة فنكون من أهله ممن يدخلونه من بعد الرسول عليه الصلاة والسلام مطمئنين أننا قد وصلنا إلى درجة التقوى والإحسان في طاعتنا. ونقتدي بسنة النبي عليه الصلاة والسلام.

وأن نعيش مع القرآن الكريم قراءة المتدبر من خلال قراءة القلب والبصيرة والإدراك والفهم ولا نكتفي بتعداد الختمات القرآنية وان كانت جيدة، لكن حال المؤمن أنه مع كتاب الله عز وجل يسمع كلام ربه وهو يخاطبه.

وأخيراً علينا في هذا الشهر ان نتفقد الكبير والصغير من الفقراء والمحتاجين والمساكين في ظل هذه الأزمات الاقتصادية التي نعيشها، ومسحة على رأس يتيم تدخل الحنان الى قلبه وتحقق هدفاً من أهداف رمضان ألا وهو التكافل والأخوة الاسلامية ونسأل الله عز وجل القبول