الجمعة، 15
أيار، 2020
اعتبر رئيس (مركز الزيتونة للدارسات والاستشارات)
الأستاذ الدكتور محسن محمد صالح أن "سؤال مستقبل الكيان الصهيوني سيظل مطروحاً،
لأن المشروع الصهيوني على أرض فلسطين هو واقع في أزمة وجودية وأزمة جيواستراتيجية،
ناتجة عن وقوعه في بيئة عربية وإسلامية معادية تتعامل معه كسرطان. وبالتالي فإن شرط
بقائه مرتبط بضعف ما حوله، وحالة نهضة ما حوله مرتبطة بإضعافه. وهذه البيئة مهما طال
الزمن سوف تقوى".
كلام صالح جاء في حوار مصوّر
وشامل في الذكرى الثانية والسبعين للنكبة حول مستقبل القضية الفلسطينية والكيان الصهيوني،
من إنتاج "الأرض ميديا".
وتناول الحوار عدداً من المحاور من بينها الأثر
الديمغرافي، أزمات الكيان الداخلية وتأثيرها على مستقبله، ، تأثيرات التطبيع على مستقبل
الكيان، المقاومة، التسوية والسلطة، تأثير التغيرات الدولية على الدور الوظيفي للكيان
الصهيوني.
وشدد صالح على أن "هذا الكيان هو كيان هش قائم
على فكرة الأمن، وفكرة الانتعاش الاقتصادي. فأي هزات ذات طبيعة أمنية أو اقتصادية،
قد تتسبب في أن قسماً كبيراً من السكان في الكيان الصهيوني سوف ينظر إلى الخارج من
أجل الهروب من المكان".
أما الأزمة الثالثة، وفق صالح، فهي "أن هذا
الكيان قام على فرضية أرض بلا شعب، وأنه يستطيع أن يتخلص من الشعب الفلسطيني. لكن بعد
120 عاماً من المشروع الصهيوني، ما زال الشعب الفلسطيني متجذّراً في أرضه، صامداً،
يقاوم. فالنقيض للمشروع الصهيوني ما زال في أرضه، يطالب في حقه. فنحن أمام تهديد بنيوي
واستراتيجي لهذا الكيان".
وتحدّث صالح، عن التناقضات الداخلية الإسرائيلية، مشيراً إلى أنها كانت
منذ نشأة الكيان، لكن استطاع الصهاينة إدارة تلك الاختلافات والتناقضات، فهناك صهيونية
علمانية، وصهاينة غير متدينين، وآخرون متدينون، لكن كلهم يخدمون اليهود كشعب، ويلتقون
على دولة اليهود. ومع الوقت نشأت ثقافات، تختلف اختلافاً كبيراً عن الثقافة الأولى
حيث الاستعداد للقتال مع جيل التأسيس، الآن نوعية المستوطن اختلفت. دخلت فكرة العولمة،
والبحث عن اللذة. لكن إذا وجدت ضغوطات، حالة مقاومة كبيرة، أزمات اقتصادية واسعة، تهديد
وجودي، هذه التناقضات ستتفاقم. في الانتفاضة الثانية أبدى 25 بالمائة استعدادهم للهجرة،
ولم يكن الأمر تهديداً وجودياً، فكيف إذا تحوّل الأمر إلى أزمة وجودية؟".
واعتبر أن من نقاط ضعف المجتمع الصهيوني الأساسية
أنه موجود في بيئة معادية "وفي النهاية، أحبّ الكيان الصهيوني أم كره، سيأتي يوم
يضعف فيه، وسيأتي يوم البيئة الاستراتجية المحيطة ستقوى فيه. لن يبقى العرب والمسلمون
ضعفاء إلى ما لا نهاية، ولن يبقى هذا الكيان الصهيوني قوياً إلى ما نهاية. الشعب الفلسطيني
بقي على أرضه، وخط المقاومة، رغم الصعوبات، هو خط صاعد، وليس هابطاً. هناك تناقضات
كبيرة داخل الكيان الصهيوني، منها أن الجيل الثالث أصبح جيلاً استهلاكياً. جيلاً لا
يرغب بالقتال. وقدرته على القتال ضعيفة. التناقضات تظهر مع الأزمات في المستقبل".
أضاف "الكيان الصهيوني لا يستطيع أن يستقر
إلاّ إذا تحوّل إلى كيان طبيعي في المنطقة. الآن هذا جرى تطبيعه على الصعيد الرسمي.
لكن فشل في أن يصل على مستوى الشعوب والأمّة، وهذا جوهر أزمة مشروعه. في الإطار الاستراتيجي
هذا التطبيع سيفشل، وهو بالفعل فشل بالاستمرار. والحالة الشعبية في الأمة الرافضة للتطبيع
سوف تتصاعد".
وحول التوازن الديمغرافي، قال إنه "خلال ثلاث إلى خمس سنوات سيزيد
عدد الفلسطينيين عن عدد اليهود داخل أرض فلسطين التاريخية بحوالي 300 ألف. سيسعى الصهانية
للتهجير، سيسعون إلى إيجاد بيئات صعبة للفلسطينيين، سيسعون لقرارت دولية لاستملاك الأراضي
كما في صفقة ترامب، هنا تكمن أهمية إرادة الشعب الفلسطيني في التمسك بحقوقه. لكن في
النهاية سيصل الكيان الصهيوني إلى النقطة الحرجة، التي تسبب له الانهيار. لكن العامل
السكاني أحد العوامل في تثبيت الحق، لكن ليس كافياً للانتصار".
وأشار إلى أنه "يجب على المقاومة أن تدير الإمكانيات
بحكمة، وقراءة الواقع الاستراتيجي، دون التراجع عن أي قطعة من فلسطين. مع تطوير الإمكانيات،
أن تعي الواقع، أن توسّع من دائرة الوحدة الوطنية، تستطيع أن تعمل الكثير حتى يتحقق
تصحيح الخلل في الميزان الاستراتيجي، لكن الخط العام للمقاومة هو خط صاعد. مطمئنون
إلى انتصار خط المقاومة، لكن الصبر الاستراتيجي هو أساس في هذا الموضوع، مع وعي استراتيجي،
وتكامل استراتيجي".
وختم بالقول "المشروع الصهيوني ليس قائماً
على بطولات، بل على الأمن والاقتصاد، وحبل من الناس من خلال القوى الدولية التي تدعمه.
فإذا أنت أوجدت له أزماته من خلال العمل المقاوم، والانتفاضة، وإيجاد بيئة استراتيجية
تصل إلى نوع من التكافؤ الاستراتيجي معه، هو سيشعر في حالة الاهتزاز الكبرى، والتطلع
إلى الخارج للهروب".