خلدون الشريف تواصلنا مفيد وبنّاء مع المسؤولين الفلسطينيين ولا يمكن أن نتبع مع أي جهة مقيمة على أرضنا سياسة النعامة
الخميس، 18 تشرين الأول، 2012
رأى رئيس لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني خلدون الشريف ان الوضع في لبنان الآن أفضل بكثير مما كان عليه قبل أشهر ثلاثة مشددا على الاستمرار في مبدأ النأي بالنفس حفاظا كضمان وحيد للاستقرار في لبنان.
وإذ وصف العلاقة مع الفلسطينيين انطلاقا من مهمته المتخصصة في هذا الملف بالجيدة جدا، وشدد على ضرورة معالجة كل الأمور انطلاقا من المصلحة اللبنانية واعتبر أنه لا يمكن لأي حكومة في لبنان ولا أي سلطة في لبنان أن تتبع مع أي جهة مقيمة على أرضه سياسة النعامة.
الشريف تحدث لـ «لواء الشمال» وهنا نص الحوار:
بداية كيف تقيّم من وجهة نظرك الوضع في لبنان في ظل كل التطوّرات المحلية والاقليمية والى أين المسار؟
- أنا برأيي ان الوضع في لبنان الآن أفضل بكثير مما كان عليه قبل أشهر ثلاثة، فثمة أمور عدة تطورت، الأول ضبط الوضع في طرابلس، والثاني اطلاق الموقوف التركي وإلقاء القبض على من قطع طريق المطار وخطف من خطف من السوريين والاتراك. هذا إضافة الى تلف الحشيشة في البقاع، كما يمكننا أن نلاحظ ان أداء الحكومة تبدّل في اتجاه توخي الانتاج، وبالأمس القريب شهدنا سلة من التعيينات القضائية والأخرى الإدارية، وبرأيي وحسب علمي ان التعيينات ستكون سريعة جدا ومن هنا حتى نهاية العام الحالي سيصار الى ملء كل الشواغر في الإدارات العامة.
تبقى معضلة سلسلة الرتب والرواتب؟
- ليست معضلة، لقد أقرّت، وبناء للاتفاق الذي تم التوصل إليه مع هيئة التنسيق النقابية فهي ستسقط على سنوات، وذلك بغية التوصل الى نتيجة لئلا تخلق عبء على كاهل الدولة، ولا نذهب نحو تضخم يأكل الليرة اللبنانية. هناك بعد المزيد، فثمة نية لإعادة هيكلة الدولة اللبنانية، وهذا الأمر بمثابة مقدمة للإصلاح، فالجميع يقر بأن الفساد يضرب الإدارة وهو يحتاج الى معالجات حقيقية وجدية لنتمكن من استنهاض لبنان من المرتبة العالية في الفساد الى مرتبة أخرى عالية على مستوى الاصلاح.
قانون الانتخاب
سياسياً هناك مشهد سياسي متأزم وثمة خلاف على كل شيء بدءا من قانون الانتخاب، والسؤال المطروح اليوم أي قانون سيبصر النور والى أين سيأخذ البلد؟
- واضح من كل كلام الافرقاء السياسيين انهم التزموا بما صدر عن لقاء المطارنة الموارنة من رفض لقانون الستين وفي هذه الحالة يكون القانون هذا بحكم الملغى، طار عملياً، وقانون الخمسين طار أيضاً لانه لم يلقَ الاجماع، ومن هنا على مجلس النواب أن يتوصل الى قانون يضمن اجراء الانتخابات النيابية ويوفر لكل الافرقاء على الساحة اللبنانية ان احدا منهم ليس مستهدفاً، ونحن بحاجة هنا الى صيغة خلاقة، وأنا لا أعرف ما هي هذه الصيغة، ولكن تردد كلام عن مشروع فؤاد بطرس وثمة من كتب عن هذا الموضوع داعماً، وفي المقابل هناك القانون الذي تقدم به الرئيس نجيب ميقاتي الى الهيئة الوطنية لقانون الانتخاب العام 2009، أو ما يشبههما، وبذلك يصبح لدينا على الطاولة مقترحات عدة هي قانون فؤاد بطرس والمقترح الارثوذكسي، وقانون الـ 15 دائرة، مع فارق ان قانون بطرس كما هي حال النص المقترح من الرئيس ميقاتي كلاهما يتضمنان طرحاً يمزج بين الأكثري والنسبي، ولربما كنا بصدد التوصل الى شيء من هذا القبيل الى قانون نسبي وأكثري في الوقت عينه نحن ننتظر وهناك الكثير من الاتصالات والمداولات والمحاولات. ننتظر ونرى.
أي مشهد سياسي سيترتب برأيك في ظل التباينات والمواقف الرافضة ومنها موقف النائب وليد جنبلاط؟
- الوزير جنبلاط في النهاية هو رجل تسوية وليس رجل صدام ومواجهات، وأنا لا أعرف طبعا ما هي التسوية التي سترضيه، وكنا في النهاية لا يمكن أن ننتج في لبنان أي قانون غير تسوية، ففي النهاية هذا القانون سينتج مجلس نواب جديد ثم رئيس مجلس فرئيس حكومة ومن ثم سينتخب رئيسا للجمهورية، إذا بالترتيب هو سينتخب بداية رئيسا للمجلس النيابي والسؤال هنا أي فريق سيسمح للفريق الآخر بوضع رقبته تحت المقصلة، بالتالي الانتاج يجب أن يكون مشهدا توافقيا.
الأزمة السورية
لبنان يمر في ظل أزمة سورية مرشحة للاستمرار أي انعكاسات لهذه الأزمة على الواقع اللبناني خاصة إذا طالت لما بعد نهاية العام الحالي؟
- لنتفق معا على أمر وهو ان كل الأطراف في الدول المحيطة تسعى الى النأي بنفسها عن المشهد السوري، العراق قال بانه ليس مع النظام وليس مع المعارضة، وموقف الأردن الرسمي هو النأي أيضا والموقف التركي الذي شهد صعودا وهبوطا ودخل عليه عنصر الخروقات الأمنية بقي متماسكا لجهة التأكيد على ضبط النفس، إذا هي دول عدة لها ما لها من حضور نابت بنفسها، إذا لا يمكن للحكومة اللبنانية الا أن تنأى بنفسها وبالتالي هذا الموقف يجب أن يستمر وهو الضمان الوحيد للسلم الأهلي الذي قد يكون هشا في أي لحظة.
ولكن هناك من لا يتخوّف على الاستقرار في البلد؟
- على أي أساس، إذا لم نمض في النأي بالنفس كيف لنا أن لا نتخوف على الاستقرار، دعني اقول أنني اعتقد جازما ان النأي بالنفس هو الضمانة الحقيقية للاستقرار في لبنان لأن الأسباب الموجبة كثيرة بدءا من الانقسام على الوضع في سوريا والذي قد يكون متساويا (نص بالنص).
ماذا عن التمدد المذهبي؟
- ليس جديدا لقد شهد لبنان مثل هذا التمدد منذ العام 2005 ولربما ارتبط ذلك اليوم بالمشهد السوري الا اننا نشهد انقساما تصاعديا ظهرت بعض جوانبه مع تفاقم الأزمة السورية الا انه انقسام سبق الأزمة هناك وهو يواكبها اليوم ليبدو أكثر وضوحا.
وماذا أيضا عن التمدد الإسلامي الأصولي، وخاصة ان هناك من لا يثير قلقه مثل هذا التمدد؟
- أولا أنا اعتبر ان هناك نظرية فيزيائية تقول ان الدنيا لا تطيق الفراغ فإذا جاء من يملأ فراغا فان المسبب في ذلك يكون من فرغ وليس من فرخ، وحين تسقط البدائل وحين يصبح الخطاب السياسي خطابا مذهبيا سيكون هناك حملة اعلام مختلفة عن السياسيين وبالتالي أنا لا أرى ان الحالة الإسلامية السياسية تتمدد بشكل كبير، الموضوع حق لأي فريق يرغب أن يدلي بدلوه شرط أن لا يتطور سلوكه الى صراع مسلح في وجه أي كان.
الملف الفلسطيني
نصل الى الملف الفلسطيني وأنت بالطبع تحمل هذا الملف وتتابع خصوصياته عن كثب، والفلسطينيون يقولون في ظل الوضع الراهن، اللبناني والآخر السوري، أنهم متمسكون بالنأي بالنفس عن الأزمتين إذا صح تعبير - اللبنانية والسورية، هل بامكانهم ذلك فعلا؟
- نعم، أنا التقيت بكل الفصائل والقرار الفلسطيني الرسمي من كل الفصائل هو القرار بالنأي بالنفس لانهم يعتبرون ان هناك استهدافا للفلسطينيين في مخيماتهم لاقحام الفلسطينيين في اتون الصراعات وهم يسعون جاهدين لمنع الانزلاق الى صراع في ما بينهم اصلا لانهم مقسومون، ثم يحرصون على عدم الانزلاق الى الازمات الأخرى، وطبعا هناك محاولات حثيثة لزجهم في هذه الأزمة أو تلك، وثمة أمور حصلت في اليرموك، هم يسعون دائما الى ضبط انفسهم، طبعا هناك من قد يتفلت من كل الساحات والجهات فكما يمكن لأناس من طرابلس أو من البقاع مثلا أن يتفلتوا ويدخلوا على خط هذا الصراع أو ذاك يمكن أن نسجل على الساحة الفلسطينية شيئا مماثلا، وقد تجد من يقاتل ولكن بقرار ذاتي.
في ظل هذا المشهد اللبناني - الفلسطيني ثمة مشاكل يعاني منها الفلسطيني كيف تلخص المشهد اليوم؟
- أنا بنظري ان الأمور لا تقاس الا على أساس مصلحة لبنان، وبالطبع فان الفلسطيني يعيش في لبنان وهو يؤثر على الوضع الديموغرافي ويتأثر بكل التطورات فيه يستوجب من اللبنانين سلوكا مناسبا، ولا يمكن بالتالي لأي حكومة في لبنان ولا أي سلطة في لبنان أن تتبع مع أي جهة مقيمة في لبنان سياسة النعامة، لأنه سيؤثر على الدولة حكما وأنا أريد أن أعطي مثالا، لنتحدث عن طرابلس التي تتعاطف بشكل كبير مع الثورة السورية ولكن هذا البلد لم تتعاطف مع السوريين حين أتوا الى طرابلس ليعملوا في المدينة، هنا المسؤولية هي مسؤولية العلاج، الذي يرصد بدقة الوضع ويعالجه كما يجب، وكما أصبحتم تعلمون ان ثمة خلافا مع حزب الكتائب، والسؤال أين يكمن الخلاف هذا؟ الجواب ببساطة هو أننا لا نناقش في مسألة تملك الفلسطيني ولكن السؤال هو عن حكم الانتقال، من الميت الى ورثته الشرعيين الذي يبقى عليهم أن يشعروا السلطات فقط بانتقال هذه الملكية، ثم ان هذا الموضوع الى الآن تحوّل الى معركة افتعلها حزب الكتائب وأظن انها واهية وغير محقة وأنا لا اقول هذا الكلام لأصارع بل لأقول ان هناك سوء فهم كبير لا أعرف من هو سببه، ولكن أعرف ان التفكير بهذه الطريقة لا يجدي ويجب أن يعطى صاحب الحق حقه، ثم إذا تزوج فلسطيني من لبنانية وهذه اللبنانية ورثت عن أهلها عقارا لمن يعود وهل يجوز أن تتحول هذه الأرض الى الأوقاف، من هنا ترى انني حملت تبعة قانون التملك وأنا مع منع الفلسطيني من التملك ولكن هناك الكثير من المشكلات، ومنها قضية الكهرباء في المخيمات للدولة اللبنانية حوالى الـ 200 مليار ليرة لبنانية مع المخيمات الفلسطينية، ونحن بالطبع نعاني من مشكلات في قطاع الكهرباء فلماذا لا نستفد من هذه الحالة، نحن نعطي التيار للمخيمات من خلال عداد ولا شيء يضمن تحصيل حق الدولة، وأنا اقول هنا أنه يجب على الدولة اللبنانية أن تحصّل حقها من الفلسطيني كما تحققه من اللبناني، بتوازن، ويبقى من يعارض مثلا تركيب عدادات للمخيمات وهذا أمر غريب وهو يحتاج الى علاج.
أريد أن أسالك عن العلاقة في هذه الحالة مع المسؤولين الفلسطينيين؟
- العلاقة أكثر من جيدة، لقد انطلقت في خطة من التواصل هي خطة جيدة ومثمرة، وأنا اليوم اقول وأنا مرتاح ان المسؤولين في الفصائل هم منفتحون على كل التصورات التي أضعها، وبشيء من العملانية، إضافة الى علاقة هامة مع سعادة سفير دولة فلسطين أشرف دبور الذي لاقى جهودنا الى أكثر من منتصف الطريق، فالرجل إيجابي وأنا أقدّر له وللمسؤولين في السلطة الفلسطينية هذه الإيجابية العالية ونحن نعمل وفقا لقاعدة تعاون نأمل أن تؤتي خيرا على مستوى العلاقات مع المسؤولين جميعا ثم على مستوى الحلول النافعة للفلسطينيين في لبنان بما يوفر للجميع الراحة النفسية وبما يضمن كل الحقوق الانسانية للشعب الفلسطيني وهو له علينا الكثير لان قضيته قضيتنا وهمومه همومنا.
الى ماذا تطمح في هذه المهمة الصعبة؟
- هي مهمة غالية ومسؤولية كبيرة أما عن الهدف فواحد بشقين مصلحة لبنان وانطلاقا منه العمل على ضمان الحقوق التي تكفلها القوانين اللبنانية لوجود كريم للفلسطيني وحياة كريمة.
المصدر: جريدة اللواء