طالب بإجراء حوار فلسطيني لبناني شامل
رأفت مره: الهبة الفلسطينية بمخيمات لبنان ردة فعل متوقعة ضد السياسات اللبنانية
الثلاثاء، 03 تموز، 2012
اعتبر مسؤول العلاقات اللبنانية في حركة "حماس" رأفت مرة أن ما جرى في المخيمات الفلسطينية، وفي مخيم نهر البارد، هو ردة فعل متوقعة ضد السياسات اللبنانية التي تستهدف اللاجئين الفلسطينيين.
وطالب في حوار مع "المركز الفلسطيني للإعلام" برفع الحالة العسكرية عن مخيم نهر البارد، محذراً من انتفاضة فلسطينية في المخيمات، داعيا بإجراء حوار فلسطيني لبناني شامل يتناول كل القضايا ذات الاهتمام الشامل، يتم من خلاله التوصل إلى اتفاق نهائي بين الفلسطينيين والسلطة اللبنانية.
نص الحوار...
- كيف تقرأون ما جرى في مخيم نهر البارد والمخيمات الأخرى؟
بداية إن ما جرى في مخيم نهر البارد كان مسألة متوقعة بالنسبة لنا. وما جرى هو حراك شعبي جماهيري قام به أهلنا في مخيم نهر البارد تحت عنوان الكرامة والدفاع عن الحقوق، وهو تحرك ناتج عن ردة فعل فلسطينية متوقعة على السياسات اللبنانية التي استخدمتها السلطتان السياسية والأمنية ضد اللاجئين الفلسطينيين، وخاصة ضد أهالي مخيم نهر البارد، حيث لا زال هناك طوق عسكري مفروض على المخيم منذ خمس سنوات، ولا يتم الدخول والخروج إلا بعملية تفتيش معقدة للأفراد والسيارات، وبعد إبراز تصاريح يجب الحصول عليها من الثكنة العسكرية القريبة من المخيم. وفي ظل البطء الشديد الذي يرافق عملية الإعمار في المخيم، حيث ومنذ خمس سنوات حتى اليوم، لم يتم العمل سوى بثلاث رزم، من أصل ثماني رزم. وفي ظل تواجد عسكري للجيش اللبناني داخل المخيم، يؤثر على الحياة الاجتماعية، وفي ظل الأوضاع الاجتماعية التي يعيشها الأهالي من خلال البطالة، والحركة الاقتصادية البطيئة، نظراً للقيود التي تُفرض على المواطنين اللبنانيين الذين يودّون زيارة المخيم من أجل التبادل التجاري. إذن، الأساليب العسكرية، والسياسات اللبنانية، هي التي دفعت الأهالي إلى هذه الهبة الجماهيرية من أجل حقوقهم لا أكثر.
- ما هو مطلبكم فيما يخص مخيم نهر البارد؟
مطلب حركة حماس الواضح يتمثل في إزالة الحالة العسكرية حول المخيم التي تضيق الخناق على السكان، وتمنع الحياة الطبيعية.
ثانياً: إلغاء نظام التصاريح بالكامل.
ثالثاً: إطلاق سراح جميع الموقوفين على خلفية الأحداث الأخيرة، من أجل أن تساهم هذه الخطوة في حل الأزمة.
رابعاً: الإسراع في عملية إعادة الإعمار في المخيم، والتي تسير ببطء، ويحكمها الفساد.
خامساً: جعل الحياة في مخيم نهر البارد تعود إلى أيار/مايو 2007، أي إلى ما قبل الأحداث بين الجيش اللبناني و"فتح الإسلام". وتأمين المستلزمات الاجتماعية والاقتصادية للأهالي في المخيم، ليعيشوا حياتهم الطبيعة، من خلال الانفتاح على الجوار اللبناني، وحرية الحركة الاقتصادية، خاصة أن هذا المخيم معروف بقدراته في الزراعة والتجارة.
- هل يمكن أن يتحوّل ما جرى إلى انتفاضة، خصوصاً وأننا لمسنا تضامناً بين المخيمات؟
في اعتقادي أن المسؤولين اللبنانيين يدركون حجم الأزمة الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الفلسطينيون في لبنان. كل الدراسات الصادرة عن الأونروا وعن الجامعة الأميركية في لبنان، وعن المنظمات الحقوقية، ومؤخراً منظمة أميركية غير رسمية، كل هذه الدراسات تشير إلى أن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هي الأسوأ بين اللاجئين الفلسطينيين في كل مناطق اللجوء.
ونحن في حركة حماس منذ خمس سنوات ونحن نرفع الصوت من أجل أن يتم إيجاد علاج جذري، وحل مبدئي، لهذه المعاناة والمأساة. وحذرنا مراراً من الحلول المجتزأة والحلول الترقيعية، وأنا أعجبني توصيف رئيس مجلس النواب نبيه بري في جلسة الحوار اللبناني، في 25 حزيران/يونيو، من أن الفلسطينيين في لبنان يعيشون الربيع العربي. إن لم تقم الحكومة اللبنانية والبرلمان اللبناني في معالجة أسباب الخلل التي تتمثل في التمييز والعنصرية تجاه الفلسطينيين، وإن لم يتم تغيير السياسة المتبعة تجاه المخيمات، وهي التي تنظر من زاوية أمنية فقط، فإن المخيمات الفلسطينية مقبلة على انتفاضة شئنا أم أبينا.
ما هو الحل الذي تقترحه حماس للخروج من هذا الوضع المتأزم؟
المشكلة أن الدولة اللبنانية ليس لديها رؤية لمستقبل العلاقة مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ولا تتذكر أن هناك لاجئين إلا في حال حصول خلل أمني في أحد المخيمات. وتنظر للوجود الفلسطيني من زاوية أمنية، ووفقاً للمعالجة الأمنية، بينما الحقوق المدنية والإنسانية، وحق العمل، وحق التملك، والصحة، والتعليم، والمسائل الاجتماعية والاقتصادية، هذه كلها لا تحظى بمعالجة أو اهتمام. نحن في حركة حماس نطرح التالي: ضرورة إجراء حوار فلسطيني لبناني شامل يتناول كل القضايا ذات الاهتمام الشامل، يتم من خلاله التوصل إلى اتفاق نهائي يشمل القضايا الإنسانية والاجتماعية والمدنية للاجئين، وتلتزم الحكومة اللبنانية بتطوير أوضاع الفلسطينيين على كافة الصعد، وتغيير القوانين اللبنانية المانعة لتطور الفلسطينيين اجتماعياً واقتصادياً، ويلتزم الفلسطينيون باحترام الأمن والسيادة والاستقرار في لبنان، في ظل تأكيد الفلسطينيين وقوفهم على الحياد في الأزمات اللبنانية، وأنهم لن يكونوا طرفاً في أي اشتباك لبناني داخلي. ويتم بعدها فتح صفحة جديدة، بعيداً من الماضي المؤلم التي كان يعتري العلاقة اللبنانية الفلسطينية، والذي ما زال متحكماً في تصرفات وعقول البعض.
- لو أردنا تحديد المسؤوليات عما يعيشه الفلسطينيون اليوم، فما هي الأطراف التي تتحمل المسؤولية؟
هناك ثلاثة أطراف أساسية تتحمل مسؤولية ما وصل إليه مجتمع اللاجئين من مشاكل اجتماعية واقتصادية وإنسانية؛ الطرف الأول هو الحكومة اللبنانية؛ فهي لا تعترف بوجود الفلسطينيين إلا من خلال أوراق، ولا تمتلك سياسة لتطوير مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، والحكومة لا تقدم شيئاً للاجئين سوى الهواء. الطرف الثاني الذي يتحمل المسؤولية هو الأونروا، وهي المسؤولة دولياً عن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، لكن هذه المنظمة عاجزة ومشلولة، وتقوم بتقديم خدمات ضعيفة للغاية، لا تعالج مشاكل اللاجئين. الطرف الثالث هو المنظمة، التي تقول إنها تمثل اللاجئين، وبعد فشل خيارها السياسي وخروجها من لبنان، ذهبت باتجاه الاحتلال والتسوية، ولم تعد تهتم بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين، وهي تأخذ التبرعات من المجتمع الدولي ودول الخليج والبنك الإسلامي، وللأسف لا تقدم الخدمات المطلوبة للاجئين. وكل مؤسسات منظمة التحرير مشلولة مثل جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، الصندوق القومي، دوائر الثقافة والإعلام، دائرة شؤون العائدين في المجلس الوطني. هذه الأطراف هي من يتحمل المسؤولية.
- أين أصبح تشكيل المرجعية الفلسطينية في لبنان؟
حركة حماس تمتلك رؤية لمعالجة قضايا وأزمات الوجود الفلسطيني في لبنان. من أسس هذه الرؤية إيجاد مرجعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وطرحنا ذلك في عام 2005. وحسب طرحنا، فإن المرجعية هي إطار يضم القوى الفلسطينية كافة من دون استثناء، ولاحقاً تنضم إليه الشخصيات الفلسطينية الوطنية والمستقلة الوازنة. ويقوم هذا الإطار بتمثيل الفلسطينيين أمام السلطات اللبنانية، والدفاع عن مصالحهم أمام الحكومة اللبنانية والأونروا. ثم ينظّم الإطار المؤسسات الإدارية والنقابية والشعبية في المخيمات. ونحن قدمنا تصوراً شاملاً، لكن للأسف منذ سبع سنوات والمنظمة ترفض التعاون والتجاوب، على قاعدة أنها الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين، وهي ما زالت تؤمن بسياسة التفرد والاحتكار، مع عجزها عن طرح حلول عملية لمشاكل الفلسطينيين في لبنان. نحن نقول إن أزمات الفلسطينيين في لبنان كبيرة وكثيرة، ولا يمكن لطرف واحد أن يقوم بحلها، ولا بدّ من تضافر إرادة الجميع في ظل إطار جامع. وهدف الإطار، بشكل أساسي، هو السعي لحل المشاكل الحياتية والاجتماعية للفلسطينيين.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام