لاجئو سوريا يعانون أوضاعًا قاسية ويعيشون نكبة
ثانية
علي هويدي: لا جديد بأزمة مخيم
"اليرموك".. والمشكلة تكمن في التطبيق
الأربعاء، 21 أيار، 2014
مع استمرار الأزمة السورية، وعدم وجود مؤشرات
لحل قريب، فإن أزمة مخيم اليرموك للاجئين مستمرة أيضًا، ولا بوادر لانفراج في
الأفق، فكل المبادرات التي تم الحديث عنها في السابق والاتفاقيات التي تم توقيعها
لم تسفر عن فك الحصار حتى الآن، ولم تجدِ إلا في دخول القليل من المساعدات في مرات
معدودة، ومؤخرًا دار الحديث عن انسحاب الفصائل الفلسطينية من مفاوضات حل الأزمة
وتسليمها ملف اليرموك إلى النظام السوري، فيما حديث آخر يتم عن اقتراب حسم عسكري
يقوم به النظام لإخراج المسلحين من المخيم، وفي كل الأحوال، فإن اللاجئ الفلسطيني
هو الذي يدفع الثمن من غذائه وصحته وحريته، وتطاله كل أشكال المعاناة..
لا جديد
عضو مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا علي
هويدي، قال في حوار مع "فلسطين": "الوضع في تقديرنا لا يزال على ما
هو عليه، ولا يوجد أي تطورات على الإطلاق، حتى وإن كان هناك حديث عن مبادرات،
فالفلسطينيون داخل المخيم ما يزالون يدفعون الثمن الباهظ، إذ يسقط المزيد من
الشهداء، والمزيد من الجرحى، إلى جانب المزيد من الدمار والمعاناة الإنسانية على
مستوى توفير الغذاء والدواء".
وأضاف: "بشكل عام فإن الأزمة الفلسطينية في
سوريا باقية على ما هي عليه ولا يوجد أي شيء مطمئن"، موضحًا: "في كل مرة
يتم الاتفاق فيها، فإن اللاجئين داخل المخيم، ونحن كمراقبين، نعطي فرصة من الوقت
حتى تتم ترجمة الاتفاق على أرض الواقع، إلا أن كل شيء يتم بطريقة شكلية فقط، ثم لا
تلبث أن تتعقد الأمور وتعود إلى ما كانت عليه قبل الاتفاق".
وأكد هويدي: "المطلوب بالنسبة لنا واضح
تمامًا، وهو أن المسلحين غير الفلسطينيين يجب أن يخرجوا من المخيم، فيما يتم تسوية
أوضاع المسلحين الفلسطينيين داخل المخيم، ويبقى المخيم على الحياد".
وأوضح أن المحاولات التي تجري حاليًا لإنهاء
أزمة اليرموك تتم للمرة الخامسة تقريبًا، حيث في كل مرة تتم زيارات من قبل وفود
منظمة التحرير وعقد لقاءات مع السفارات ومع لجنة المتابعة بشكل عام، ويتم التوافق
على الكثير من القضايا، وفي ذروة الاتفاق يكون التفاعل إيجابيًا، ولكن بعد ذلك
تنتكس الأمور".
ونوه إلى أن كل الفصائل الفلسطينية تشارك في
محاولات إنهاء أزمة اليرموك، سواء كان ذلك من خلال تحالف القوى الفلسطينية وفصائل
منظمة التحرير أو السفارة الفلسطينية في سوريا، مبينًا أن: "التوافق يتم بشكل
إيجابي وتنتهي الاجتماعات باتفاقات بلا أي مشكلات على الإطلاق، ولكن عند التطبيق
لبنود الاتفاق تظهر بعض الصعوبات".
اتهامات متبادلة
وعن أسباب الإخلال بتطبيق بنود الاتفاق، لفت
هويدي إلى أنه "دائما تلقي كل جهة باللوم على الأطراف الأخرى، وكل طرف يتهم
الآخر بعدم تطبيق بنود الاتفاق، إذ تكون الاتهامات متبادلة بعدم احترام البنود
التي يتم التوقيع عليها، وبين هذا وذاك ما يزال اللاجئ الفلسطيني يدفع الثمن بغض
النظر عن أي تفاصيل أخرى".
وأكد أنه لا يوجد حاليًا طرح لمقترحات جديدة في
مبادرات التوصل إلى حل، وإنما الاتفاق الذي تم توقيعه في 29/ 12 من العام الماضي
هو نفسه بما فيه من مبادئ ومبادرات ونقاط تم التوافق عليها.
وفيما يتعلق بالحديث عن انسحاب الفصائل
الفلسطينية من محاولات إنهاء الأزمة في اليرموك وتسليم الملف بكامله إلى النظام
السوري، بين هويدي: "حتى الآن لا توجد ترجمة عملية لهذه المقترحات والمبادرات
المطروحة، والآن تتم لقاءات بين جميع القوى الفلسطينية الموجودة في سوريا، ويجري
التوافق على بعض القضايا ولكن تطبيقها على أرض الواقع هو الذي يصطدم بكثير من
الصعوبات، ولا توجد حلول لحل المشكلة على المستوى الميداني".
أما عن توقعات البعض بأن يتم حسم الأمور بطريقة
عسكرية في اليرموك، فقد أوضح هويدي أنه لا يوجد أي مؤشرات تدل على عمل عسكري حتى
الآن، وما تزال المفاوضات والمباحثات تجري على قدم وساق باتجاه الحل.
وقال هويدي: "المطلوب الآن بالفعل هو توفر
الجدية في توقيع أي مبادرة، وكذلك الجدية أيضًا في التطبيق، فقد مر الآن أكثر من
عامين ومخيم اليرموك وباقي المخيمات تتعرض للاستهداف بشكل دائم، فحاليًا يوجد أكثر
من 130 ألف لاجئ خارج سوريا، ناهيك عن المهجّرين داخل سوريا"، مضيفًا:
"بالتزامن مع النكبة، لعل وعسى أن نجد صحوة ضمير لكل الأطراف المعنية بالأزمة
السورية وانعكاسها على الفلسطينيين والانتباه إلى أن هناك قضية لاجئين داخل سوريا
ويجب تحييدهم عن الصراع وعن كل ما يجري داخلها، والاتجاه بهم إلى تحقيق العودة".
وعن أحوال مخيم اليرموك حاليًا والثمن الذي
يدفعه اللاجئون بسبب ما يدور في المخيم من اشتباكات وكذلك الحصار، بيّن أنه يوجد
نقص في توفر الأدوية مما يترك آثارًا مباشرة على المرضى، خاصة من المصابين بأمراض
تحتاج إلى أدوية بشكل مستمر مثل أمراض السكري والضغط والكلى والربو، بالإضافة إلى
نقص حليب الأطفال والكثير من حالات الإجهاض، ناهيك عن الموت جوعًا لكثير من
الفلسطينيين، مشددًا على أن "هذا على المستوى الإنساني يكلف اللاجئ الفلسطيني
الكثير من هذه الخسائر والمعاناة".
المساعدات وفق الحالة الأمنية
وأشار إلى أن: "من يحاول الخروج من المخيم
بطريقة أو بأخرى فهو يلجأ لتهجير جديد سواء داخل سوريا أو خارجها وليس بمقدوره أن
يفعل ذلك، سواء توجه إلى لبنان أو الأردن، فالحدود مغلقة بشكل كامل، وهذا يدل على
قدر معاناة الفلسطيني الذي يحاول الهرب من سوريا إلى أي دولة أخرى، سواء على مستوى
الخسائر البشرية أو تشتت العائلة أو التعرض لكثير من المخاطر والسرقة وغير
ذلك".
وقال هويدي: إن "المساعدات وإمكانية
إدخالها مرتبط بالوضع الأمني، بقدر ما يوجد استقرار في الوضع الأمني تأخذ المؤسسات
حريتها وإمكانياتها للدخول إلى أراضي المخيم، ولكن إذا كان الوضع الأمني غير
مستقر، فلا يكون بمقدور المؤسسات الإغاثية أن تخاطر بالدخول إلى المخيم، وعلى
رأسها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) التي ترفض المخاطرة بفريق العمل الخاص
تجنبًا لقوع أي خسائر بشرية".
وأضاف: "توجد محاولات حثيثة من قبل بعض
المؤسسات الأهلية، لا سيما حملة الوفاء الأوروبية، كلها تعمل لتغطية احتياجات
اللاجئين في بعض المناطق السورية وليس على مستوى سوريا كلها".
ولفت إلى أنه مع كل هذه الأوضاع الصعبة، فإن
الأوضاع تزداد تأزمًا بسبب إغلاق الحدود في وجه الفلسطينيين، خاصة بعد قرار
السلطات اللبنانية بمنع دخول اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيها وعدم تجديد إقامات
اللاجئين الموجودين فيها القادمين من سوريا ممن مر على وجودهم سنة، معتبرًا أن:
"هذا التشديد على الحدود يتسبب في مشكلة كبيرة تزيد من سوء أوضاع اللاجئين،
بالإضافة إلى أنها تمثل انتهاكًا لحقوق الإنسان".
وعن أحوال اللاجئين الفلسطينيين في سوريا بشكل
عام، وصف أن ما يجري لهم حاليًا هو بمثابة نكبة ثانية وتهجير جديد، حيث بلغ عدد
اللاجئين الفلسطينيين الفارين من سوريا إلى لبنان 51 ألف لاجئ تقريبًا، وعشرة آلاف
في الأردن، وفي مصر 6 آلاف، و3 آلاف آخرين في تركيا، بالإضافة إلى غيرهم ممن
ينتشرون في دول أخرى.
المصدر: فلسطين أون لاين