دعا إلى تشكيل
هيئة إغاثة عليا لمواجهة «كورونا» و«المجاعة» في المخيمات اللبنانية
الثلاثاء، 07 نيسان، 2020
اتهم مسؤول مكتب
اللاجئين في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في لبنان، أبو أحمد فضل، وكالة
الأونروا، بالمماطلة والتقصير، ووصف إدارتها بالفاشلة، في سياق حديثه عن التدابير التي
اتخذتها لمواجهة فيروس كورونا.
وأوضح في مقابلة مع "قدس برس"، أن المخيمات الفلسطيينة في لبنان لم تسجل حتى الآن أية
إصابات بفايروس الكورونا المستجد "كوفيد 19"، ولكن وصوله مسألة وقت، إذا
لم يتم تشديد الإجراءات في المخيمات، وفق قوله.
وفي سبيل مواجهة
أزمة كورونا، دعا "فضل" الدولة اللبنانية والأونروا ومنظمة التحرير وكل الفصائل
الفلسطينية إلى تشكيل هيئة إغاثة عليا لا تنظر إلى الفصائلية ولا إلى السياسة ولا إلى
الاختلاف الطائفي.
وفي سياق حديثه
عن أوضاع اللاجئين، قال "فضل" إن العامين 2019 و2020 شهدا ثلاث محطات، كبرى
أدّت إلى تدهور دراماتيكي في حيات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بدءا من قرار وزير
العمل اللبناني (إجازة العمل)، والحراك الشعبي اللبناني، ما أدى إلى توقف الأعمال في
البلد، وتدهور سعر الليرة اللبنانية وارتفاع الأسعار، وانتهاء بأزمة كورونا.
وفيما يلي نص المقابلة
كاملة، التي تحدث فيها "أبو أحمد فضل" عن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في
لبنان، ونتائج أزمة كورونا عليهم، وطريقة تعامل الأونروا معها.
- كيف يعيش اللاجئون
الفلسطينيون في لبنان في هذه المرحلة مع انتشار كورونا؟
اللاجئون الفلسطينيون
في لبنان منذ أكثر من سبعين عاماً وهم يعيشون مآسي اللجوء، وفي كل عام يضيق الخناق
عليهم أكثر من العام الذي قبله، لكن العامين 2019 و2020 شهدا ثلاث محطات، بل زلازل
كبرى أدّت إلى تدهور دراماتيكي في حياتهم.
المحطة الأولى،
كانت قرارات وزير العمل، التي تمنع الفلسطيني من العمل في لبنان من دون إجازة عمل
(يعدّون اللاجئ أجنبياً فيمنعونه من العمل، ويعدّونه لاجئاً فيمنعونه من حق التملك
كالأجنبي).
المحطة الثانية،
كانت في الحراك الشعبي اللبناني والاحتجاجات على الأوضاع، ما أدى إلى توقف الأعمال
في البلد، وتدهور سعر الليرة اللبنانية وارتفاع الأسعار.
المحطة الثالثة،
كانت مرحلة الإجراءات الاحترازية تجاه انتشار فيروس كوفيد 19، وهذا أدى إلى التزام
الناس ببيوتهم منعاً لانتشاء المرض الوبائي.
هذه المحطات أوصلت
الوضع الفلسطيني إلى أسوأ السيناريوهات، حيث ارتفعت نسبة الفقر إلى أضعاف مضاعفة، بدءاً
من تسريح الموظفين وتعطّل الحركة التجارية وإقفال المصالح التجارية، وصولاً إلى تفاقم
الأزمة وبلوغ معدلات الفقر أرقاماً قياسية تاريخية. وهو ما يضعنا جدياً في مواجهة مجاعة
قادمة على مخيماتنا.
- ما هي اهم أشكال
معاناة اللاجئين؟
تتنوع أشكال معاناة
اللاجئين بتنوع الجهات المسؤولة عنها، ففي البداية، لا بد من التأكيد أن أساس المشكلة
هو الاحتلال الصهيوني واقتلاع الفلسطينيين من أرضهم.
الفلسطيني في لبنان
يعيش في مخيمات، ما زالت بنفس المساحة التي بدأتها عام 1948، ولا تتسع للأعداد المتضاعفة
منذ 72 عاماً، لا تصل إلى بيوتها الشمس، وزواريبها ضيقة وكهرباؤها وماؤها أحد أسباب
الموت لأبناء المخيمات.
في المقابل، الدولة
اللبنانية تمنع الفلسطيني من حق العمل في لبنان، وتمنعه أيضاً من حق التملك ومن حق
التعليم المجاني وحق الاستشفاء، وغيرها من الحقوق الطبيعية لأي مواطن.
أما الجهات المسؤولة
عن اللاجئين، كمنظمة التحرير الممثلة بالسفارة، فإن تقصيرها واضح في هذا المجال، ويساعد
هذا التقصير الإهمالُ الذي ترتكبه الأونروا بحق اللاجئين.
- كيف تقيّم أداء
الأونروا في التعامل مع الأزمة الصحية والاجتماعية بسبب كورونا؟
في البداية، لا
بد من الإشارة إلى أن المخيمات لم تسجل حتى الآن أية إصابات بفايروس الكورونا المستجد
كوفيد 19، ولكن وصوله إلى المخيم هو مسألة وقت إذا لم يتم تشديد الإجراءات في المخيمات.
إن وكالة الأونروا
لم تقم بواجبها إلا في مجال التوعية في بعض المحاضرات والمنشورات، أما في مجال الإغاثة
فلم تقم بشيء يذكر حتى الآن، وقد وصلها مبلغ معتبر من المال (خمسة ملايين دولار) لكي
توزعه على الأهالي، فاختارت أن توزعه على المسجلين في لوائحها تحت عنوان "شؤون"،
وهذا العنوان يتضمن حوالى 20 إلى 30 بالمئة من اللاجئين الذين هم تحت خط الفقر.
غير أن الوضع الذي
نحن فيه يجعل اتباع إحصاءات قديمة غير منطقي ومضراً، فالأزمة الآن تشمل الجميع وعلينا
تدارك الوضع قبل انفجاره.
وفوق كل ما ذكرناه
الآن، تقوم الوكالة بعملية صرف لموظفين مياومين، وهؤلاء إذا أخذوا رواتبهم أكلوا واذا
لم يقبضوا لم يأكلوا، وبالتالي فالأونروا لا تتصرف تصرفاً مسؤولاً بشكل كاف فيما يخص
الكورونا.
- ماذا قدمت الأونروا
من خطط ومشاريع خلال هذه الفترة؟
لم تقدم الأونروا
حتى الآن سوى إجراءات عادية لا تمت بصلة إلى خطة الطوارئ التي تليق بمنظمة دولية. وقامت
بإصدار بعض الإرشادات والمنشورات التوعوية، وأقامت مركزاً للحجر الصحي في معهد سبلين
للتدريب المهني، لكنه لا يحقق الحجر المطلوب، بدليل اعتراض نائبين لبنانيين من المنطقة
التي أقيم فيها الحجر، على ما اعتبروه إهمالاً مرفوضاً.
مقابل ذلك، خفضت
الأونروا الدوام في عياداتها، رغم مطالبة اللاجئين لها بالعودة إلى دوام يوم السبت.
ولم يقم جهازها الصحي بأي حملة تعقيم أو فحوصات شاملة، وتركت هذا الأمر على الهيئات
الصحية في مؤسسات المجتمع الأهلي الفلسطيني.
إن أقل ما يمكن
أن تفعله الأونروا، هو تخصيص نقاط صحية على أبواب المخيمات وتعقيم المؤسسات والمراكز
والأسواق في المخيمات، وهو الأمر الذي نفذته الهيئات الصحية الأهلية.
- يلاحظ الفلسطينيون
أن الأونروا تماطل في تنفيذ مشاريع؟
الملاحظ أن خطة
الطوارئ التي تقول الأونروا أنها تعدّها، لم تظهر كما يليق بمستوى خطة متكاملة، بل
إن الأونروا طلبت مبلغاً من المال لدعمها في خططها، وربما ربطته بتنفيذ الخطة.
اللاجئون في المخيمات،
لم يروا من الأونروا إلا اجتماعات واجتماعات متكررة مع القوى الفلسطينية، لكنها لحد
الآن لم تقم بأي عمل ذات أهمية..
- ما رأيكم في
المساعدات المالية التي قالت الأونروا أنها ستقدمها؟
كما ذكرت في البداية،
لقد حصلت الأونروا على مساعدات بقيمة خمسة ملايين دولار، وتريد أن تقدمها إلى الحالات
المسجلة لديها تحت عنوان "شؤون” وهذا العنوان يتضمن حوالى 20 إلى 30 بالمئة من اللاجئين
الذين هم تحت خط الفقر، دون النظر إلى اعتبارات الوضع الجديد القائم في هذه الأيام،
حيث أصبح معظم اللاجئين تحت خط الفقر. توزيع المساعدات لا يجب أن يقتصر على ذوي الرواتب
أو الدخل المحدود، لأن بعض أصحاب الدخل غير المحدود توقفت رواتبهم كلياً، وعلينا أن
نصنف الناس كالتالي: من يقبض راتبه ومن لا يقبض، وليس من من راتبه منحفض أو مرتفع.
وقد اعترضنا في
حركة حماس على هذه الطريقة في التوزيع، لكن الأونروا مصرة حتى هذه اللحظة على طريقتها
الفاشلة في إدارة الأزمات، ومنها هذه التوزيعات.
وإننا نعتبر أن
هذه الطريقة في التوزيع ليست فاشلة فحسب، بل فاسدة بإيعاز من جهات معروفة بفسادها التاريخي.
ونطالب الوكالة بتسليم الأموال إلى كل اللاجئين فوراً، وعدم المماطلة التي أصبحت صفة
ملازمة لأعمالها.. وما مأساة التسويف في مخيم نهر البارد عنا ببعيدة.
- ماذا قدمت الأونروا
للاجئين الفلسطينيين من سورية؟
في الأزمات الثلاث
التي مرت هذه السنة على الفلسطينيين في لبنان، لم تخصص الأونروا لفلسطينيي سورية بإغاثة
عاجلة، شأنهم كشأن فلسطينيي لبنان، رغم أن أوضاعهم المأساوية تفاقمت، وبقيت الأونروا
على المساعدة الشهرية التي تصلهم من صندوق خاص جمعته لهم الوكالة من الدول المانحة.
وبالمناسبة ، فإن
المساعدة العاجلة التي استلمتها الأونروا نقداً (5 ملايين دولار) لن تشمل فلسطينيي
سورية في لبنان، وهم من أحوج الشرائح الفلسطينية في المخيمات وخارجها.
وعندما رفعنا الصوت
ضد الإدارة الفاشلة والفاسدة لهذا المشروع، لم تستجب الأونروا وتوقفت الاجتماعات الخاصة
بإدارة هذه الأزمة، والأعجب أن بعض الجهات السياسية الفلسطينية في لبنان، تؤيد ما ذهبت
إلى الأونروا من قرارات.
- هل من مقترحات
لإدارة هذه الأزمة؟
إنني أدعو من خلالكم
الدولة اللبنانية والأونروا ومنظمة التحرير وكل الفصائل الفلسطينية إلى تشكيل هيئة
إغاثة عليا لا تنظر إلى الفصائلية ولا إلى السياسة ولا إلى الاختلاف الطائفي، فنحن
الآن أمام قضيتين أولها فيروس كورونا، والثانية هي المجاعة التي بدأت تضرب في المخيمات،
لذا نحتاج إلى هيئة عليا للإغاثة تشرف على لوائح التوزيعات وتنظمها، كي لا يُحرم بعض
الناس فيما ينال آخرون مساعدات مضاعفة.