مشعل: اتفاق التهدئة فتح الطريق لرفع الحصار نهائيًّا وسأزور غزة قريباً
الخميس، 29 تشرين الثاني، 2012
حاوره: إيمان عبد المنعم
أشاد، في حوار خاص مع الأناضول، بدور الثلاثي المصري التركي القطري في وقف العدوان الإسرائيلي عبر اتفاق التهدئة، وكشف أن اجتماعات (فلسطينية - فلسطينية) للمصالحة ستعقد قريبًا بالقاهرة.
الحوار مع قائد نفّذت "إسرائيل" ضده محاولة اغتيال احترافية ثم وُهِبت له الحياة مرة أخرى ليدير من على بعد العديد من المعارك ضدها له مذاق مختلف.
إنه خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وكنيته أبو الوليد، الذي يتحدث بمنتهي الاعتزاز عن انتصار المقاومة فيؤكد أن مقاومة 2012 ليست مقاومة 2008، وأن حرب الـ 8 أيام الأخيرة في الفترة من 14- 21 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، تمهّد لحرب التحرير، كما يؤكد أن كلاً من مصر وتركيا وقطر لعبوا دورًا فاعلاً في وقف العدوان وتحقيق الهدنة، مثلما يلعب هذا الثلاثي دورًا قويًّا على الأرض في إنهاء الحصار على قطاع غزة.
مشعل كشف أيضا، في حواره مع مراسلة وكالة الأناضول للأنباء، أن "إسرائيل" اتصلت بتركيا من خلال قناتين للتوسط من أجل التهدئة، وأن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بذل جهدًا كبيرًا خصوصًا في اتصالاته مع الأمريكان لوقف العدوان، مشددًا على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو من سعي لطلب الهدنة من المجتمع الدولي.
وعن مستقبل المقاومة، قال إنه ليس بالتفاوض فقط ستتم استعادة القدس والأراضي المحتلة بل بالمقاومة أيضا، معتبرًا أن اتفاق التهدئة الأخير مع "إسرائيل" خطوة كبيرة على طريق إنهاء الحصار نهائيًّا عن قطاع غزة.
وأشار مشعل، في حواره الذي أجري في القاهرة بعد يوم واحد من إبرام اتفاق الهدنة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، إلى أن هناك حوارًا (فلسطينيًّا- فلسطينيًّا) سينطلق قريبًا في القاهرة وسيحدد بعده موعد الانتخابات وآليات هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية.
وإلى نص الحوار:
* كيف تقرأ الأيام الثمانية التي استغرقها العدوان الإسرائيلي على غزة؟
لا شك أن ما جري في الأيام الـ8 هي حرب إسرائيلية ظالمة وعدوان غاشم علي شعبنا، و كعادة "إسرائيل" فيما تفعله في غزة والضفة ولكن شعبنا كعادته شعب مجاهد وبطل دافع عن نفسه وعن أرضه ورد العدوان وتصرف بصلابة وفاجأ العدو من اللحظة الأولى.
ولأن حجم الجريمة الاسرائيلية باغتيال الجعبري (القيادي البارز بالجناح المسلح لحركة حماس) كان لابد من الرد السريع والقوي، خاصة وأن هؤلاء أصدقاء وتلاميذ للجعبري فهم أوفياء لقادتهم، وإسرائيل فوجئت بالرد وسقفه العالي؛ وبالتالي ارتبك نتانياهو وأراد أن يصعد بالهجوم الجوي والبحري وهدد بالعملية البرية، لكن رد الله كيده إلى نحره لأن حسابات العدو تبين أنها ليست دقيقة وأن العدو يده ليست مطلقة لا يستطيع ان يجتاح غزة دون أن يدفع ثمنا باهظا.
ونتنياهو كان بين يده الانتخابات، وبنى حساباته علي عدم خسارتها، وضغط المجتمع الدولي الذي أراد أن ينقذ نتنياهو بالتهدئة، فكل ذلك أسهم في أن تنتهي هذه الحرب بالصورة التي شهدها العالم وهي أن العدوان توقف بتهدئة متبادلة رعتها مصر وتركيا وقطر، وتم في هذه التهدئة تثبيت مطالب الشعب الفلسطيني وفتح المعابر ورفع الحصار.
* مقاومة 2012 تختلف كثيرا عن مقاومة 2008 من حيث القدرة العسكرية، كيف تمكنت الفصائل من تطوير قدراتها رغم ظروف الحصار؟
من يملك إرادة المقاومة يعني له أن مزيدا من الزمن هو مزيد من البناء والتسليح والتطوير والبناء والتدريب.
* ولكن كان هناك حصار مفروض علي غزة ومازال.
الطريقة التي يعيشها شعبنا في حياته اليومية، ويتغلب بها علي المصاعب هي الطريقة ذاتها التي تغلب بها علي الحصار العسكري، وهو يصنع سلاحه، كما يحصل علي سلاحه بكل الطرق.
وبالتالي بمزيد من الزمن، تم مزيد من تطوير القدرة العسكرية وبالطبع هو تطوير متواضع مقارنة بالقدرة العسكرية الاسرائيلية، ولكنه مبني علي قاعدة "واعدوا لهم ما استطعتم من قوة " والله يكلفنا بهذا القدر والباقي علي رب العالمين.
بالإضافة إلي أخذ العبر من دورس الحرب الماضية، ونحن بشر وهناك اخطاء وثغرات والشهيد احمد الجعبري قالها لي: "نحن استفدنا من كل الاخطاء والثغرات في الحرب الماضية ".
* متي بدأ الحديث عن التهدئة؟
بكل أمانة من الأيام الأولى فإن عنصر المفاجأة أربك حسابات العدو، ويبدو أن حسابات نتانياهو كانت أن يضرب حماس وغزة ويقتل أحمد الجعبري، وبالتالي المقاومة ستتراجع، وينهي عدة أيام من العدوان علي غزة، ويكون سجل انتصارا يسعفه ويخدمه في انتخاباته ويبدو صقرا أمام الشعب الاسرائيلي، لكن المفاجأة جاءت من الرد على العمق الإسرائيلي كما ان المقاومة لم تخش من تهديدات "إسرائيل" بالاجتياح البري.
وشعر نتنياهو بالورطة.. فلا هو رمم قوة الردع الاسرائيلية ولا هو قضي علي البنية التحتية، ولم يتمكن من امتلاك زمام المبادرة فيفعل ما يشاء وقتما يشاء، بل اصبحت هناك ندية بينه وبين الفلسطينيين وظل أمامه خيار وحيد وهو الحرب البرية وأدرك انها ورطة كبيرة، فنعم الجيش الاسرائيلي قادر علي الدخول لغزة ولكن سيدفع ثمنا باهظا قد يقضي علي مستقبل نتانياهو السياسي، وفي تلك اللحظة تدخل المجتمع الدولي بطلب من نتنياهو، وكان هناك تباين داخل القيادة الاسرائيلية، ولكن الامريكان والأوروبيون طلبوا من مصر وتركيا وقطر التدخل، وكانت الرغبة بالتهدئة، وهنا بدأت المعركة التفاوضية غير المباشرة عبر الاخوة في مصر وكان لتركيا وقطر دورهم الكريم وكانت المسألة نعم لوقف النار مع الاستجابة لمطالب شعبنا المحددة.
* من هي الأطراف الفاعلة في تلك الهدنة وكيف أديرت عملية المفاوضات؟
يوم السبت الماضي كان يوما مشهود في القاهرة حيث تواجد رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، ومعه وزير خارجيته أحمد داود أوغلو، ومعه طاقم كبير من الحكومة والقيادة التركية في القاهرة، وكذلك أمير قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، بجانب مصر.
هذا الحضور المشهود في القاهرة كان تعبيرا عن تضامن الامة وأن هذه الاطراف العربية والاسلامية تقف من اجل سرعة وقف العدوان علي غزة، فتركيا من خلال أردوغان بذلت جهدا كبيرا في اتصالات بالأمريكان، بل لا أذيع سرا بأن الإسرائيليين أنفسهم بادروا واتصلوا بتركيا، عبر قناتين وليس قناة واحدة، يطلبون منها بذل جهد للوصول إلي التهدئة، وبالفعل كان للجهد التركي مع الجهد المصري نتائجه وظللنا علي اتصالات مع المسئولين الأتراك حتي تم الانجاز.
فمصر مع تركيا وقطر، هذا الثلاثي كان له وزنه وتأثيره في الوصول إلي تلك النتيجة والامريكان ادركوا أن هذا هو المخرج الوحيد وادركوا أن نتنياهو لو ظل في مغامرته العسكرية كان سيخسر خسارة كبيرة.
* هل فؤجتم بالموقف العربي؟
ربما "إسرائيل" تفاجئت بهذا الموقف لكننا نحن لم نتفاجأ؛ لأن ثقتنا بالموقف العربي في ظل ربيعه الجميل كانت ثقة في مكانها لا شك أن تقاطر وزراء الخارجية العرب ورئيس الحكومة المصري ووزير الخارجية التركي والجامعة العربية على غزة كان تعبيرا عن مرحلة جديدة بان غزة ليست وحدها فالعرب كان لهم دور مميز في إسناد الشعب في غزة.
عدة عوامل من طرفنا كانت مؤثرة في النتيجة: صلابة شعبنا، والمقاومة في الميدان، والتعاطف والجهد العربي والاسلامي السياسي والاعلامي والزيارة المباشرة مع غزة وكذلك صلابة موقفنا في التفاوض مع "إسرائيل" عبر القناة المصرية، كل ذلك كان له تأثير في النتيجة.
* تتحدث عن صلابة موقفكم في المفاوضات غير المباشرة فهل ستنعكس تلك الصلابة على مائدة المفاوضات المباشرة؟
ما جري في الـ 8 أيام نموذج كيف تدار المعارك العسكرية والسياسية، خاصة أن بين الاثنين علاقة وثيقة، والذي يريد أن يخوض معركة سياسية لابد أن تكون أوراقه علي الأرض قوية، وهذا الدرس نموذج، ونحن نعتقد أن استعادة الأرض والقدس وحق العودة والحقوق الفلسطينية يحتاج إلى أوراق قوة حقيقية، ووقف العدوان علي غزة تطلب كل هذه السيمفونية الجميلة القوية الواثقة، فكيف بمن يريد أن يستعيد القدس والأرض ويعود الشعب المهجر إلى أرضه!
هذا يحتاج إلي معركة تتوافر فيها كل أوراق القوة وعلي رأسها المقاومة مع وحدة الصف الفلسطيني مع وحدة الموقف العربي والاسلامي ومع حسن ادارة المعركة السياسية.
لكن مخطئ من يتخيل أن استعادة فلسطين والقدس يتم بعملية تفاوضية فقط، التفاوض محطة صغيرة ضمن منظومة المقاومة والنضال الوطني المدعوم عربيا واسلاميا ومن أحرار العالم حتي نحصل علي حقوقنا، والجهاد والمقاومة هو الطريق الاستراتيجي لتحقيق ذلك.
* وهل تعي السلطة الفلسطينية ذلك؟
إخواننا في السلطة نختلف معهم في هذه الرؤية، لكن نتمنى أن يلتقطوا هذا الدرس، وأن يعرفوا أن انهاء الاحتلال الاسرائيلي له طريق اخر غير طريق المفاوضات المتبع حاليا والمعارك السياسية مطلوبة، ولكن إلى جانب منظومة متكاملة من خيارات العمل الوطني والنضال، ونحن علي العموم لسنا طرفين ونسعي ان نكون طرفا واحد حريصون في اجواء هذا الانجاز في غزة ان نستثمر ذلك في الوصول الي المصالحة تقوينا وتقوي اوراق القوة بين ايدينا وتجعلنا مصرين علي استعادة الحقوق في ميدان اخر.
* ماذا عن المصالحة الفلسطينية؟
هناك خطوات، المصالحة كانت موجود وتعثرت احيانا واجواء هذه المعركة في غزة والانتصار الطيب الذي اكرمنا الله به يخلق ظروف افضل لإنجاح المصالحة وهذا ما نسعي اليه.
* هل هناك خطوات فعلية لتحقيقها؟
الاخوة في مصر يحضرون لرعاية جولة جديدة من جولات المصالحة لنبني علي ما سبق من خطوات ونطور الخطوات التي تنهي الانقسام وترتب البيت الفلسطيني من خلال انهاء المشاكل علي الارض وانهاء التوترات الامنية الداخلية، وتوحيد الحكومة والسطلة وعقد الانتخابات واعادة بناء منظمة التحرير بحيث تكون لنا مرجعية قيادية واحدة في الداخل والخارج.وكذلك يكون لنا برنامج سياسي فلسطيني واحد يستند الي اوراق القوة وعلي راسها المقاومة ويتمسك بالثوابت الوطنية.
* هل تم تحديد موعد للبدء في الجولة الجديدة من المفاوضات؟
سيتم الترتيب له في القريب إن شاء الله.
* هل كسر اتفاق الهدنة الحصار فعليا؟
ورقة التفاهمات التي تمت فتحت الباب لإنهاء الحصار من خلال فتح المعابر، وتسهيل حركة الافراد والبضائع وهي الخطوة الكبيرة علي طريق انهاء الحصار، ولا شك ان الدول العربية والاسلامية قطعت شوطا في اعادة اعمار غزة فعلى سبيل المثال الدعم التركي ببناء مستشفي تعليمي والدعم الكبير لغزة مع زيارة امير قطر وتسريع القيادة المصرية لفتح معبر رفح ، فكل ذلك يقربنا من لحظة الاعلان عن انتهاء الحصار بشكل نهائي.
* الاتفاق يتضمن فتح المعابر وفق الاتفاقات التي تمنح "إسرائيل" التحكم في حركتها فكيف تتعاملون مع ذلك؟
هناك معابر بين غزة وإسرائيل وهناك معبر مع مصر، و كنا بالأمس في اجتماع مع جهات سيادية مصرية للتباحث حول هذا الأمر، وإن شاء الله سنحقق من خلاله ما يحتاجه شعبنا الفلسطيني.
المقاومة الفلسطينية قادرة علي استكمال بناء قوتها وتعويض ما خسرته في أقرب وقت وندعو أمتنا في الاستمرار في دعمنا وأن تضاعف من مضاعفة هذا الدعم، لأن الدعم الشعب في صموده وفي ثباته علي ارضه وفي مواجهته للاحتلال والعدوان هذا واجب الأمة وكسب لها فاذا انتصر الشعب الفلسطيني فان الامة تنتصر فالشعوب العربية والتركية والاسلامية ستشعر بالانتصار والمعركة شراكة وشعب فلسطين سيظل وفيا لأمته.
* الانتخابات الإسرائيلية تقترب فهل تتوقع خرق للتهدئة؟
بعد المغامرة الماضية لا أظن أن الوقت المتبقي للانتخابات يسعف نتنياهو لمغامرة جديدة ولكن هذا العدو غادر ولا يؤمن جانبه ونحن جاهزون وله بالمرصاد.
وهذه التهدئة ستسمر بقدر التزام العدو ونحن جاهزون لكل الاحتمالات، ولا نتمنى أن يكون هناك مزيد من الدماء.
* بالأمس أعلن نتنياهو أنه خرج منتصرا من عملية عامود السحاب وأنه اختبر القبة الحديدة وكذلك رصد وصول السلاح للمقاومة فما تعليقك؟
علي نتنياهو أن يقنع شعبه أولا ثم يقنع المجتمع الدولي، فاليوم 70% من الرأي العام الاسرائيلي معترض علي سياسية نتنياهو وعلي النتيجة التي آلت اليها المعركة، وهذا دليل علي فشل سياسته في العدوان علي غزة، فلا هو حقق قوة الردع ولا دمر البنية التحية ولا فرض علينا شروطه بل نحن الذين فرضنا شروطنا.
* ما الذي خسرته في المعركة؟
أراوح شهداءنا الذكية.
* مكاسب المقاومة خلال ال8 أيام هل تتوقع أن تؤثر علي المطلب الفلسطيني المقرر تقديمه للأمم المتحدة للحصول على عضوية؟
لا شك هذا يرفع الروح المعونة الفلسطينية ويجعل صورة الفلسطينيين علي مستوي العالم ممتازة ، ولكن موقفنا أن المعركة الدبلوماسية في الامم المتحدة وان كانت مهمة وجيدة لكنها لا تكفي، وينبغي ألا تكون منفردة، بل أن تكون وفق توافق وطني فلسطيني عام ومنظومة ورؤية الدبلوماسية جزء منهو وفيها أيضا المقاومة حتي ننتزع حقنا، وهذه الخطوة مهمة ضمن خيارات مفتوحة يسعى إليها الشعب الفلسطيني.
* هل مكاسب المقاومة ستدفعك لتغيير رأيك بترك المكتب السياسي للحركة؟
الحركة لديها مؤسسات قوية والله سيوفقها لاختيار ما هو انسب في هذه المرحلة، وأنا لي موقفي، وانا ابن هذه الحركة ومؤسس فيها، واتشرف ان أخدم وطني وامتي من خلال حركة حماس، والأهم هو الدور والخدمة وليس الموقف، والذي يستمر هو الجهاد والتضحية وخدمة هذه الأمة.
إذا تغير الموقع فالدور مستمر لأني معني بهموم الأمة، وانا رجل عقلي وقلبي مشغول بخدمة قضيتنا، واهم شيء هو القبول من الله واسال الله حسن الختام.
* متي ستزور غزة؟
سيكون ذلك في لحظة لن تطول ان شاء الله، وغزة العزيزة في قلبي ولن يطمن قلبي وتهدئ نفسي الا ان تكتحل عيني برؤية غزة، وان اكون علي ترابها.. تراب المجاهدين.
* هل سيكون للحركة مكتب في القاهرة؟
العلاقات مع الدول لها أشكال متعددة، وليس المكتب هو الشكل الوحيد للعلاقة، وعلاقتنا بالقاهرة ممتازة وتتطور باستمرار، وما حدث في الأيام الماضية كان شاهدا على ذلك ومصر في القلب ونفخر بها.
المصدر: وكالة الاناضول للانباء، أنقرة