ياسر علي: التطبيع الثقافي أخطر من السياسي.. واللاهثون
سيخسرون
الأربعاء، 27 آذار، 2019
قال الشاعر والكاتب الصحفي ياسر علي إن التطبيع
الثقافي مثل كل مجالات التطبيع التي تندرج تحت مصطلح التطبيع عامة وهذا المصطلح يدل
على نوع من قبول الورم الخبيث في الجسم العربي.
وأضاف: "أن تتعايش مع الورم السرطاني في جسمك
يعني أن تسمح له أن يقضي عليك، وبالتالي فإن التطبيع الثقافي تحديداً هو نوع من تغيير
الأفكار أكثر مما هو نوع من التغيير السياسي، وتغير الأفكار أخطر من التغيير السياسي
في مجال التعاون بين الشعوب لأن الشعوب تجبر بالتطبيع السياسي ولكنها تتفاعل وتتأقلم
مع التطبيع الثقافي، لذلك أنا أعتقد أن التطبيع الثقافي أخطر من التطبيع السياسي على
المدى الطويل وعلى المدى العميق".
الضغط السياسي
وعدّ ياسر علي في سياق مقابلة مع المركز الفلسطيني
لمقاومة التطبيع: "أن الأسباب التي تدفع بقوة باتجاه مسار التطبيع بشكل عام هو
الضغط السياسي المرتبط بصفقة القرن وبطموح بعض الزعماء الذين يريدون الوصول إلى السلطة
بأي ثمن من الأثمان".
وتابع: "التطبيع الثقافي له علاقة بالسلطة
الحاكمة في بلادنا العربية، السلطة الحاكمة هي التي تحكم المجالات الثقافية، والثقافة
في بلادنا العربية تتبع السياسية والحاكم، فإذا ما أراد الحاكم أن يسارع في التطبيع
فإن المثقفين هم الذين يروجون له.. كان أحد
قيادات الثورات العالمية يقول: كلما قابلت مثقفاً أتحسس مسدسي خاصة أولئك المثقفين
الذين يداهنون السلطة ويبررون لها ويروجون لها عند الشعب بالتالي يمكن أن يكون الحاكم
ظالماً إلى أقسى حد، ثم تأتي القصائد لتمدحه وتمجده فيصبح مقبولاً على المستوى الشعبي
أو على المستوى الزماني لاحقاً كما تبين من بعض القصائد التي مدحت الظالمين واشتهرت
كثيراً، ثم تبين أنها كانت نوع من التدليس والكذب والضحك على الشعب".
وأوضح العلي "أن التطبيع الفني والثقافي قد
يأتي لاحقاً للتطبيع السياسي وقد يأتي ممهداً له فعندما يأتي ممهداً له فإن يبث بعض
الأفكار كبالونات اختبار لكي يرى ردة الفعل الشعبية أما عندما يأتي لاحقاً له فإنه
يأتي ليكرس في الوجدان الشعبي ما يريد السياسي أن يحدثه لاحقاً وكما حدث في اتفاقية
كامب ديفيد عندما وقعها السادات وقعها سياسيا وحقق التسوية مع العدو الصهيوني، وحقق
ما يسمى بالتطبيع ولكن المثقفين والفنانين المصريين بشكل عام كانوا ضد التطبيع فبقي
هذا الأمر مرفوضاً شعبيا إلى أن حدثت ثورات الربيع العربي، والآن باعتقادي أن هذا الرفض
في كل بلادنا العربية هو رفض مستبطن وسيكون له ما بعده، وهو كالنار تحت الرماد، سوف
يحدث أمر آخر وربما يكون هو السبب في شرارة اندلاع ثورات جديدة في الشارع العربي".
حرية التعبير
وقال: "لا أعتقد أن التطبيع سيتم إلى آخره
كما يظن البعض فالشعوب العربية عندها وعي بما يكفي، وبالتالي حتى لو وقع الحكام فسيخرج
مثل أحمد دقامسة وسيخرج مثل سليمان خاطر وغيرهم من المناضلين ليرفض هذا التطبيع والحركات
الشعبية سترفض هذا التطبيع؛ نحن نعلم أن أوروبا تقيم علاقات ديبلوماسية مع الكيان الصهيوني منذ تأسيسه ولكن حركة
BDS مؤثرة بشكل كبير في الجامعات الأوروبية والأمريكية.
وعن سؤال ألا تتعارض الدعوةُ إلى مقاطعة أعمال فنّيّة
وأدبيّة تطبيعية مع حريّة التعبير؟ قال: "قطعاً لا تتعارض الدعوة إلى مقاطعة أعمال
أدبية تطبيعية مع حرية التعبير، أصلاً وجود الكيان الصهيوني في منطقتنا هو مخالف ومناقض
لحرية التعبير هو فرض فرضاً على الشعوب العربية وعلى الأرض العربية في هذه المنطقة
وبالتالي وجوده هو ضرب للحرية ولحرية التعبير، والأصل عدم وجوده في منطقتنا فكيف بك
إذا قلت تقاطع هذا الكيان أو الأعمال الفنية التي تناصر هذا الكيان".
وعن رأيه لو أيّد إسرائيليٌّ فاعلٌ في المجال الثقافيّ
"الحقوق الأساسيّةَ للشعب الفلسطينيّ"، ولكنّه يشارك في نشاطات تصبّ تماماً
في مصلحة الاحتلال؟ أوضح: "من جهتي لا أقيم علاقات معه ما لم يترك الاعتراف بالكيان
الصهيوني، نحن معركتنا مع العدو الصهيوني معركة وجود كما نعلم، وهي صراع حق وباطل،
وليس فقط معركة تطبيع ثقافي أومقاطعة عمل ثقافي هنا وعمل فني هناك، بالتالي الإسرائيلي
الفاعل الثقافي لو أيد الحقوق الفلسطينية في مجال ما أنا لا أؤيده طالما هو يعترف بأحقية
الكيان باغتصاب الأرض الفلسطينية قد يحمل هوية إسرائيلية بحكم الولادة أو التحرك الديبلوماسي
لكن أنا ضد التعاون مع إسرائيلي يعترف بأحقية الكيان بوجوده على أرضنا، والخلاصة إذا
حمل الهوية الإسرائيلية ولكنه كان رافضاً لحق هذا الكيان في الوجود على أرضنا فأهلا
وسهلا به، لكن إذا كان يحمل الجنسية الإسرائيلية ويؤيد وجود هذا العدو فلا أهلاً ولا
سهلاً به".
شرف المقاطعة
وأضاف: "إن شرف المقاطعة لن يناله جهات لا
تقيم وزناً للحرية وللديمقراطية وللحقوق الفلسطينية والتي تسعى جاهدة وتزحف من أجل
إرضاء الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية".
أما عن كيف يمكن للشعوب أن تقاوم التطبيع بشكل عام
فقد قال: "الشعوب ممكن أن تقاوم التطبيع بالرفض العام وبالرفض الكامل لكل أعمال
التطبيع ولكل العلاقات مع الكيان الصهيوني، وليكن موقفنا مبدئياً ولا يتجزأ، لأنه الفصل
كارثة علينا أن نوحد هذا الموقف كلياً سياسيا ثقافيا اقتصاديا اجتماعيا فنيا عسكريا،
كل أنواع المقاطعة يجب أن نقيم لها وزناً ويجب أن نحركها، أما إذا جزأنا المقاطعة كما
أن نقاطع ثقافيا ولا نقاطع اقتصادياً لحاجتنا، أو نقاطع ثقافيا ولا نقاطع سياسيا، هذا
الأمر سيؤدي إلى خلخلة جدار المقاطعة، وبالتالي أعتقد أن تجزيء المقاطعة له نتائج كارثية
على قضيتنا الفلسطينية وحركات المقاطعة بشكل عام".
وختم بقوله: "النصر للشعوب وللأمة، والسنن
الإلهية والكونية تعيد الحق لأهل الحق، وتعيد الأرض لأهل الأرض، ويخسأ العملاء والمستسلمون،
واللاهثون خلف التطبيع سيخذلهم العدو وعملاؤه، وسيخسرون في الدارين".
المصدر: المركز الفلسطيني لمقاومة التطبيع