لماذا يتظاهر
فلسطينيو لبنان ضد سياسة الأونروا الجديدة؟
بقلم:
سليمان الشّيخ *
منذ
إنشاء هيئة الأمم المتحدة لرعاية وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» عام
1949، كانت وما زالت خدمات هذه الهيئة تتعرض لهزات ومجادلات واحتجاجات ومطالبات،
خصوصا أن الاحتياجات الفلسطينية في ازدياد، في كل ما يتعلق بالخدمات التي تؤديها
الأونروا، إن كان الأمر يتعلق بالنواحي الصحية أو التعليمية أو الإسكانية أو
التموينية أو الخدمات الاجتماعية وغيرها.
فإن
كانت الأونروا وبسبب خطتها التمويلية عام 2016 تريد تقليص الخدمات التعليمية ورفع
سقف عدد الطلاب في مدارسها إلى ما يزيد عن 50 طالبا في الصف الواحد، بعد أن كان
العدد لا يصل إلى 40 طالبا من قبل، وهذا يوفر بحسب حسبة الأونروا عدم توظيف معلمين
ومعلمات جدد، كما يقلص عدد الاحتياطي منهم، ويوفر مصاريف وخدمات وإيجارات بعض
المباني المدرسية المستأجرة.
في
الجانب الآخر ولدى هيئات فلسطينية عديدة، فإن تحويل مركز سبلين المهني والتعليمي
في لبنان إلى مركز جامعي، أو إلى كلية جامعية، هو من المطالب التي تم رفعها إلى
إدارة الأونروا منذ سنوات.
ما
يعني أن هناك من يريد تقليص الخدمات من قبل إدارة الأونروا في لبنان، توفيرا
للمصروفات، في حين أن مطالب واحتجاجات ملحة لدى الفلسطينيين تدفعهم للمطالبة
بتنفيذ خدمات جديدة لهم، أو تطوير ما هو موجود. من أبرز ما جاء في الخطة الجديدة
للأونروا في لبنان لهذا العام، تقليص مصروفات الاستشفاء على سبيل المثال، وتم
الدخول في تفصيلات تتعلق بما تتكلفه الأونروا في دفع مصاريف الاستشفاء عن المريض
الفلسطيني في المستشفيات، فبعد أن كان الاستشفاء يتم على حساب الأونروا بشكل كامل
أو شبه كامل، أصبحت الخطة الجديدة تطلب أن يدفع المريض 20٪ من المصاريف لدخوله إلى
المستشفيات الخاصة، وأن يدفع 15٪ من تكاليف علاجه في المستشفيات الحكومية، وأن
عليه دفع 5٪ من تكاليف علاجه في مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني، ولم ينحصر
الأمر في ما سبق، بل تضمنت خطة الأونروا عدم تحمل أي تكاليف تتعلق بالمريض
اللبناني من أصل فلسطيني. كما تضمنت الخطة وقف التعاقد مع بعض المستشفيات المهمة
في منطقتي بيروت وصيدا، علما بأن ميزانية الاستشفاء في أونروا لبنان لا تصل إلى
عشرة ملايين دولار سنويا، كما تضمنت الخطة أيضا وقف مساهمة الأونروا المتعلقة
بتكاليف عدد من أدوية السرطان وغيرها.
وشملت
التطبيقات الجديدة وقف برنامج الطوارئ لأهالي مخيم نهر البارد، مع وقف بدل الإيواء
لأكثر من 60٪ من الأهالي الذين يقيمون في بيوت مستأجرة، وعدم استقبال طلبات جديدة
لبرنامج الشؤون الاجتماعية.
دروس
تجربة طويلة: وكانت قد راجت معلومات قبل بدء السنة الدراسية لهذا العام، بأن
الأونروا بصدد الاستغناء عن عشرات المدرسين والمدرسات في مدارسها، وراج أيضا أن
الأونروا لن تدفع رواتب لموظفيها حتى شهر أبريل لهذا العام.
وذكرت
مصادر في الهيئات واللجان الشعبية في المخيمات الفلسطينية أن مسؤولي الأونروا
عليهم توفير الميزانية المناسبة التشغيلية لكل عام، وأن خطط انتظار دفع مساعدة أو
تمويل من هذه الجهة أو تلك سنويا، يضع مخططات الوكالة وبرامجها في حالة غير
مستقرة، وتدفعها في نهاية كل عام إلى مناشدة الجهات المانحة وبإلحاح إلى دفع ما
يمكنه أن يسد عجز موازنة الأونروا التي لا تزيد كثيرا عن مئة مليون دولار سنويا،
يذهب بعضها مرتبات لبعض كبار موظفيها. وتضيف تلك المصادر أنه كان الأجدر بمسؤولي
الأونروا المطالبة بموازنة ثابتة من قبل الأمم المتحدة، خصوصا أن 67 سنة من عمر
الأونروا كفيل بالاستفادة من جميع دروس التجربة الطويلة، وبما أن الأونروا هي
مسؤولة عن رعاية وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين حتى عودتهم إلى بلادهم، لذا فإن تحميل
اللاجئ الفلسطيني مصاريف علاجه، أو جزءا منها بحسب مصادر اللجان الشعبية
الفلسطينية هو من صميم واجبات الأونروا، خصوصا في ظل الأزمات التي تعيشها المخيمات
الفلسطينية وعدم وجود فرص عمل مناسبة أمام مئات المتخرجين من الجامعات والمعاهد،
وإغلاق أبواب نحو 70 مهنة في وجه الفلسطيني في لبنان.
لذا
فإن مسؤولي اللجان والأحياء الشعبية في المخيمات أبلغوا مسؤولي الأونروا أنهم بصدد
ترتيب قيام تظاهرات واعتصامات وإضرابات مستمرة، لمنع تنفيذ مخطط الأونروا الجديد،
وأنهم بصدد توصيل الاحتجاجات إلى جميع الجهات المؤثرة والنافذة في هذا المجال،
خصوصا الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة. وقد باشرت التجمعات الفلسطينية في لبنان
بالإعلان عن تنفيذ اعتصامات وتظاهرات حتى قبل بداية هذا العام أمام مكاتب الأونروا
في المناطق اللبنانية المختلفة. وما زال برنامج الاحتجاجات يتصاعد في المخيمات،
إلى أن تتراجع الأونروا عن تنفيذ خطتها الجديدة.
والجدير
بالذكر أن ثلاث نساء من مخيم البرج الشمالي، الواقع شرق مدينة صور الجنوبية، توفين
نتيجة عدم حصولهن على تحويلات طبية مناسبة من الانروا إلى مستشفيات خاصة لمعالجة
امراضهن، كما أن شاباً أحرق نفسه للاسباب ذاتها، وعم الاضراب العام جميع مؤسسات
الانروا خلال الاسبوع الماضي في جميع المخيمات الفلسطينية في لبنان، ودعوات
التصعيد ما زالت قائمة.
٭
كاتب فلسطيني
المصدر:
القدس العربي