أزمة نهر البارد على أعتاب العام السادس
بقلم: سامر السيلاوي
تنهي أزمة مخيم نهر البارد النصف الأول من عامها السادس، وما زال هناك أكثر من خمسة وعشرين ألف نازح ينتظرون الوعود بالعودة الحتمية إلى المخيم بعد إعماره، وأمام تلك الوعود، لا تزال الإنجازات متواضعة، والخاسر الأكبر النازحون الذين أثقلت هممهم المعاناة، فغدوا عاجزين عن المطالبة بأدنى الحقوق، في دولة تتخبط بنزاعاتها الطائفية والسياسية التي لا تنتهي.
عبد الله ديب؛ أحد المتابعين لملف البارد يقول: "خمسة أعوام ونصف، وما زال القسم الأكبر من أهل البارد يعانون مرارة التشرد والنزوح في التجمعات والأماكن الأخرى، كل ذلك بسبب ضعف وبطء عملية الإعمار، والمنجز لا يساوي حتى الآن عودة أكثر من 9 % من أهالي البارد".
ويضيف مسؤول لجان حق العودة: "إن القضية الأبرز هي موضوع التمويل، لأن الأموال الموجودة فقط تلبي حاجة إعمار الرزمة الرابعة، وذلك بسبب عدم التزام عدد من الدول بتعهداتها في عملية الإعمار، خصوصاً الخليجية منها، وتحدث المدير العام للأونروا في اللقاء الأخير معه بوضوح عن مشكلة التمويل، وعدم التزام عدد من الدول الأوروبية أيضاً بالتزاماتها بسبب أزمتها المالية، وهذا غير مبرر طبعاً من هذه الدول، كما أن هناك مشكلات وقضايا ما زالت عالقة تتعلق في عدم تسليم الهبة الإيطالية لأصحابها وإنصافهم حتى يستطيعوا إعمار منازلهم المهدمة في القسم الجديد، إضافة إلى ملفات أخرى لها علاقة بمشكلة عدم الضغط من الأونروا على الشركات الملتزمة عملية الإعمار، وتراجع خدماتها على مستوى خطة الطوارئ الإغاثية إن كانت بالصحة أو ملف الإيجار، وهنا تبرز مشكلة الأهالي الذين كانوا مستأجرين بيوتاً قبل أحداث 2007، ووعدت الأونروا بإعطائهم بدل الأثاث، ولم تلتزم حتى الآن، وهم الآن يدفعون بدل إيجار من قوت عيالهم، ناهيك عن مشكلة المتزوجين الجدد التي تتعاطى معهم الأونروا بقوانين وإجراءات مجحفة، منها تثبيت 50 إسماً سنوياً فقط، ووضعهم على عقود الإيجار، وهذا مقتصر للذي مسجل له بيت في المخيم القديم، ملفات عديدة كذلك تحتاج إلى متابعة، منها مشكلة المباني المهدمة في الجديد والإشكالية في العقار 39، لكن يجب مضاعفة الجهود والعمل على تسريع إعادة الإعمار من خلال حث الدول المانحة على إرسال مساهمتها التمويلية، حرصاً على مصلحة الأهالي ومستقبل أولادهم الذين يعيشون حالة من الخوف، بسبب الأوضاع التي تجري في المنظقة وانعكاسها سلباً على وعود التمويل وخطة الطوارئ".
أبو جابر النازح وعائلته في مخيم شاتيلا يقول: "الضغط الكبير من السياسيين والعسكريين هو الذي دفع الأهالي إلى الخروج من المخيم، والوعود التي قطعها السياسيون، وفي مقدمهم رئيس الحكومة آنذاك فؤاد السنيورة بالإعمار والعودة المحتمة، أدت إلى تراجع النازحين عن المطالبة بالعودة الفورية إلى المخيم المدمر، اليوم، لا يبدو أن هناك جدية في التعاطي بالملف، والمبررات التي تطرح لتضييع الوقت، آلاف العائلات ما زالت مشردة تنتظر خدمات الأونروا المتقلصة يوماً بعد يوم، حالة من الشحن والضيق بدأت تلقي بظلالها على الأهالي، والشباب يسعون إلى الهجرة للالتحاق بالآلاف غيرهم ممن شتتوا في بلاد الاغتراب".
ووفقاً لمصادر في الأونروا، فإن العمل يجري بصورة مناسبة كما كان متفق مع المجتمع المحلي، ولكن تبقى مسألة التمويل لبقية الرزم تشكل تحدياً أمام الوكالة، وبحسب المصدر، فإن الأعمال تسير في البلوكات N6 وN7 وN9 وN10 في الرزمة الثانية، في حين يتوقع أن يسلم البلوك N10 خلال فترة قريبة جداً، وبالنسبة للأعمال في العيادة الصحية والمدرسة، فإنها تسير وفقاً لما هو مرسوم بحسب المصدر ذاته، الذي يؤكد المخاوف من عدم الالتزام بوعود التمويل.
أم سعيد قاسم من سكان البركسات تقول: "الوضع أصبح لا يحتمل، لن تستمر المعاناة، هناك وقت محدد، وإلا سنخرج بتظاهرات يومية للمطالبة بالإسراع بإعادة الإعمار، نحن نعيش في ظروف لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، ولا أحد يبدو مكترس إلى وضعنا، يبدو أن هناك توجهاً لتخدير الملف، لكن لن نسمح بذلك، وسنعمل على تغيير هذا الواقع بشتى الطرق".
ينتظر معظم أهالي المخيم المدمر منذ ما يقارب ست سنوات العودة، ويخشون أن تصبح معاناتهم جزءاً من مأساة أهالي مخيمات تل الزعتر والنبطية وجسر الباشا المشتتين هنا وهناك منذ ما يقارب الأربعين عاماً.
المصدر: جريدة الثبات