القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 22 تشرين الثاني 2024

أسبوع على عملية (سيف القدس).. قراءة في منجزاتها النوعية


رأفت مرة

يوم العاشر من شهر أيار/ مايو الحالي كان يوما تاريخيًّا في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، حركة حماس وقوى المقاومة حددت للاحتلال توقيت الساعة 18 مساء ليتوقف عن اقتحام المسجد الأقصى المبارك وترحيل أهالي حي الشيخ جراح في القدس.

الاحتلال حاول المناورة فنفذت المقاومة تهديدها. الاحتلال كعادته رد باستهداف المدنيين في قطاع غزة، فردت المقاومة وتصاعد الموقف إلى أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم.

خلال أسبوع من المواجهة مع الاحتلال قصفت المقاومة بالصواريخ بكثافة عددا من أهم المدن الصهيونية مثل "تل أبيب"، وغطت صواريخها كامل الأراضي الفلسطينية وعطلت الحياة داخل المجتمع الإسرائيلي ووضعت ثلاثة ملايين مستوطن في الملاجئ، وشلت المرافق العامة، وعطلت الملاحة الجوية، وألحقت أضرارا كبيرة بالاقتصاد والبورصة والقطاع السياحي.

المقاومة الفلسطينية وخلال هذا الأسبوع أطلقت رشقات متواصلة من الصواريخ على أهم المدن والمستوطنات، فأدخلت الرعب في قلوب المستوطنين، وكشفت هشاشة منظومات الدفاع كالقبة الحديدية، وأفقدت المجتمع الصهيوني الشعور بالأمن والاستقرار كما أفقدته الثقة بالحكومة والمؤسسة العسكرية والأمنية، خاصة بعدما فشل الاحتلال في صد الصواريخ أو تنفيذ عملية برية أو تحقيق إنجاز عسكري مهم أو حماية مجتمعه أو طمأنته.

إنجازات كتائب القسام وقوى المقاومة في فلسطين ترافقت مع تحولات نوعية في عدة محاور، فقد تواصلت الانتفاضة في القدس، وعزز أهالي حي الشيخ جراح موقفهم الصمودي المتميز، وانطلقت انتفاضة شعبية عارمة في عشرات المدن والقرى الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948 بشكل لم يحصل مسبقا، وتصدى الفلسطينيون لشرطة الاحتلال واعتداءات المستوطنين، وأعلنوا دعمهم الواضح للقدس والأقصى والمقاومة، وشكل هذا التطور تحولا نوعيًّا في مسيرة الصراع، وأفقد الاحتلال القدرة على التعامل معه.

ثم جاءت انتفاضة الفلسطينيين في الضفة الغربية التي ثارت بشكل جماعي في مختلف المدن، وقدمت عددا من الشهداء وتكاملت مع صمود غزة وانتفاضة القدس والـ 48 وأربكت الاحتلال.

في الجانب الآخر حاول الفلسطينيون في لبنان والأردن اختراق الحدود، وتظاهروا على السياج، وأطلقت صواريخ من لبنان وسوريا. وتظاهر الفلسطينيون في أوروبا وكندا وأمريكا بشكل كبير.

وترافق هذا مع حراك شعوب عربية وإسلامية دعمت المقاومة والانتفاضة.

وبرز موقف دولي حمل الاحتلال المسؤولية عما وصلت إليه الأمور، وصدرت عدة مواقف رافضة لاقتحام الأقصى أو ترحيل أهالي حي الشيخ جراح.

وحققت المقاومة والشعب الفلسطيني إنجازات مهمة من خلال الصمود والتضحيات التي قدموها، وشاهد العالم الاحتلال الإسرائيلي وهو يرتكب جرائمه بشكل مباشر على الهواء مستهدفا المدنيين والمرافق الحكومية والأحياء السكنية حيث قتل نحو 40 طفلا.

وحقق الفلسطينيون انتصارات إعلامية والعالم يشاهد صمود الشباب في القدس وبسالة أهالي حي الشيخ جراح، وتضحيات أهالي غزة، وتدمير الأبراج التي تحتوي على مقرات وسائل الإعلام الدولية.

بعد أسبوع من عملية (سيف القدس) ظهر الاحتلال الإسرائيلي ضعيفا فاشلا، يقصف أهدافا مدنية فقط. عاجز عن التوغل البري، أو وقف الصواريخ، أو حماية المستوطنين، أو منح الثقة للمجتمع، وظهر للاحتلال الإسرائيلي أن كل خياراته السياسية والعسكرية فاشلة وعديمة الجدوى.

بعد أسبوع من عملية (سيف القدس) تمكن الفلسطينيون والمقاومة من وضع القضية الفلسطينية على قائمة اهتمامات العالم، وأسقطوا محاولات الاحتلال تهويد القدس أو تغيير طابع المسجد الأقصى المبارك، وتوحد الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج حول مشروع المقاومة. وضربوا الاحتلال في العمق، وكشفوا ضعف وهشاشة الاحتلال، وأسقطوا صفقة القرن وكل مشاريع التسوية، وأظهروا فشل مشروع التنسيق الأمني وخيار التطبيع، وأن الشعوب ترفض الاعتراف بالاحتلال وتدعم المقاومة، وظهرت السلطة الفلسطينية ضعيفة وعاجزة ومهمشة سياسيًّا ودبلوماسيًّا وشعبيًّا، حتى على الصعيد الدولي، وأن قيادتها لا تحظى باحترام وثقة الفلسطينيين، وأن هؤلاء يثقون بحماس والقسام ومحمد الضيف.

بعد أسبوع من (عملية القدس) أكد الفلسطينيون والمقاومة أن ذكرى النكبة هذا العام حملت بشائر التحرير والعودة وإزالة الاحتلال.

التقدير للشهداء والجرحى الذين رسموا هذا المشهد، مشهد التحرير والعودة.