أطفال المخيم ينتظرون روبن هود
برهان ياسين
وأنت تمر في أزقة المخيم الضيقة، لن
يفوتك شيء من مشاهداتك التلفزيونية، فصوت التلفاز من المنازل يشعرك بأنه يمشي قربك
في الزقاق، ولعل هذا الصوت يزداد جمالاُ حين يمتزج بصوت ضحكات أطفالٍ يشاهدون
الرسوم المتحركة.
لكن، ما إن نكبر، حتى ندرك أن كل ما
شاهدناه كان مجرد كذبة، فالمسلسل الكارتوني الأكثر رواجاً بين أطفال المخيم هو
القطة والفأر، وقد صورهما لنا وكأنهما عدوان لدودان. لكن، إن تجولت مساءً في
المخيم ستجدهما يأكلان معاً، وبفرح، من علبة سردين فارغة مختوم عليها "مخصص
للتوزيع المجاني - أونروا"، ملقاة على جانب الطريق، ولو أنصتّ قليلاً لربما
سمعت ضحكات الفأر وهو يجلس في أحضان القط الحنون، ثم تسمع أنيناً من البيت
المجاور، الذي كانت هذه العلبة وجبة عشاء أفراده السبعة.
لكن، لماذا الإجحاف، فقد أنصف كاتب
مسلسل "ماوكلي" الكارتوني، حين كتب عن حنان الحيوان على الإنسان، لست
أتكلم، هنا، عن كلب دافع عن صاحبه في حي ناء في لوكسمبورغ، بل عن أنثى كلب أرضعت
طفلاً جائعاً في مخيم اليرموك، حاصره الأخ الشقيق، ومنع عنه رغيف خبز،
فـ"شريخان"، ذلك النمر الحاقد كشف عن نابيه، و"أكيلا" الذئب
العجوز لم يعد قادراً على حماية أبنائه، فغدا اليرموك غابة، الضحية فيها أطفالها.
ولعل ما غاب عن أذهان أطفالنا، ولعله
المسلسل الأقل مشاهدة، هو شخصية روبن هود، كم وكم من نازح فر من نار الحرب في
سورية، وكم من لاجئ محروم من حقوقه، وكم من طغاة اليوم "يسرقون رغيفك، ثم
يعطونك منه كِسرة، ثم يأمرونك أن تشكرهم على كرمهم"، فهل مع هؤلاء سبيل غير
طريق روبن هود!
المصدر:
العربي الجديد