أطفال فلسطينيي سورية في لبنان يحلمون بغد أفضل
بقلم: فايز أبوعيد
لم يكن عمر يتوقع أن تمر عليه أحداث كهذه، ترك
مدرسته في مخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية دمشق، حين كان في السادسة من عمره فقط.
اليوم صار في العاشرة من عمره، لا يعرف القراءة والكتابة، كان يقطن في حي الجاعونة
عندما بدأت تنهال على حيهم القذائف التي تسببت بالدمار والخراب وموت أفضل أصدقائه،
مما دفعه وعائلته المكونة من تسعة أفراد إلى اللجوء إلى لبنان.
بداية، انتقل وعائلته إلى بيروت، حيث مكثوا بعض
الوقت. إلا أن تجربتهم في هذه المدينة كانت قاسية. يذكر عمر أن شخصاً يجهله اعتدى على
والده وأبرحه ضرباً مما استدعى إلى نقله للمشفى. حينها، انتقلوا إلى مخيم الرشيدية
بمدينة صور جنوب لبنان، واستأجروا منزلاً. كانت الحياة هناك أفضل. المشكلة أن والده
كان عاجزاً عن تأمين بدل إيجار المنزل، ما اضطره هو وأخوته إلى العمل.
يقول عمر: "تركت المدرسة لأساعد والدي في
تأمين متطلبات الحياة الأساسية من مأكل ومشرب ومساعدته في دفع اجار المنزل"، مشيراً
إلى أن والده أصرّ عليه أن يتابع تعليمه، ولم
يكن راضياً عن قراره تركه المدرسة والعمل.
ومن جانبه حدثنا "أيهم" طالب فلسطيني
عن مشكلته والحيرة بادية في عينيه الحالمتين بمستقبل دراسي زاهر وطموحاته المستقبلية
التي تلاشت في ظل هذه الظروف القاهرة، اضطر للجوء هو وأسرته من مخيم درعا جنوب سورية
إلى لبنان، بسبب سوء الظروف في منطقته، وبعد أن جاء إلى لبنان عام 2013 التحق بمدرسة
من المدارس التي استحدثتها الأونروا كي لا يفقد دراسته لكنه فوجئ بكثير من العقبات
من أهمها أنه حتى لو أتم العام الدراسي لا يمكنه التقدم لامتحانات التخرج من المرحلة
الإعدادية و خصوصاً أنه في الصف التاسع لذا فهو أمام خيارين إما العودة إلى سورية وتقديم
الامتحانات هناك وهذا خيار شبه مستحيل بحكم أن منطقته من المناطق الساخنة، أو كما قال
له بعض المدرسين أن يعامل معاملة طالب الصف الثامن ويسجل العام القادم في الصف التاسع
على المنهاج اللبناني المختلف كلياً عن المنهاج السوري، وبذلك يكون قد خسر عاماً من
حياته واحتمالية مواجهة صعوبة قد تنتهي بالخسارة مع المنهاج الجديد كونه لم يدرسه منذ
بداية مراحله الدراسية، لذلك فضل أيهم الذي كان من الطلاب الأوائل في مدرسته بسورية ترك مقاعد الدراسة والعمل لإعانة عائلته.
أما ديانا" صاحبة 12 سنة في الصف السادس من المرحلة الابتدائية هربت هي وعائلتها
من مخيم حندرات في حلب من جحيم الحرب الدائرة هناك إلى مخيم عين الحلوة للعيش بسلام
وأمان، إلا أن تلك الأمنية لم تتحقق بسبب الاشتباكات المتكررة التي تحدث في مخيم عين
الحلوة، مما اضطرهم مجدداً لترك المخيم والنزوح إلى مدينة صيدا الأمر الذي حرمها من
إمكانية متابعة تعليمها بسبب وضع عائلتها الاقتصادي المزري.
يتمنى أطفال فلسطينيي سورية في لبنان الذين سرقت
فرحتهم وحرموا من المدرسة التي يحبونها وضاع الحلم منهم، وهم في اليوم العالمي للطفولة
الذي يحتفل به العالم يوم 20 نوفمبر من كل
عام، أن تنفذ دول العالم والأمم المتحدة الوعد الذي قطعوه للأطفال عام 1989 بالقيام
بكلّ ما يمكن القيام به لحمايتهم ونشر حقوقهم في الحياة والبقاء والنموّ والتعليم،
وحقّهم في أن يسمع العالم أصواتهم، وأن يتمكّنوا من تحقيق أقصى ما بإمكانهم، كما يمنون
النفس بغد مشرق ومستقبل أفضل، وأن تنتهي الحرب في سورية ويعودوا إلى مخيماتهم في سورية
ريثما تتحقق وعودتهم إلى وطنهم فلسطين.
المصدر: مجموعة العمل