القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

أمن المخيمات الفلسطينية في لبنان مابين ضعف فتح والهوة داخل الحركات الإسلامية

أمن المخيمات الفلسطينية في لبنان مابين ضعف فتح والهوة داخل الحركات الإسلامية

بقلم: د. رمزي عوض

تعاني حركة فتح في لبنان من ضعف ووهن أدى لتحولها من حركة ثورية وطنية إلى مجموعات تلتمس الولاء خارج الحركة، بحسب أهواء زعمائها المحليين، وبحسب مصادر التمويل المادي في بعض الأحيان، مما أدى لتطور الحركات الإسلامية سياسياً وأمنياً جعلها تمسك في مكان ما بزمام الأمور في المخيمات الفلسطينية في لبنان نتيجة تطور فكري لقيادات الحركات الإسلامية جعلها عامل أمن واستقرار للمخيمات.

وإذا أردنا وضع أسس لنضع دراسة متواضعة ونظرة شاملة لحركة فتح وواقعها في لبنان فإننا نستنتج أن ضعف البيت الفتحاوي سببه ثلاث محاور رئيسية:

المحور الأول: تضارب الصلاحيات:

بحيث أن حركة فتح بما تمثل من عصب للوحدة الفلسطينية أصبح لها ثلاثة مرجعيات في لبنان تتضارب فيما بينها الصلاحيات بما يؤثر على وحدة القرار السياسي للحركة وهذه المرجعيات هي:

1- السلطة الوطنية الفلسطينية (دولة فلسطين)، وتتمثل في السفارة الفلسطينية التي تحاول ترسيخ مرجعيتها للحركة بالتحكم في القرار الفتحاوي وجعله يخرج من أروقة السفارة.

2- منظمة التحرير الفلسطينية حيث أن توحيد منصب قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وقيادة حركة فتح في لبنان أدى لإلغاء صوت الحركة وإذابته بشكل منظمة التحرير الفلسطينية على قاعدة الكل يلغي دور الجزء.

3- المرجعية الثالثة هي مجموعة مرجعيات محلية استطاعت إيجاد مكان لها على الخريطة السياسية المحلية والإقليمية وربما الدولية، حيث أصبحت لا تعنى كثيراً بالإلتزام بالقرار الفتحاوي وتستمد قوتها من ارتباطاتها التي رسخت من رواسب سابقة لقرارات صحيحة في وقتها وربما خاطئة، جاءت جميعها لتصنع هذه المرجعيات داخل الحركة، والتي لها فكرها الخاص ونظرتها الخاصة لسياسات الحركة التي تتخطى حدود نشاط الحركة في الساحة اللبنانية لتصل لحدود النظرة السياسة الشاملة لأداء السلطة الوطنية الفلسطينية.

المحور الثاني: الرؤية السياسية

عدم وجود رؤية سياسية موحدة داخل حركة فتح تعكس اتفاقا موحداً حول كافة الأحداث التي تجري في لبنان والمنطقة، كان هو الأساس في انكماش الحركة واختراقها سياسياً مما أدى لإضعافها، وهذا نتج من ضعف تراكمي للحركة، ومن سياسات خاطئة أحيانا، عند كل مفصل تحاول به القيادة الفلسطينية ترتيب البيت الفتحاوي.

المحور الثالث: فقدان الدراسة العلمية

حيث أنه في كل مرة تحاول الحركة ترتيب أوراقها الداخلية لتطبيق سياسات السلطة الفلسطينية تصدم بمنطق (اللاموضوعية)، والتي أسبابها مايلي:

1- فقدان سياسة (المرحلية) التي يجب أن تعكس توجهات السلطة الوطنية الفلسطينية لتنسجم مع الواقع الخاص للمخيمات الفلسطينية في لبنان، مما أدى في بعض التوجهات لخلق هاجس موحد لدى أبناء الحركة، حيث انعكس هذا الهاجس ليطال كافة شرائح المجتمع الفلسطيني، وهو أن السلطة أصبحت تضع المخيمات في خانة (العبء) عليها وأنها تبحث عن حل سريع لإنهاء هذا الملف بأي شكل من الأشكال.

2- عدم وجود تطمينات لهواجس بعض القيادات، والتي أصبحت مرجعيات وطنية لايمكن تجاهلها بأي شكل من الأشكال، وأهم هذه الهواجس التي تفكر بها هذه المرجعيات هي (الإقصاء)، والتي أدت ليدافع الجميع عن وجوده من خلال عناوين وطنية أو دينية أو إنسانية.

3- الكيدية والمحسوبية في القرارات والتي تراعي أن فلان محسوب على فلان وأن فلان ولاءه للجهة الفلانية، وقد تصل في بعض الأماكن لعدم الإرتياح الشخصي لفلان.

حركة فتح هي الحركة الوطنية الأم بامتياز منذ انطلاقتها في العام 1965، وهي الحركة الفلسطينية الأقوى سياسياً وعسكرياً في المخيمات الفلسطينية في لبنان، وتمثل الرأس الذي يقود جسد منظمة التحرير الفلسطينية، وضعفها سياسياً أضعف كافة فصائل المنظمة سياسياً وعسكرياً، مما أوجد فراغاً سياسياً أدى لظهور قوى إسلامية استطاعت ترسيخ تواجدها السياسي في الساحة اللبنانية، بحيث أصبحت مرجعاً سياسياً للفلسطينيين في العديد من المخيمات والتجمعات الفلسطينية.

أهمية دور الحركات الإسلامية في حفظ أمن المخيمات شرط سد الهوة مابين قيادتها وقاعدتها الشعبية

من المتعارف عليه أن الحركات الإسلامية تصنع نظرتها السياسية بشكل لايشمل الشعب الفلسطيني فقط، حيث أنها ترى (حسب فكرها الأيدلوجي) بأن كافة الشعوب الإسلامية هي جسد واحد، وبهذا تعكس واقع سياسي (شمولي) على المخيمات الفلسطينية في لبنان.

طبعاً أثبتت القوى الإسلامية الفلسطينية في الأزمات الأمنية الفلسطينية واللبنانية، أنها عامل استقرار تحرص على أمن وسلامة المخيمات الفلسطينية في لبنان بالتوازي مع أمن الجوار، ولكن يظل هاجس ارتباطها السياسي الخارجي بما يحدث في المنطقة ابتداءً من الشيشان مروراً بأفغانستان والعراق وانتهاءً بسوريا، هو مايجعل منها طرفاً سياسياً في المخيمات يخشى منه بزج المخيمات في الأزمات الأمنية والسياسية التي تحدث في المنطقة.

طبعاً إذا بقيت الحركات الإسلامية الكبرى في المخيمات الفلسطينية في لبنان تحافظ على إلتزامها الديني الأصولي وفق الشريعة الإسلامية دون تطرف فكري، فهذا سيبقيها عامل أمن واستقرار للمخيمات، وسيحافظ على تحيدها من أي صراعات طائفية قد تطرأ في المنطقة، شرط سد الهوة الحاصلة مابين القيادة السياسية للحركات الإسلامية مع قاعدتها الشعبية التي ولدت من خلال تطور فكري لقيادات الحركات الإسلامية جعلتهم يتعاملون مع السياسية بواقعية أكثر، في ظل عدم القيادات الإسلامية لواقع قاعدتها الشعبية التي وقعت في إشكال تقبل هذا الواقع بالتزامن مع تنامي حركات إسلامية لبنانية متطرفة في دعواتها السياسية.

وأيضاً استعادة حركة فتح لقوتها ووحدتها، بوضع خطة تراعي أسباب ضعفها سيكون أيضاً عامل مؤكد لأمان واستقرار المخيمات الفلسطينية مستقبلاً بتكامل فكري وتوازن سياسي مع الحركات الإسلامية الفلسطينية في لبنان.