أنا أقاوم فأنا موجود
مصطفى الصواف
المقاومة حياة ، والشهادة حياة ،
فالله سبحانه وتعالى يقول " وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي
سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ *
فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ
لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ
يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ
لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ "، لذلك علينا أن نقاوم هذا المحتل كل بما
لديه من طاقة ووسيلة وهذا يفتح الباب واسعا أمام الناس للعمل في المقاومة، والكلمة
مقاومة والبندقية مقاومة وحفر النفق مقاومة والتعمية على المقاومة مقاومة وأن
تًخلُف المقاوم في أهله مقاومة، أي أن تكفل أسرة مقاوم كأنك تقاوم، وطالما أن
أرضنا ومقدساتنا مغتصبة تصبح المقاومة لهذا المغتصب فرض عين أي أن المقاومة واجبة
على كل فلسطيني يخرج فيها لمواجهة العدو ومقاومته دون إذن من أب أو أم أو زوج أو
ولي لأننا في حالة حرب، حتى العبادة وقت المواجهة مختلفة في ساحات القتال، وفضل
الجهاد والمقاومة عظيم عند الله ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( لقيام رجل
في الصف في سبيل الله ساعة أفضل من عبادة ستين سنة ).
المقاومة حياة ، ولا معنى للحياة بلا
كرامة ، والاحتلال والاغتصاب امتهان للكرامة، وفي المقاومة تكمن الكرامة لأنها
رفضا للاحتلال والمحتل ومن يرفض هذا الاحتلال وهذا الاغتصاب هو الذي لديه كرامة،
ومن لديه كرامة هو من يؤمن بالمقاومة وسيلة للحفاظ على الكرامة، فلا كرامة لمستسلم
أو متنازل عن حقه أو مفرط بعرضه وأرضه.
المقاومة حياة، والحياة تعني الوجود
على الأرض، وطالما أنت تقاوم فأنت من الأحياء وأن وجودك ليس وجودا بهائميا بل وجود
له هدف وغاية، والهدف من المقاومة هو التحرير للأرض والإنسان والحياة الكريمة
بعيدا عن الخنوع والاستسلام للعدو تحت ذرائع كثيرة يسوقها المتخاذلون والذين
يريدون الحياة أي حياة حتى لو كانت حياة ذل ومهانة واستعباد، لذلك من يتخلى عن
المقاومة هو كمن يتخلى عن الحياة وهذا التخلي فيه الموت الزؤام وإن بقي حياة فهي
حياة بلا كرامة يذوق صاحبها الموت في كل وقت وحين.
أما الموت في المقاومة فهو موت حياة
وشرف وبقاء وكرامة وموت يكتبه التاريخ بماء من ذهب لا تمحوه السنون ولا تطمسه
الأحداث ويكافئه شيء على الأرض والشهداء عند الله مكرمون، فهم عند ربهم ومن يكون
عند ربه فهو في المكان الأعلى، وهذه قمة الحياة.
نحن على أبواب معركة جديدة مع هذا
العدو وعلينا أن نعد العدة وان لا نركن إلى دنيا أو جاه أو أماني تأتينا من هنا أو
هناك، فهذا العدو لا يعرف إلا لغة القوة وهذا العدو لا يؤمن إلا بالغدر والانتقام،
وهذا العدو لديه قناعة أن بقاء المقاومة هو عدم استقرار لكيانه وان سبب زواله يكمن
في وجود المقاومة والمقاومين وإلا كيف يصر على ملاحقة المقاومين كما حدث مع الشهيد
محمد العاصي الذي سعى الاحتلال للوصول إليه خشية أن يعيد مرة أخرى ما قام به من
تخطيط وتنفيذ لعمليات المقاومة لهذا المحتل رغم ابتعاده عن ساحة المواجهة ابتعادا
مخططا له يهدف إلى الإعداد لمواجهة جديدة بعيدا عن أعين العدو والمتعاونين معهم من
عملاء أو من تعهد له بحفظ أمنه عبر التعاون الأمني الرسمي.
المقاومة سبيلنا الوحيد لمواجهة هذا
العدو وعلى القوى الفلسطينية مسنودة بالشعب أن تعمل على تفعيل هذه المقاومة وخاصة
في الضفة الغربية لأن جرائم العدو في ازدياد وهذا الازدياد سببه غياب المقاومة
وزيادة التعاون الأمني بين الاحتلال وأجهزة الأمن في الضفة، وهذا التعاون لن يوقفه
إلا المقاومة وهذه المقاومة ستضع حدا لما يقوم به الاحتلال ومستوطنوه في الضفة
الغربية من تغول واعتداء وسيشل حركتهم خوفا منهم من المقاومة التي ستستهدف حياتهم
وهم الاحرص على أي حياة حتى لو كانت حياة العبودية.
لذلك ندائنا للمقاومة في الضفة
الغربية أن اشتدي وشدي الرباط وجمعي القوى واصنعي الأداة وحددي الهدف وتوكلي على
الله وأري هذا العدو منك ما يربكه ويخلط أوراقه ويبعث الأمل في نفوس المواطنين
ويحثهم على المشاركة في المقاومة كل في مكانه وكل بإمكانياته وسيشكل المواطن شبكة
أمان وحماية للمقاومة وظهر يمكن الاستناد عليه.