«أونروا» بلا وظائف
بقلم: يوسف رزقة
ما زالت حجارة البطالة والحصار تتساقط على رأس
الفلسطينيين عامة وسكان قطاع غزة خاصة. قبل أسابيع تقدم ما يزيد على (٢٢٠٠٠( خريج لامتحان
الوظيفة التحريري للتعليم في مدارس وكالة الغوث (الأونروا(؛ للمنافسة على ما يقارب
من (٤٠٠) وظيفة تعليمية في التخصصات كافة.
لقد مثل الامتحان أملًا لأربعمائة أسرة للتخلص
النسبي من معاناة الفقر والبطالة. انتظرت أسر الخريجين والخريجات شهرًا أو يزيد أن
تعلن وكالة "الأونروا" عن أسماء الفائزين. كان الانتظار جزءًا من المعاناة
وجزءًا من الأمل في بيت كل خريج.
لقد أخبرني خريج أن زواجه يرتبط بوظيفة الوكالة.
وقال آخر إن مصاريف علاج والدته المريضة تنتظر الوظيفة، وقال ثالث إن أجرة شقته تراكمت
عليه وينتظر هو ومالك الشقة وظيفة الوكالة، وقال رابع إنه يريد القيام بعملية زراعة
لزوجته من أجل الإنجاب, وقد عقد الأمل على الوظيفة المرتقبة، وهكذا هي حال الخريجين
من الجامعات والمعاهد في غزة ممن تقدموا للامتحان، وممن يبحثون عن حلٍ لمشاكلهم الحياتية.
بعد أكثر من شهر تبخر الأمل وتفاقمت المعاناة،
فقد أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) عن تعليق الوظائف في هذا العام, في
كل الأماكن التي يسكن فيها اللاجئون؛ لأنها لا تملك المال اللازم لتغطية رواتب الموظفين.
هكذا تراجعت مشاريع الخريجين المتزوجين، وغير
المتزوجين؛ لأن الدول المانحة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين لم تفِ بتعهداتها
السنوية من المال اللازم لأعمال الأونروا، وهذا التراجع يمكن إرجاعه لعاملين أساسيين؛
الأول ينتمي إلى مواقف الدول المانحة عربية وغير عربية، وما يرتبط به من دعاية إسرائيلية
وتحريض على وقف أعمال الأونروا في المناطق. والثاني يرجع إلى تقصير ذاتي تتحمل مسؤوليته
رئاسة الوكالة وقياداتها المسؤولة عن توفير المال اللازم لأعمالها.
إن الحديث عن الصدمة التي أحدثتها الأونروا في
وسط الخريجين، لا تقل عن الصدمة التي أحدثها محمود عباس نفسه حين منع حكومة التوافق
من دمج موظفي غزة في الوزارات المختلفة، وحين منع عنهم رواتبهم الشهرية المستحقة على
أعمال يقومون بها بحسب القانون الفلسطيني.
إنه إذا تحدثت الأونروا عن مبرراتها، فما المبررات
التي يمكن أن يتحدث عنها عباس وحكومته لأسر المتضررين؟, وأين حقوق غزة السنوية في الوظيفة
العامة، وخاصة في سلك التعليم، بحسب الحاجة السنوية الاعتيادية؟, لا أحد في غزة يملك
إجابة, وعندما أعلنت رام الله عن وظائف التعليم لهذا العام قصرتها على أبناء الضفة
الغربية؛ لأن أبناء غزة من البطة السوداء, التمييز يقوم على قواعد سياسية وحزبية مقيتة،
بينما تتلقى سلطة رام الله من الضرائب العامة ما نسبته ٥٨٪ من غزة, كما تشير بعض المصادر.
يمكن للسلطة المساهمة في توفير موازنة للتعليم
وتوظيف الخريجين والتخفيف من معاناتهم، بعيدًا عن الخلافات السياسية والحزبية، لو قررت
أن تقتطع جزءًا يسيرًا من موازنة الأجهزة الأمنية، التي تقوم على خدمة من يحاصرون غزة
ويزيدون في بطالة أبنائها وبناتها. أنا لا أتوقع استجابة من السلطة، ولكن واجب القول
يبقى واجبًا حتى عند غياب الأمل. وفي الاتجاه نفسه يجدر بالأونروا أن تعيد النظر في
موقفها.
المصدر: فلسطين أون لاين