أين ذهبت حلوى حماس؟!
بقلم: أحمد الكومي
أبصرت أم رائد من شرفة منزلها إمام المسجد ذاهبًا إلى صلاة
العصر، فأرسلت في أثره نجلها تسأله هدية العيد.
لم يدر في خلد الإمام أن ما تقصده أم رائد هي "حلوى
حماس"، فقد مضى موسمين ولم يأت أحد على ذكرها.
حكّ الإمام رأسه، وقال: "حقًا، لقد افتقدت الناس حلوى
حماس"، فخاطبته نفسه: "قد تكون ضائقة مالية ألمّت بها"، ثم مضى في طريقه.
ويروي أحد كوادر الكتلة الإسلامية –الذراع الطلابية لحركة
حماس- أنه كان في زيارة ووالده وأعمامه إلى إحدى قريباته لتهنأتها بعيد الفطر، فإذ
بها وقد انغمس الجالسون في تحليل تطورات المشهد بمصر، تسأله عن مصير "حلوى حماس”.
أدارت المرأة بسؤالها دفة السجال والحوار نحو حلوى حماس،
فانهالت التوقعات، منهم من قال –كما الإمام- إن الحركة تمر بضائقة مالية، وآخر قال
إنها ارتأت أن توزع النقود على الفقراء.
من يدقق النظر في حياة حماس من ميلادها عام 1987م وحتى يومنا،
يرى أنها أمضت ردحًا من شبابها وهي ترمي إلى أن تبقى في حضن شعبها، لا تريد أن تنفك
عنه، هو بالنسبة لها رصيد، متى نفد اهتز عرشها.
حملة "مودة وتواصل" وحلوى حماس تركت أثرًا داخل
ما يزيد عن 300 ألف منزل فلسطيني في قطاع غزة، وجسدت عبرها مفاهيم الصفح والتسامح،
لتؤكد أنها أكبر من كل الخلافات والأكثر حرصًا على وحدة الشعب ولحمته.
يقول أشرف أبو زايد مسؤول جهاز العمل الجماهيري بحماس لـ"الرسالة
نت": "إن الحركة عمدت إلى توزيع مساعدات على الفقراء عبر المناطق كلها تفوق
المليون دولار"، مع الإشارة إلى أن تكلفة "حلوى حماس" قدّرت بالمبلغ
نفسه.
وذكر أن "حماس أحبّت أن تهتم بالفقراء في عيد الفطر
هذا العام”. وأشار إلى أن المساعدات "لاقت قبولًا لدى الناس”.
وأقرّ أبو زايد بأن حلوى حماس اكتسب صيتًا إعلاميًا واسعًا
"لكن الفقراء والأسر المستورة استفادت أكثر من المساعدات", وفق قوله.
حلوى حماس دخلت بيوت الجميع في غزة، وبيوت أبناء فتح أولها،
ودون استثناء وبصرف النظر عن الانتماء السياسي، حتى أن أحد الكتّاب الصحفيين علقّ قائلًا:
"حماس تدخل بيوتكم، فقد جاءكم أبناؤها بعقول متفتحة، وصدور منشرحة يحملون الورق
والقلم ليسجلوا ما تطنب به ألسنتكم، فلا تبخلوا على أنفسكم بمد جسور المودة والتواصل”.
وتجدر الإشارة إلى أن إحدى الوكالات العالمية كانت قد وصفت
حملة "مودة وتواصل" بقولها: "حماس تهدي سكان غزة حلوى فاخرة بمناسبة
عيد الأضحى”. وكثيرون رأوا بأن كيس الحلوى رغم رمزيته أصلح ما أفسده الرصاص، في إشارة
إلى الاقتتال الداخلي.
سعيد الحاطوم نائب رئيس الكتلة الإسلامية –الذراع الطلابية
لحماس- دافع بدوره عن الحركة فيما يتعلق بحلوى العيد، وقال: "أنشطتنا لا تتوقف
عند حملة مودة وتواصل، فقد زرنا هذا العام ما يزيد عن ثمانية آلاف طالب من المتفوقين
بالتوجيهي من خلال (حملة تهانينا) وقدمنا لهم التهنئة، ونظمنا زيارات خاصة لأوائل القطاع
ومنحناهم الهدايا القيّمة”.
وأكد الحاطوم أن حلوى حماس تركت الأثر البالغ في نفوس الناس.
وقال لـ"الرسالة نت": "سنعمل جاهدين على أن تستأنف بإذن الله”.
قد تنكأ "حلوى حماس" جراح الحركة ماليًا في ظل
الحصار والتضييق، إلا أن آمال الناس تظل معقودة على استئناف الحملة، ليس لأجل الحلوى
إنما لتضميد الجرح الاجتماعي.