إرادة المقاومة ممزوجة بالغطاء الشعبي:
قدرات مواجهة تدريجية فاجأت «إسرائيل»
بقلم: ضياء الكحلوت
فاجأت حركتا حماس والجهاد الإسلامي "إسرائيل"
بقدرات لم تتمكن استخباراتها من رصدها أو توقعها، فالقصف الذي طال تل أبيب والقدس المحتلة
انطلاقاً من غزة، لم يكن في وارد حسابات "إسرائيل" يوماً.
ويقول محللون ومختصون إن قدرات المقاومة
وصناعتها، وخصوصاً المحلية منها دفعت لتخبط في الجانب الإسرائيلي الذي كان يتوقع جولة
عدوان كما في السابق، لكن المقاومة التي وسعت نطاق عملياتها كان لها قول آخر في الميدان.
وقابلت المقاومة في غزة توسّع "إسرائيل"
في العدوان الجوي، بعمليات إطلاق متقدمة للصواريخ باتجاه أماكن داخل العمق الإسرائيلي،
وتقنياً بإسقاط طائرة استطلاع إسرائيلية فوق غزة، وباستخدام راجمات ومنصات إطلاق متحركة.
ويقال هنا في غزة إن ما امتلكته المقاومة
وخصوصاً «كتائب عز الدين القسام» (الجناح العسكري لحماس) و«سرايا القدس» (الجناح العسكري
للجهاد) من قدرات واضحة لم يكن ليتم لولا الغطاء السياسي الذي منحتهما إياه الحكومة
الفلسطينية المقالة التي تقودها حركة حماس.
ومن المهم الإشارة أيضاً إلى أن الغطاء
الشعبي الممنوح للمقاومة الغزيةّ في جولة التصعيد الحالية فاق كل المرات، وهو ما أكده
«مركز الأسرى للدراسات» الذي نشر نتائج استطلاع للرأي أظهرت أن 83 في المئة راضون عن
أداء المقاومة بشكل كبير جداً.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر
في غزة ناجي شراب أن المقاومة استفادت كثيراً من التغيرات والتحولات العربية وسقوط
أنظمة الحكم السابقة، وباتت تمتلك قدرات قتالية متطورة. وأضاف في حديث إلى «السفير»
أن المقاومة استفادت أيضاً من الدعم المادي الكبير بعد الحرب على القطاع بين العامين
2008 و2009، ومن بين الدول من قدمت تقنياتها وقدراتها للمقاومة في القطاع.
وأشار شراب إلى أن القدرات العسكرية للمقاومة
أيضاً توسعت باتجاه الخبرات التكنولوجية والتقنية، وهي التي لم تعد حكراً على دول بل
أصبحت بيد المقاومة في غزة، مؤكداً أن الأهم هو اتخاذ المقاومة قرار توسيع العمليات.
وقرأ شراب في قرار توسيع العمليات من غزة
كسراً لحواجز الرهبة، ما أدى إلى خلق درجة أعلى باتجاه تحقيق توازن للرعب مع إسرائيل،
لكن نبّه إلى أن قدرات المقاومة ليست كالقدرات الإسرائيلية الكبيرة.
من جهته، قال المحلل السياسي مصطفى الصواف
إن المقاومة فاجأت الجانب الإسرائيلي وتحديداً الصاروخ الذي أطلقته «كتائب القسام»
«إم 75» لأنه صنع في غزة، وشكل نقطة توقف عندها الإسرائيليون.
وذكر الصواف لـ«السفير» أن محللين ومسؤولين
في "إسرائيل" اعترفوا بفشلها استخبارياً في معرفة ما تمتلكه المقاومة في
غزة، متوقعاً أنه «كما رأينا قدرات للمقاومة لم نكن نتوقعها، قد يكون لديها قدرات أفضل
وأكبر».
وبحسب الصواف فإن المقاومة استفادت من الغطاء
السياسي الممنوح لها في غزة، وخاصة أن الحكومة في القطاع منذ يومها الأول قالت إنها
حكومة مقاومة وجاءت لدعم المقاومة ووقف مخططات استهدافها واستئصالها.
بدوره، أكد مدير «مركز أبحاث المستقبل»
إبراهيم المدهون أن عنصر المفاجأة في ما فعلته مقاومة غزة يتمثل في امتلاكها سلاحاً
نوعياً برغم الحصار والعدوان المتكرر وحالة العزلة وتخلي دول عن دعمها.
ولفت المدهون في حديث إلى «السفير» إلى
قدرة المقاومة على التمويه والتخفي والعمل تحت ضغط الحرب والعدوان، مشيراً إلى أن "إسرائيل"
التي تمتلك قوة تدمير هائلة ونظاما استخبارياً قوياً وطائرات استطلاع فوق غزة لم تكن
تتوقع ما جرى.
ويعتقد المدهون أن الحكومة في غزة شكّلت
حاضنة للمقاومة وأعطت لها مساحات عمل كبيرة، وساعدت عبر ملاحقة عملاء "إسرائيل"
في منح الأمان والتحرك الأفضل للمقاومة على الأرض، كما أوجدت آليات تنسيق بين الفصائل.
وقال المدهون إن الأهم في ما تمتلكه المقاومة
الآن هو الإرادة القتالية والروح المعنوية العالية للمقاومين المستعدين للتضحية، مشدداً
على أن المقاومة تتعاطى مع مراحل تدريجية لمواجهة العدوان، لكنه لفت في الوقت ذاته
إلى أن ذلك لا يساوي القوة التدميرية الهائلة لـ"إسرائيل".