القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
السبت 30 تشرين الثاني 2024

"إسرائيل" تغرق في رمال غزة

"إسرائيل" تغرق في رمال غزة

بقلم: علي سلامة الخالدي

قامت "إسرائيل” بحشد أكثر من 80 ألف جندي لاقتحام غزة، مهدت للهجوم البري بعمليات قصف تمهيدي مركز من سلاح الجو ونيران المدفعية الثقيلة، مستفيدة من عناصر الاستطلاع الالكتروني والتصوير الجوي وشبكة العملاء والجواسيس والمتعاونين لتحديد الأهداف المنوي قصفها.

من حيث مقارنة القوى بين الطرفين فمن الظلم قياس رابع جيش في العالم من حيث التفوق الجوي، وقوة النار، عدد الدبابات، وحدات المدفعية، وقوات المشاة الآلية وقوات النخبة من المظليين والقوات الخاصة، سلاح الهندسة، دقة الإصابة بالقذائف الموجهة بالليزر والأسلحة الموجهة إلكترونياً، بالإضافة إلى تفوق العدد الهائل للجيش الإسرائيلي مع وسائل الدعم اللوجستي والإسناد الإداري الحديث، وامتلاك أحدث المعدات والأسلحة وأجهزة الوقاية والحماية الفردية، مع أهل غزة.

ضمن هذه الحقائق وضعت الخطة الإسرائيلية لعملية الجرف الصامد للتقدم نحو غزة كهجوم بري على خمسة محاور، ثلاثة محاور رئيسة، ومحوران لأغراض التضليل والخداع، وتشتيت جهد المدافعين عن غزة، يبدو أن المحور الشمالي – بيت حانون، والمحور الشرقي –خزاعه- والمحور الأوسط – محور الشجاعية وهو الأهم والأخطر. هذه المحاور الرئيسة، خصص لكل محور مجموعات قتال متكاملة من الوحدات المدرعة والآلية والمدفعية والجهد الجوي، هذه الوحدات مكتفية تعبوياً وإدارياً، ولدى القادة الميدانيين مرونة اتخاذ القرار والتصرف حسب مقتضيات الموقف، الهدف من الهجوم تدمير الأنفاق وإيقاف إطلاق الصواريخ.

القيادة العسكرية الإسرائيلية، حذرة، مترددة، غير واثقة من نتائج التوغل، أي دخول في عمق القطاع ربما يشكل مصيدة نحو مستنقع يجر الجيش نحو الهاوية، يؤدي إلى استنزافه وقطع خطوط إمداده، الإطباق عليه، تكبيده خسائر جسيمة، يدفع ثمن باهظ مقابل فشل مؤكد. كما أن الجنود الإسرائيليين لا يستطيعون البقاء على هوامش غزة غارقين بنيران القناصة وجماعات قنص الدروع متكبدين خسائر كبيرة نسبياً بلا نوم ولا راحة فترة طويلة، كما أن عملية تبديل الوحدات في تلك الظروف ستؤثر على الروح المعنوية للوحدات.

في المقابل رجال المقاومة في غزة، يتفوقون على اليهود بمعرفة الأرض واستخدامها لإغراق القادة في وحل المقاومة، والأهم أنهم يتفوقون بالعقيدة القتالية المخضبة بالإيمان العميق بأن شهداءنا في الجنة وقتلاهم في النار، الروح القتالية العالية تنبع من دفاعهم عن الأرض والعرض والشرف والكرامة والعزة، لهذا بات واضحاً القدرة على القيادة والسيطرة، وضبط إيقاع المعركة وتبادل الأدوار في معركة دفاعية، تتخذ من حرب العصابات أسلوباً للكر والفر، مستفيدة من شبكة الأنفاق الطولية والعرضانية لتأمين عمليات قنص، ونصب الكمائن، القيام بعمليات الإغارة، واستخدام الألغام والحشوات، والعبوات الناسفة، ومصائد المغفلين، بالإضافة إلى عمليات التخفية والتستر والتمويه والخداع والتضليل، استطاعت المقاومة امتصاص زخم اندفاع الجيش الإسرائيلي وشن حرب شوارع ناجحة، ومواجهتهم في المناطق المبنية، كما قامت بعمليات هجوم معاكس محلي على الوحدات المنفتحة، تم تحييد عناصر تفوق الإسرائيليين من خلال الحركة السريعة داخل الأنفاق مما آمن الحماية للمدافعين.

الإسرائيليين يتحركون بأرض مكشوفة ورجال المقاومة ينتظروهم في المكان المناسب، هذا أوقع خسائر جسيمة وغير متوقعة في صفوف المهاجمين، كما أن اليهود انتقاماً لهذه الخسائر وعدم قدرتهم على تحديد مواقع المدافعين، ارتكبوا جرائم حرب ضد الإنسانية لقتلهم النساء والأطفال والسكان المدنيين غير المقاتلين، كما أن سقوط أسير من الجيش الإسرائيلي تشكل كارثة معنوية وتحطيم للجبهة الداخلية في إسرائيل.

الإنجاز النوعي للمقاتلين في غزة هو تطوير الصواريخ من حيث المدى (160كم) وقوة التأثير مما أدى إلى شل حركة النقل الجوي من وإلى تل أبيب، وهذا حقق أهدافا سياسية، اقتصادية، عسكرية، وهي عامل ردع محدود يمكن أن يتطور مستقبلاً.

سياسياً هناك حرب موازية بين الدول المساندة لغزة وبين الدول المناهضة للإسلام السياسي الغزاوي، ما علينا من هذا ولا ذلك، "إسرائيل” بين خيارين، أحلاهما مرّ، الأول التوغل والغرق في رمال غزة، الثاني جر أذيال الهزيمة والعودة بخُفيّ حُنَيْن.

الرأي، عمان