القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

إعلان الدولة الفلسطينية في أيلول: خطة صهيونية لمواجهة الفلسطينيين

إعلان الدولة الفلسطينية في أيلول: خطة صهيونية لمواجهة الفلسطينيين

بقلم: رأفت مرة

يبدي قادة الاحتلال الصهاينة انزعاجهم وغضبهم الشديد من خطوة السلطة الفلسطينية التوجّه للأمم المتحدة للإعلان عن قيام دولة فلسطينية.

وهذا الغضب ليس ناتجاً عن إمكانية قيام الدولة، فالاحتلال يدرك أن ذلك صعب. لكن الغضب ناتج عن ما يلحق بـ(إسرائيل) من ضرر سياسي ودبلوماسي وإعلامي نتيجة لهذه الخطوة الفلسطينية.

ويتلخّص الموقف الإسرائيلي من إعلان الدولة في التالي:

1- إن خطوة السلطة الفلسطينية خطوة أحادية تتم من طرف واحد.

2- إن الدولة الفلسطينية يجب أن تأتي فقط من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وإن (إسرائيل) لا تعترف بالخطوات الأحادية الجانب.

3- إن إعلان دولة فلسطين بهذا الشكل يشكّل تهديداً استراتيجياً لأمن (إسرائيل)، لا بل تهديداً وجودياً لها.

4- إن التحرّك الفلسطيني يلحق ضرراً سياسياً ودبلوماسياً بـ(إسرائيل)، ويعزلها على الصعيد العالمي.

5- إن هذه الخطوة لن تؤثّر على وضعية المستوطنات، ووضع مدينة القدس، أو عودة اللاجئين. كما أنها لن تؤثّر على السيادة والمناطق الجغرافية والمصادر الحيوية.

ولا شك أن خلافاً كبيراً حصل داخل المجتمع الإسرائيلي تجاه إعلان الدولة، فالبعض داخل الحكومة هدّد باتخاذ إجراءات عقابية ضدّ السلطة الفلسطينية مثل إلغاء اتفاق أوسلو، ووقف العائدات الجمركية، ومنع حركة المسؤولين الفلسطينيين.

لكن جهات سياسية أخرى حمّلت نتنياهو شخصياً تبعات الخطوة الفلسطينية، فاعتبرت أن نتنياهو جمّد المفاوضات، وأغلق الباب أمام الحلول السياسية، وحشر الفلسطينيين في زاوية اضطروا بعدها للتوجّه للأمم المتحدة.

واعتبر هؤلاء أن سلوك نتنياهو ألحق الضرر بـ(إسرائيل)، وأساء لعلاقاتها الدبلوماسية ولصورتها الإعلامية.

لكن ما يخيف الإسرائيليين هو انتفاضة فلسطينية، فسلطات الاحتلال تواصل استعداداتها الأمنية والعسكرية والسياسية لمواجهة ما بات يعرف بـ«استحقاق أيلول»، حيث أعدت لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست مبادرة سياسية يمكنها منع الاعتراف بدولة فلسطينية، لو أن الحكومة بادرت لخطة سياسية، وقد تبلورت المبادرة المؤلفة من 50 صفحة، وتضم 5 فصول، تتضمن ملحقاً سرياً يعنى بمسائل أمنية حساسة، بعد عمل حثيث لها، بإجرائها لأكثر من 30 لقاءاً مع مسؤولين كبار في وزارة الحرب والمخابرات و«الموساد» والشرطة والنيابة العسكرية، حيث يعنى بالاستعدادات وفحص الآثار المترتبة.

وجاء في التقرير أن هناك توقعات بأن تكون ساحة المنطقة الوسطى في الضفة الغربية مشتعلة، دون استبعاد حصول تطور أيضاً باتجاه الساحتين الجنوبية والشمالية، متوقعاً إمكانية كامنة للمواجهة مع جموع كبيرة من الفلسطينيين يحتشدون في بؤر الاحتكاك على طول الجدار أو المستوطنات، ما يعني أن الجيش لا يمكنه أن يعرض المستوطنات للخطر، وبالتالي سيتعين عليه التصدي لهذا الوضع، ولهذا فإنه بصدد عملية متقدمة لشراء كميات كبيرة من وسائل تفريق المظاهرات، كاشفاً عن نقاط خلل عديدة في الاستعداد من النواحي السياسية، الدبلوماسية، والقانونية، فيما الاستعداد في المجالين العسكري والأمني يبدو جيداً.

في السياق ذاته، شهدت جلسة المجلس الوزاري الثماني برئاسة رئيس الحكومة، تقديم اقتراحات من قبل عدد من الوزراء ضد السلطة الفلسطينية، للضغط على رئيسها، ودفعه للتراجع، وهو ما عارضه وزير الحرب، إيهود باراك، محذراً من «انهيار» السلطة. ومن الإجراءات المتوقعة:

- وقف تحويل أموال الجمارك إلى خزينة السلطة، التي تواجه أزمة سيولة خطيرة، وتجد صعوبة في دفع رواتب عشرات آلاف الموظفين، ما يعني انتشار الفوضى في الضفة الغربية.

- المطالبة بقطع كافة العلاقات مع السلطة.

تشكيل قيادة «سبتمبر»

وفي سياق مواز، شكّل الجيش والشرطة و«الشاباك» ما سمّاه «قيادات خاصة لسبتمبر»، لتنسق فيما بينها، وتجهز ردوداً لأي تطور أمني محتمل، بما في ذلك خروج الفلسطينيين في تظاهرات احتجاجية، واحتمال محاولة السوريين وحزب الله القيام بعمل عسكري أو هجمات مسلحة لنقل انتباه الرأي العام العالمي عن أحداث الثورة السورية (لكن التقديرات الاستخباراتية الأساسية تقول إن السوريين وحزب الله سيقومون بخطوات من هذا النوع، لو رأوا الفلسطينيين في الضفة والقطاع يخرجون في تظاهرات هائلة، لأنه في حال امتدت أعمالهم على طول الحدود، ستبدو تأييداً لهم).

كما تستعد (إسرائيل) لأحداث سبتمبر، عبر تكثيف عمليات الرصد الاستخباراتي لما يدور لدى الفلسطينيين، حيث إن أي تحرك مادي أو إلكتروني يخضع للفحص الفوري، ويُنقل لمراكز «قيادة سبتمبر» للاطلاع عليه، واتخاذ القرار المناسب.

كما تعتزم الشرطة الصهيونية إخلاء معسكرات خيام الاحتجاج المنتشرة في المدن، استعداداً لتظاهرات أيلول، حيث بذلت جهوداً كبيرة في تحسين جهوزية قواتها، وتم خلال الأشهر الأخيرة تدريب 7400 شرطي لهذه الغاية، وتزويدها بوسائل تفريق تظاهرات، من بينها مواد يتم إطلاقها باتجاه المتظاهرين، تصدر رائحة نتنة جداً، واستيراد عشرات الخيول.

وفي السياق نفسه، نقلت مصادر صهيونية رفيعة المستوى أن أي تظاهرات متوقعة ستكون داخل مدن الضفة الغربية، ولن تخرج إلى مناطق «سي» التي يمكن أن يقع فيها احتكاك مع الجيش الصهيوني، ومع ذلك، فقد كثف الأخير من قواته، وقام بزرع آلاف الألغام على الحدود السورية، تحسباً لوقوع مواجهات.

من جانبها، أتمّت قيادة المنطقة الوسطى في الجيش استعداداتها للاضطرابات المرتقبة في أيلول، وتستعد لاستيعاب محتمل لكتائب احتياط تعزز القوات النظامية عند الحاجة، كي ترابط في قطاعات مختلفة، وتعزز القوات المرابطة، وقد وصل في الأسابيع الأخيرة للقطاعات المختلفة في المناطق ضباط من كتائب الاحتياط من المتوقع أن تتلقى أوامر تجنيد، وأجروا جولات مسبقة، واستعراضات لاحتمال التجنيد، ومع ذلك، يقدر مسئولون عسكريون كبار بأنه لن تكون حاجة لتجنيد الاحتياط، لكن الجيش، يستعد للأسوأ.

ومن ذلك: وسائل عديدة لتفريق المظاهرات، كقنابل الغاز والصوت، العيارات المطاطية، الطائرات الصغيرة بلا طيار التي ستحذر من وجود مظاهرات واهتزازات بحيث يكون ممكناً الانتشار السريع، إعداد محاور سير لغرض عبور المركبات، وتعزيز الحراسة في نقاط سفر الجنود.

الانتفاضة الثالثة

المراسل العسكري «أناشيل بيبر» كشف أن الجيش قرّر عدم استخدام الدبابات في الضفة الغربية، حتى لو كان التصعيد عنيفاً، وحتى مع تجدد العمليات المعادية، ووفقاً لكلام ضابط رفيع المستوى في سلاح المدرعات، فإن التقدير في الجيش بخلاف الانتفاضة الثانية، خصوصاً عملية "السور الواقي" التي استخدمت فيها الدبابات بشكل واسع في حرب ضد المنظمات المسلحة، أما حالياً فلا يوجد خلايا كبيرة في المنطقة، أو وسائل قتالية تتطلب معالجة من قبل الدبابات.

في موازاة ذلك، أضاف الجيش للمواضيع التي تدرّس في كلية الضباط (قاعدة التدريب1) كيفية مواجهة أعمال شغب مدنية شعبية أيضاً، لتأهيل ضباط سلاح البر، الذين يجتازون فصولاً دراسية عسكرية متخصصة، حيث طبّق قرار دمج الاستعداد لأيلول في البرامج، من خلال تخصيص ثلاثة أيام خاصة بموضوع برنامج دورة الضباط، ويشمل الاستعداد يوم دراسة واحد في موضوع استخدام وسائل مختلفة لتفريق التظاهرات، ويومين إضافيين لورش إعداد ذهني يستعدّ فيها الضبّاط لمواجهة معضلات متوقعة أن تحصل في المنطقة، كما يخطط الجيش لوضع ضباط رفيعي المستوى، قادة كتائب وألوية، في نقاط الاحتكاك الأساسية مع مدنيين، لمنع تصعيد عنيف سريع، مما سيؤدي لوقوع إصابات مدنية كبيرة.

من جهته، قال البروفيسور «دوري غولد» السفير الصهيوني السابق في الأمم المتحدة، أن الفلسطينيين في الضفة الغربية غير معنيين بانتفاضة ثالثة، حتى الآن، لأنه بحسب تقرير عن البنك الدولي، فقد نما اقتصاد الضفة بـ8% عام 2010، وسيتحول إلى خسارة كبيرة عند السلطة الفلسطينية إذا بدأت مواجهة تتصاعد لتصبح عنفاً شاملاً.

المصدر: نشرة البراق