إلى سامر العيساوي ورفاقه
بقلم: نهلة الشهال
عملاء "إسرائيل" الموضوعيون، وإن عن غباء لا
حدود له، وإن عن جهل بكيفية دوران العالم، قرروا تخفيف الأحكام عن قتلة الايطالي فيتوريو
أريغوني. وفيتوريو ذاك، مناضل أممي تبنى القضية الفلسطينية وقرر العيش في غزة. خطفه
وقتله "مجاهدان" بمساعدة رفاق لهما. الله وحده يعلم الجرم الذي بموجبه قرر
هؤلاء إنزال القصاص بالرجل ذات يوم من 2011. تطَّلب الأمر عاماً كي تصدر الأحكام. ونصف
عام كي تُخفَّض: الحكم بالمؤبد خُفض إلى 15 عاماً، وكذلك خُفضت الأحكام على مساعديهما.
والمحامي غير سعيد. كان يأمل بأكثر، وسيسعى إليه. وكله بالقانون. فهو يريد أن يحصر
التهمة بالخطف. أما الأعمار فبيد الله. المنظمات الحقوقية الفلسطينية لم تفهم حيثيات
الخفض وطلبت من المحكمة توضيحات. ولا من يهتم في سلطة غزة. فتلك المنظمات علمانية نجسة.
اريغوني كان صحافياً وصل إلى غزة عام 2008 ونال ساعتها جواز سفر فلسطيني هدية من اسماعيل
هنية، تحية لموقفه. ساعتها، كانت حماس محشورة وتحتاج للتضامن الدولي وإن من شيوعي يراسل
صحيفة "المانيفستو" الايطالية. وهو أدار من غزة راديو مقاوِما. ونشر مقالات
وكتبا. حالم، يشبه الايطالي الآخر الذي اخرج فيلما يدور حول حركة سيارة إسعاف أثناء
العدوان على غزة، اسماه "لقتل فيل"، مستلهِماً عنوان نص للكاتب الشهير جورج
اورويل (صاحب 1984) عن بشاعة الاستعمار البريطاني في بورما. "لقتل فيل" وثَّق
العدوان الإسرائيلي على غزة، وأدانه، ولف العالم. وحين قُتل اريغوني، أدانت حماس الجريمة.
وهي كما العالم كله، اتهمت "إسرائيل"، واعتبرت الفعلة انتقاماً لمقتل عائلة
من المستوطنين. وكان قد قُتل قبل ذلك بأسبوع جوليانو مير خميس، المخرج الفلسطيني من
أم يهودية، الذي قرر كأمه العيش في مخيم جنين وبناء مسرح للأطفال هناك: "مسرح
الحرية". ساعتها كذلك اتهمنا "إسرائيل". والبارحة مات تحت التعذيب في
سجن مجدو الاسرائيلي عرفات جرادات. يقولون مات بنوبة قلبية. ولكنهم يكذبون. تُرى، هل
حقاً يمكننا إدانة "إسرائيل" حين نرتكب نحن ما نرتكب، ونبرر، ونكذب. أو وبكل
وقاحة، حين نخفض أحكام قتلة اريغوني؟ يا للخجل، يا للفضيحة!
المصدر: السفير