إلى متى معاناة
اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات؟
بقلم: عماد صلاح
الدين
هل معنى أو من
معاني حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، ومن ثم تقرير مصيرهم بالعودة إلى أراضيهم وبيوتهم
ومزارعهم ومصالحهم التي هجروا عنها، في أكثر من مشروع طرد وترانسفير صهيوني إسرائيلي
خلال القرن الماضي، هو أن يتم حشرهم في مخيمات ومناطق مكتظة، لا تصلح للعيش الآدمي،
وضمن ظروف صحية واجتماعية، بل وتهميش مقصود يقتل كل قدرة على عيش كريم، أو تطلع نحو
مستقبل يتم فيه تحقيق التحرير أو تقرير المصير؟
كمراقب أجد الاستهداف
والتهميش، ومفاقمة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين سوءا، وبشكل مقصود من أطراف عديدة سواء
الاونروا التي أسست خصيصا لهؤلاء اللاجئين الفلسطينيين، أو من الأطراف العربية الرسمية
التي يتواجد في بعض بلدنها الفلسطينيون المهجرون، أو من السلطة الوطنية الفلسطينية
ومن الاحتلال الإسرائيلي، وباستمرار غير منقطع، ومفهوم.
ولا اعرف هل
التفقير والتهميش والإذلال، ومنع الخدمات الصحية والتعليمية، وحشر هؤلاء اللاجئين في
غيتوات أو معازل يطور شخصيتهم الإنسانية والوطنية، ومن ثم يفجر الطاقات الكامنة فيهم،
نحو العمل والتفاعل، صوب هدف المشاركة الوطنية الواعية، قصد التحرير وتقرير المصير؟
كم مرة سيموت
اللاجئ الفلسطيني جوعا وقهرا ومرضا وإعلان حرب عليه في مخيمه،سواء في الأرض المحتلة
عام 1967، أو في لبنان وسوريا والأردن وفي عراق مع بعد الحرب وغيرها.
إن أبجديات الفهم
الإنساني والاجتماعي أن الإنسان الذي يقع أو يتم وضعه في الظروف أعلاه، لا يستطيع تحقيق
منجزات في إطارها العادي، فما بالنا حين يتعلق الأمر بالنظر الاستراتيجي، لتخليص شعب
واقع تحت الاحتلال؛ من واقع الظلم والتمييز والطرد والاستعباد والاستبعاد.
إن الاونروا
حينما تم تأسيسها كوكالة متخصصة لرعاية شؤون اللاجئين الفلسطينيين عام 1949، وتحت رعاية
هيئة الأمم المتحدة، لم تكن فكرة ولا عملا بريئا كما يعرف كثيرون، ولكن الهدف منها
كان شطب قضية اللاجئين الفلسطينيين والعمل على توطينهم ودمجهم في المجتمعات التي يتواجدون
فيها، مقابل تنازلهم عن حق العودة.
ولكن الفكرة
الآلية غير البريئة أيضا هي حشر هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات مكتظة ولا إنسانية،
وجعلها سهلة الاستهداف من خلال البنى الواقعية والاجتماعية فيها؛ فنجد العدوان تلو
العدوان والمجزرة تلو المجزرة بحق هذه المخيمات الفلسطينية، ومن كل الأطراف- للأسف-
محلية وعربية وبالطبع إسرائيلية، هذا بالإضافة إلى النظرة الاحتقارية من المحيط الواحد
والمجموع النسيجي نفسه(الفلسطيني- الفلسطيني) حين يتم التعامل معها وكأنها حالة أخرى(غيتو)،
كما هي النظرة للأسف إلى التجمعات الغيتوية اليهودية، والنظر إليها محليا من الأوروبيين
في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر والقرن العشرين المنصرم.
لذلك، فإن تمتع
هؤلاء اللاجئين بحقوقهم الإنسانية والخدمية والمدنية، لا يعني توطينهم، بل إنني أرى
أن مسالة التعلق بفكرة عدم التوطين شكلا، هي مسالة تبريرية اعتذارية لتمرير فكرة التوطين
بالتعويل على اليأس والإحباط المتوقعين، بسبب الظروف المهينة واللاانسانية بحق اللاجئين
الفلسطينيين.
عليه، يجب على
وكالة الاونروا أن تقوم بواجبها الأخلاقي والإنساني، وبالتعاون وبالتنسيق مع الجهات
الدولية بما فيها هيئة الأمم المتحدة، ومع الأطراف الأخرى في الإقليم، في توفير ظروف
معيشية مناسبة على الأقل في حدها الأدنى، بما فيها تمكين اللاجئين الفلسطينيين من العيش
في أماكن عادية ومفتوحة مناسبة، كما السكان الآخرين، وليس أن يكون قدرهم باستمرار الحشر
في تجمعات مغلقة وقاتلة، فحق العودة وتقرير المصير ضمانتهما المقدرة العمومية والمتكاملة
للإنسان الفلسطيني لاجئا أو غير لاجئ، وليس حالة الضعف والمرض والجهل والتفقير المتعمد
لهم، ثم إن حق العودة هو مفهوم وشعور حضاري واعي وممكن.
أرجو ألا يفهم
من الكلام أعلاه، أنني أدعو إلى إزالة المخيمات كحالة رمزية في المخيال الجمعي للشعب
الفلسطيني، ولكنني أرى ضرورة تقليص الحالة الواقعية لضغط مجتمع المخيم على اللاجئين
أنفسهم.
المصدر:
المركز الفلسطيني للإعلام