إنهاء الأونروا..
هل هي مصلحة فلسطينية؟
بقلم : دلال عريقات
لطالما شغلني موضوع
اللاجئين الفلسطينيين وبالخصوص هؤلاء الذين يعيشون في مخيمات الضفة الغربية وغزة وعدد
مِن الدول العربية، وكثيراً ما تساءلت حول أهمية دمجهم وعودتهم، وكان دائماً الرد بأن
وجودهم في المخيمات يعني حماية حقوقهم كلاجئين حسب القرار ١٩٤!
السؤال الذي يطرح
نفسه، إلى متى؟
الْيَوْمَ، دونالد
ترامب يهدد بقطع المعونات المالية عن الأونروا وقد تبعه نتنياهو بالدعوة صراحةً ومن
منبر الكنيست لإنهاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين. دعونا ننظر الْيَوْمَ بجدية لفكرة
إنهاء الوكالة؛ فببساطة، الرد المنطقي على تهديدات ترامب هو أننا لن نكون بحاجة لهذه
الوكالة إذا ما تم حل قضية اللاجئين حسب القرار ١٩٤ أي حق العودة والتعويض. في الحقيقة،
العمل من أجل استمرار وجود الأونروا يعني استمرار الحلول المؤقتة وبالتالي المساهمة
في إدارة هذه القضية واستمرار وجودها دون النظر جدياً لحل مسألة اللاجئين!
مطلع ٢٠١٨، بدأ دونالد
ترامب بتقليص دعم الولايات المتحدة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين لعدة أسباب
كما يدعي:
أولاً: أنه يريد إعادة
أموال الأمريكان لأمريكا، هذا ما قاله في يوم ٢٠١٧/١/٢٠ يوم تنصيبه رئيساً للولايات
المتحدة.
ثانياً: يعلل موقفه
الْيَوْمَ بأنه يُطالب دول العالم وخاصة العرب والمسلمين بتحمل مسؤولياتها والمشاركة
الفعالة في تغطية نفقات اللاجئين.
ثالثاً: تحدث صراحة
انه يدعم الفلسطينيين بملايين الدولارات ولا يلقى امتناناً وشكراً أو احتراماً بالمقابل
من الفلسطينيين أنفسهم.
رابعاً: طالب ترامب
بإعادة دراسة سياسات الأونروا وإعادة النظر في الأموال والبرامج التي تنفذها اعتقاداً
منه أن هناك سوء إدارة في هذه الوكالة.
قد يبدو التعليل منطقياً
إذا قرأناه من وجهة نظر دونالد ترامب، ولكن لو نظرنا للواقع، عندما نتحدث عن الأونروا،
نحن نتحدث عن مستقبل ٥٢٥٠٠٠ طالب وطالبة من اللاجئين الفلسطينيين في ٧٠٠ مدرسة تابعة
لوكالة الغوث. نتحدث عن كرامة وأمن ملايين اللاجئين الفلسطينيين المحتاجين للمساعدات
الغذائية الطارئة وغيرها من المعونات الإنسانية الأساسية في مخيمات الأردن ولبنان وسوريا
والضفة الغربية وغزة. نتحدث عن حقوق الإنسان من العيش والمسكن والتنقل والتعليم والصحة
والهوية والمواطَنة للملايين من اللاجئين الذين يزداد عددهم عاماً بعد عام!
نرى هنا أن ترامب
يريد أن يُعلّم الفلسطينيين درساً في الواقعية السياسية، عن أهمية وجود الولايات المتحدة
في حياتهم، فكيف يجرؤ الفلسطينيون على الوقوف بوجه أمريكا والحديث عن عدم أهليتها كوسيط
نزيه؟ كيف يجرؤ الفلسطينيون على الحديث عن استبعاد لأمريكا أو البحث عن بديل بعد أن
أزاح ترامب القدس عن الطاولة؟ ما يفعله ترامب ما هو إلا استخدام العِصي تجاه الفلسطينيين
مستعيناً بالأموال التي تصرفها أمريكا سنوياً لخدمة اللاجئين الفلسطينيين، فكما شهدنا
وبعد أن قطع المساعدات، لم نجد البديل حتى الآن وها نحن نشهد حملة تبرعات دولية ومزادات
خيرية لتغطية ميزانية الأونروا لهذا العام، إن تمكنت الوكالة من جمع الأموال اللازمة
هذه السنة، فكيف ستوفر هذه المبالغ في العام القادم؟
هنا نرى أنه واقعياً
علينا إعادة النظر بعدة أمور:
أولاً: إمكانية الاستغناء
عن الدور الأمريكي، هل نستطيع الاستغناء عن الدور الأمريكي المالي والسياسي آخذين بالاعتبار
عدم رغبة أو قدرة أي دولة أخرى للوقوف بوجه أمريكا كبديل للوساطة في المنطقة.
ثانيا: لا بد من إجراء
واضح ومضمون لدعم الأونروا، يجب ألا نرضى باستمرار إدارة هذه القضية دون حلها جذرياً،
تعمل الأونروا منذ إنشاء دولة إسرائيل حيث ظهرت قضية اللاجئين نتيجة اعتراف العالم
بدولة إسرائيل ولهذا يتحمل العالم مسؤولية ملايين اللاجئين الذين طُردوا من بيوتهم
وأراضيهم لصالح قيام دولة إسرائيل.
ثالثاً: هناك نداءات
إسرائيلية وأمريكية لإنهاء وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين، علينا العمل بهذا الاتجاه
فمن مصلحتنا حل قضية اللاجئين بإعطائهم حقوقهم حسب القرار ١٩٤ وعندها لن تكون هناك
حاجة مستمرة للأموال ولعمل هذه الوكالة.
يحاول المفوض العام
للأونرو السيد بيير كرينبول جاهداً لإنقاذ الوكالة حيث وجه نداءً للدول والحكومات وأطلق
حملة على السوشال ميديا باسم 'ادعموا الأونروا' لمساعدة ٣٠٠٠٠ موظف يعملون في هذه الوكالة
لخدمة ملايين من اللاجئين، المشهد أشبه بمزاد خيري أو حملة تبرعات دولية لاستمرار عمل
الوكالة لهذا العام، نثمن عالياً جهود وقيم الأونروا والعاملين عليها ولكن فعلياً حان
الوقت لحل قضية اللاجئين جذرياً وحل هذه الوكالة.
يجب أن نوجه رسالة
واضحة لدونالد ترامب وللعالم أجمع، نحن نحتاج لإرادات حقيقية لحل القضايا العالقة بدلاً
من الأموال والمساعدات التي تساعد في إدارة القضايا ولا تعمل على حلها. حان وقت مناقشة
الحلول العملية التي تُرضي اللاجئين وتنهي هذه الحملات الخيرية!
المصدر: القدس
دوت كوم