القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

اتركوا فلسطينيي سورية على الحياد.. «اعتبرونا يهود واتركونا بحالنا!»

اتركوا فلسطينيي سورية على الحياد.. «اعتبرونا يهود واتركونا بحالنا!»

فداء الأقصى/«لاجئ نت»

من وحي المعاناة واستفادةً من الأخطاء السابقة، قرر الفلسطينيون في سورية تجنُّب الدخول في عاصفة التوتر فيها، وهو ما تحدث به المعنيون إلى «لاجئ نت»، وكان الوقوف على الحياد هو خيار الشارع الفلسطيني بالإجماع، فعدم الانحياز لأي طرف كان الاختيار الأنسب لتفادي أي مشاكل، خاصة بعد توجيه أصابع الاتهام للفلسطينيين في بداية الأحداث. لكن الدوامة التي عصفت بالبلد كانت أكبر من إرادتهم، فالأصابع الخفيّة كان من مصلحتها إقحام الفلسطينيين في الحريق السوري، فأقحمتهم في صلب الأحداث وخاصةً بعد وقوع اشتباكات عنيفة في عدد من مخيمات اللاجئين في سورية، وعلى رأسها مخيم اليرموك والوافدين في دمشق ومخيم الرمل الجنوبي في اللاذقية ومخيم درعا اللذان نالا نصيبهما من الدمار والقصف والخراب وتشرد العديد من قاطنيها. فقد سجلت جهات حقوقية أن أوضاع المخيمات الفلسطينية تزداد سوءاً يوماً بعد يوم لتصبح مثل أي حيّ سوري آخر، هدفاً ومرمى للقصف الذي لم يفرق بين سوري وفلسطيني..

طُرِد من وظيفته الحكومية لأنه كان معتقلاً

اللاجئ الفلسطيني في سورية اليوم وإن سلم من قتل أو اعتقال، وقع في مهب ريح الأوضاع الاقتصادية المزرية التي تزداد حدّتها يوماً بعد يوم فالأسرة الفلسطينية فقدت 50% من دخلها كحد أدنى بسبب توقف الكثير من المحال والشركات عن العمل أو بسبب فقدان المعيل أو بسبب اعتقال. يروي السيد أحمد بمرارةٍ قصة اعتقاله عند خروجه من المسجد بعد صلاة الجمعة هو وكثير من المصلين معه، والإبقاء عليه في المعتقل لمدة 43 يوماً - من دون أية تهمة – ما سبّب فقدانه وظيفته الحكومية، فدائرته الحكومية لم تعترف بالاعتقال سبباً لتغيّبه طيلة هذه الفترة، وباءت كل محاولاته لاستعادة وظيفته بالفشل، فخسر بذلك وظيفته وجميع تأميناته وجميع حقوقه، ووجد نفسه مسؤولاً عن عائلته المؤلفة من 6 أشخاص من دون أي مصدر للرزق، ومن ثم بات يقف على طابور الخبز لساعات ليشتري خبزاً يبيعه ملتمساً القليل من الربح الذي لم ولن يكفي متطلبات عائلته في أوضاع معيشية متزامنة مع غلاءٍ في الأسعار وفقدان لكثير من المواد الغذائية والعديد من المواد الطبية، فلا أفران الخبز يتم تزويدها بكميات كافية من الطحين ولا المواد الأولية للأدوية باتت متوافرة ولا الفرد نفسه قادر على كفاية بيته..

مخيمات سوريا تغيث المنكوبين

بالنظر لكل ما يمر به اللاجئون الفلسطينيون في سورية، نجد أن الفلسطينيين قد تمّ زجهم في ويلات معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل. فشعبنا لم ينسَ فضل الشعب السوري الذي احتضنه لستة عقود من الزمن، حيث تحولت المخيمات لخلية نحل تعمل لخدمة مئات الأُسر من الأشقاء السوريين من أهالي التضامن والقدم والجحر الأسود والعسالي والتقدم وغيرها في ظل التوتر العسكري القائم، ووصل عدد سكان المخيم لحدود المليون يشكل الفلسطينيون فيه أقلية، فنشط الشباب بالتعاون مع أهالي المخيم في تأمين المستلزمات الضرورية للنازحين من غذاء ودواء وحليب للأطفال وأنشأوا مجموعات إغاثية قدمت خدمات طبية واستنفرت المشافي لاستقبال الجرحى والمصابين من الأهالي، وقام شباب المخيم بحماية المخيم وضيوفه وشاركوا بحملات النظافة فأظهروا قدرة تنظيمية فائقة وحكيمة في احتواء الأزمة. لكن حيادهم لم يجنبهم الوقوع في المشاكل، فنال المخيم نصيباً من القصف والهدم وحملات الاعتقال والقتل للمدنين الأبرياء، فوجد الفلسطينيون أنفسهم أمام رحلة لجوء جديدة بعد لجوء دام أربعة وستين عاماً، فكثير من فلسطينيي سورية اتجهوا إلى أماكن خارج نطاق سكنهم داخل سورية، وآخرون غادروا البلاد بشكل كامل بحثاً عن مكان آمن وفترة يعيشونها بقليل من الهدوء بعيداً عن مسلسلات الدم اليومية، ولكن كالعادة وجدوا أنفسهم أمام حياة عصيبة جداً لا تخلو من القسوة مرغمين فيها على تجربة لجوء جديد..

وها نحن ذا أمام تجربة جديدة، أعيشها أنا وعائلتي الحبيبة، في تمزيق نموذجي –يليق بالفلسطيني- شتّت لشمل العائلة.. فانا وأخي في بلد والأم والأب في مكان آخر..

ويبقى السؤال قائماً.. متى ستنتهي حالة اللجوء الفلسطيني؟! ومتى سينتهي شعبنا من ويلات الهجرة والنزوح؟! وكيف ستم تفكيك تداخل الهجرة والنزوح والغرب والشتات في هذا اللجوء من خلال عودة كريمة إلى الوطن؟! وإلى متى سيظل الفلسطيني حطباً لكل أزمة تشتعل في أي دولة عربية؟! إلى متى يبقى الفلسطيني ورقةً يحاول الجميع المتاجرة بها؟! وشماعةً يعلقون عليها مشاكلهم ومصائبهم؟! إلى متى يزجّون بنا في أتون كل معركة داخلية ليدفع ثمنها المحروم من أرضه؟!

قرأت مرة جملة أعجبتني.. أهديها لكل من يتاجر باسمنا!

«ما بدكم تحرروا فلسطيني فهمناها.. طيب اعتبرونا يهود واتركونا بحالنا!».