اتفاق المصالحة:
الشك سيّد الموقف!
بقلم: محمد كمال
تتواصل اتفاقات المصالحة
بين حركتَي «فتح» و «حماس»، مرة برعاية مصرية، وأخرى قطرية، وذلك وسط حالة من الاستياء
الشعبي أدت إلى فقدان الثقة في كلا الطرفين لدى الشارع الفلسطيني.
ومع استمرار توقيع
مزيد من الاتفاقيات التي لم يتحقق منها شيئاً على أرض الواقع، تؤكد الحركتان كل مرة
على ضرورة إنجاز المصالحة، إلا أن آخرين يرون أن كل الاتفاقات التي وقعت بين الطرفَين
هي مجرد خداع للجمهور الفلسطيني.
واتفقت حركتا «فتح»
و«حماس» في العاصمة المصرية القاهرة يوم الثلاثاء الماضي على تنفيذ بنود اتفاق المصالحة
الفلسطينية خلال ثلاثة أشهر.
ويدور الحديث هنا
عن تنفيذ الاتفاق الموقع في القاهرة في العام 2009، والذي يشمل خمسة ملفات هي: الحكومة،
والانتخابات، والأمن، ومنظمة التحرير، والمصالحة المجتمعية.
وقال النائب في المجلس
التشريعي الفلسطيني عن حركة «حماس» إسماعيل الأشقر إن الاتفاق الأخير مع حركة «فتح»
يؤكد أن «حماس» مصرّة وماضية في تحقيق المصالحة الفلسطينية وفق التوافقات التي تمت
في القاهرة والدوحة.
وأوضح الأشقر لـ«السفير»:
«أكدنا على اتفاق الرزمة الواحدة، أي أن كل الملفات التي طرحت، سواء ملف تشكيل الحكومة
ومنظمة التحرير والمصالحة المجتمعية والانتخابات وغيرها، ستكون حاضرة دفعة واحدة، وهذا
اتفقنا عليه مع حركة فتح».
وأعرب الأشقر عن
أمله من حركة «فتح» والرئيس الفلسطيني محمود عباس في أن يكونا على قدر عالِ من المسؤولية
في إنجاز المصالحة، وأن يلتفت الأخير إلى شعبه ويعيد بناء منظمة التحرير الفلسطينية
على أسس جديدة، وألّا يعول كثيراً على الوعود الأميركية والمفاوضات الجديدة أو ما يسمى
بتبادل الأراضي، على حد قوله.
وأضاف: «يجب على
عباس أن يضع جلّ اهتمامه في بناء الوضع الفلسطيني على أسس فلسطينية واضحة وفق كل ما
تم التوافق عليه».
وفي الإطار ذاته،
قال القيادي في حركة «فتح» فيصل أبو شهلا إن حركته جادة في تحقيق المصالحة، وتسعى لتنفيذ
كل ما تم الاتفاق عليه مؤخراً، لافتاً إلى أن الأشهر الثلاثة المقبلة ستخصص لتشكيل
الحكومة وتفعيل لجنة الحريات وإنجاز المصالحة المجتمعية والتحضير للانتخابات الرئاسية
والتشريعية، وإصدار مرسوم الحكومة الجديدة وتحديد موعد الانتخابات وفق ما تم الاتفاق
عليه مع حركة «حماس».
وأوضح أبو شهلا،
في حديث إلى السفير»: «نحن جدّيون ومعنيون بالمصالحة ونؤمن بضرورة إجراء الانتخابات
لأنها الطريقة الديموقراطية ليقول المواطن الفلسطيني رأيه في ما يحدث، ويختار البرنامج
السياسي الذي يلائمه».
وأشار أبو شهلا،
في المقابل، إلى أن حركة «حماس» تبدي التزامها بكل الاتفاقيات التي توقعها إلى جانب
حركة «فتح»، لكنها تعطل المصالحة عند مرحلة التنفيذ. وأوضح: «في كل مرّة يخرجون لنا
بشيء جديد، فقد منعوا، على سبيل المثال، لجنة الانتخابات من العمل بعد تشكيلها». وتابع:
«لقد صرح عضو المكتب السياسي لحماس موسى أبو مرزوق بوضوح أن لديهم تخوفات من الانتخابات،
لذلك نخشى من أنهم قد لا ينفذون ما تم الاتفاق عليه».
من جهته، اعتبر الكاتب
والمحلل السياسي هاني حبيب أن تأجيل المشاورات بشأن تشكيل الحكومة وباقي الملفات ثلاثة
أشهر يشكل محاولة لإعطاء بعض الأطراف المزيد من الوقت لتعميق الانقسام وتحويله إلى
انفصال حقيقي وواقعي بين الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
ورأى حبيب في حديث
إلى «السفير» أن مدة الثلاثة أشهر ستكون حبلى بالكثير من الاجراءات على الأرض، وإصدار
الكثير من القوانين والتشريعات التي تشجع بعض الأطراف على التمسك بالانقسام.
وأضاف حبيب ما حدث
هذه المرّة «مجرد شكل من أشكال التحايل وخداع على الجمهور الفلسطيني، ومحاولة لاعـــطاء
مـــبررات إضافية لعدم التعجيل بعملية الوصول إلى نهاية الانقـــسام وتحقـــيق المصالحة
الفلسطينية».
وبيّن حبيب أن هناك
قوى فلسطينية نافذة لديها مصلحة في استمرار الوضع الراهن في الضفة الغربية المحتلة
وقطاع غزة، وليس من مصلحتها إنجاز المصالحة الفلسطينية. وأوضح أن عدم إنهاء الانقسام
وتحقيق المصالحة حتى الآن يتعلق بأسباب مرتبطة بالوضع الفلسطيني الداخلي أكثر من كونها
ملفات خارجية تتبع لقوى أخرى، بالرغم من ان هذه القوى ما زالت تؤدي دوراً مهماً.