جنى الدهيبي
يستعد لبنان للمرة الأولى لاستضافة الاجتماع
الدولي للجنة الاستشارية للأونروا AdCom،
وعلى جدول أعمالها يتصدر عنوان الأزمة المالية للأونروا، وخططها الاستراتيجية والتحديات
التي فرضتها الحرب الروسية - الأوكرانية على الأمن العالمي والإقليمي، وتجديد ولايتها
في شهر أيلول المقبل. ويعقد المؤتمر يومي 14 و15 حزيران المقبلين في بيروت.
أزمات الأونروا
تدرك الجهات المنظمة لهذا الاجتماع، والذي
تنظمه لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني، أنه يأتي وسط ظروف شديدة التعقيد ومليئة بالتحديات
غير المسبوقة التي تواجهها الأونروا منذ نشأتها في العام 1949. وتتمثل أبزر هذه التحديات
بكيفية توفير التمويل والاستدامة، ووضع المنظمة الإقليمي، وكيفية صمودها في ظل صراعات
المنطقة وغياب الاستقرار، فيما يطمح لبنان الذي يترأس اللجنة هذه الدورة إلى لعب دور
في طرح إطار معالجات على المستوى الإستراتيجي.
أنشئت هذه اللجنة الاستشارية (ADVISORY COMMISSION) بموجب قرار الأمم المتحدة
رقم 302 الصادر بتاريخ 8 كانون الأول 1949. وتمّ تكليفها بمهمة تقديم النصح ومساعدة
المفوض العام للأونروا في تنفيذ مهام ولاية الوكالة. وعند تأسيسها كانت اللجنة مؤلفة
من خمسة أعضاء، وهي اليوم تضم 25 عضوًا وثلاثة أعضاء مراقبين برئاسة لبنان.
تجتمع اللجنة الاستشارية دوريًا، مرتين
سنويا، لمناقشة القضايا التي تهم الأونروا. وهي تسعى للوصول إلى توافق في الآراء وتقديم
النصح ومساعدة المفوض العام للوكالة. كما يلتقي الأعضاء والمراقبون بانتظام من خلال
اللجنة الفرعية للجنة الاستشارية، ويهدفون إلى مساعدة اللجنة الاستشارية، وذلك إيفاء
لمهمة تقديم النصح للمفوض العام.
في لقاء مع عدد من الصحافيين في السرايا
الحكومية، تحدث رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني باسل الحسن، عن التحضيرات لهذا
المؤتمر، ويضم ممثلين عن نحو 27 دولة، منها الدول العربية التي تستضيف اللاجئين الفلسطينيين،
وهي لبنان وسوريا والأردن ومصر والضفة الغربية، ودول أجنبية وغربية مانحة للأونروا
ووكالتها الأممية.
وفي اليوم الأول، من المرتقب أن يعقد كل
من باسل الحسن والمفوض العام للأونروا فيليب لازاريني مؤتمرًا صحافيًا مشتركًا. وسبق
أن وجه الأخير رسالة تمهيدية لهذ المؤتمر، وتحدث عن نقص في تمويل الأونروا، واصفًا
إياه بـ"المزمن"، كنتيجة "لتقلب الأولويات الجيوسياسية، والديناميات
الإقليمية الجديدة، وظهور أزمات إنسانية جديدة، يفاقمها إعياء المانحين تجاه أحد أطول
الصراعات التي تبقى بدون حل في العالم. وقد أدى كل ذلك إلى تراجع واضح لأولوية القضية
الفلسطينية، بما في ذلك لدى بعض المانحين من المنطقة العربية في الآونة الأخيرة".
زيارة سوريا؟
وتفيد معطيات "المدن" أن بعض
الوفود المشاركة في المؤتمر، تنوي بعد انتهائه زيارة سوريا، لتفقد مخيمي اليرموك وعين
التل، والوقوف على الأضرار الكبيرة التي أصابتهما في الحرب السورية وهجرت ألوف من عائلاتهما
الفلسطينية على مدار أكثر من 10 سنوات.
وكان المفوض العام للأونروا قد أعلن في
رسالته أيضًا، أن هذا الاجتماع يتيح فرصة لمناشدة الجهات المانحة من أجل زيادة دعم
للاجئين الفلسطينيين، مع التركيز على لبنان وسوريا، حيث تنظيم زيارات إلى المخيمات.
و"سيوفر مؤتمر التعهدات السنوي بشأن الأونروا، الذي ينظم في الجمعية العامة للأمم
المتحدة في حزيران بنيويورك، فرصة أخرى لدعوة المجتمع الدولي إلى إظهار التضامن مع
اللاجئين الفلسطينيين".
انتشرت في الآونة الأخيرة أخبار حول إمكانية
دخول الأونروا بشراكات مع جهات أخرى للتخفيف من وطأة أزمتها، حتى أن البعض ذهب لوضع
المسألة في سياق التمهيد لانهاء دور الوكالة كليًا، وما يتبع ذلك من تبديد ممنهج للقضية
الفلسطينية.
وعلمت "المدن" أن بعض الجهات
الفلسطينية، تعبر عن رفضها لما أسمته أي نوع من أنواع "الشراكات المشبوهة"
التي يمكن أن تشكل عنصر تنافس غير مرحب به في أوساط موظفي الوكالة، كتأسيس مجموعة استشارية
لخبراء التعليم للأونروا.
وهنا، يوضح باسل الحسن أنه ليس مطروحًا
نقل التفويض من الأونروا إلى أي وكالة أخرى، داعيًا إلى التمييز بين الشق الاستشاري
والتفويضي.
لبنان والأونروا
وحول لبنان، تشير مصادر اللجنة إلى أن العمل
جارٍ لقراءة انعكاسات علاقة الفصائل الفلسطينية بالمخيمات بأجندة الإصلاح داخل الوكالة،
مشددًا على تمسك الأخيرة بمهماتها في لبنان، نظرًا لحساسية واقعه، سياسيًا وديمغرافيًا
واقتصاديًا ومناطقيًا.
وتواجه الاونروا مصاعب وتحديات كثيرة في
لبنان بعد الانهيار الكبيرة التي شهده منذ خريف 2019، لا سيما أن ميزانيتها مركزية،
وتبلغ نحو 1.5 مليار دولار للأقطار الخمسة (لبنان، سوريا، الأردن، الضفة الغربية، قطاع
غزة)، وتاليًا، تعجز عن الاستمرار بخدماتها الاعتيادية قبل السعي لتقديم خدمات استثنائية.
وترى اللجنة أن الإشكالية التاريخية للفلسطينيين
في لبنان، هي قضية "حق العمل" والقيود المفروضة عليهم، خصوصاً أن لجنة الحوار
تسعى لاجترار حلول ولو بالحد الأدنى، "شرط عدم طرح القضية بطريقة تستفز طرفًا
من الأطراف اللبنانية والفلسطينية".
وبالعودة إلى المؤتمر المقبل، علمت
"المدن" الاصلاحات المدرجة على أجندته من قبل الجهات الدولية، تتعلق بمسألتين:
أولًا، ثقل وظيفي لا تحتاجه الوكالة بوجود نحو 28 ألف موظف في الدول المستضيفة رسميا
للاجئين. ثانيًا، البحث بكيفية التخفيف من حجم التدخل السياسي في التوظيفات، إذ يعتبر
بعض المانحين أن ثمة فرض للتوظيفات من قبل الفصائل الفلسطينية لأسباب متنوعة، ما يؤثر
على دور الوكالة وأدائها.
لا شك أن النقاش حول احتمالات انهيار الوكالة،
أمر وارد ، في ظروف التطبيع وطرح عمليات سلام وقضايا اللاجئين. ولكن، ليس من اجماع
دولي حول آليات إنهاء الوكالة ووقف تمويلها. وتدعو اللجنة إلى ضرورة التمييز بين الدول
التي تطلب إصلاحات، والدول التي لديها أجندات تستهدف وجود الأونروا وتربط قضية اللاجئين
الفلسطينيين بقضية السلام مع "إسرائيل".