«استحقاق سبتمبر» غموض لا تنقصه الأفخاخ
لقمان اسكندر
لا يرى الأردنيون «استحقاق سبتمبر» كما تراه الدول العربية الأخرى، مهما بلغ ارتباطها بالقضية الفلسطينية، بل هو بالنسبة إليهم، إن اكتم، يعادل «الهوية» ويتفاضل مع وجودهم السياسي، خاصة مع وجود ملف من أكثر الملفات تعقيدا في المملكة، ألا وهو ملف «اللاجئين». ويقول المؤرخ الأردني د. علي محافظة: «لو كان الشوط الذي تعلن السلطة الوطنية الفلسطينية أن تقطعه، ستقطعه حتى النهاية، ففي الطريق الكثير من الأفخاخ». ويحاول د. محافظة أن يوازن في حديثه عن الهوية الأردنية بين «حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم»، وبين أنهم كذلك مواطنون أردنيون يتمتعون بكامل الحقوق والواجبات.
ويضيف: «من مصلحة الأردن أن تقوم دولة فلسطينية في الضفة الغربية، ولكن على أن لا نربط جنسية اللاجئين الفلسطينيين في الأردن بذلك، وهذا ما تحدث به العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني مؤخرا».
ويوضح أن «جميع الفلسطينيين الذين تنطبق عليهم تعليمات قرار فك الارتباط العام 1988 هم مواطنون أردنيون، ولكن بعضهم، بل جلّهم لاجئون لهم حقوقهم الفلسطينية في أرضهم, أي أن احتفاظهم بالجنسية الأردنية لا يلغي حقهم بالعودة والتعويض». ويدرك د. محافظة أن المسألة ليست بهذه السهولة، ولكنه يتساءل: ماذا إذا تواطأت الولايات المتحدة..؟
ويرد المؤرخ الأردني، الذي كان من بين الشخصيات الأردنية التي جلس معها العاهل الأردني مؤخرا بعد تصاعد الجدل بين الأردنيين على «الوطن البديل»، إن «المملكة أعلنت وعلى لسان الملك أن ردها على هذا المشهد سيكون بالقوة العسكرية».
إلا أن د. محافظة يرى أن الأهم في ملف استحقاق سبتمبر هو «إزاحة الغبار الذي تراكم اثر فوضى التصريحات الإسرائيلية حيال الاستحقاق نفسه»، قائلا: «لا نذهب بأحلام يقظتنا بعيدا ولا نتوقع أن تكون النتائج كبيرة».
أما عن الضجيج الإسرائيلي، فيصفه المؤرخ الأردني بأنه «عادة إسرائيلية لتفخيخ الحراك حتى يظهر في النهاية أنه فارغ وبلا معنى».
ويبدو من تصريحات المسؤولين الإسرائيليين أن الحراك الفلسطيني «عظيم جدا»، فالجميع يدرك أن إسرائيل تمسك بيدها أصابع أميركية تحمل «الفيتو» ضد التوجه الفلسطيني. ومن هنا يطالب د. محافظة بـ«عدم المبالغة في استحضار نتائج الحدث وكأنها السحر التي ستبطل تعقيدات القضية الفلسطينية فور وصول الوفد الفلسطيني إلى نيويورك». ويضيف: هو سبب وجيه بالنسبة إلى رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس وقيادات السلطة، وهو كذلك ما لاحظته حركة «حماس» مبكرا.
من جانبه، لاحظ الكاتب والمحلل السياسي عريب الرنتاوي أن الدبلوماسية الأردنية تدرك خطورة الأفخاخ وكثرتها في هذا الاستحقاق، ومن بينها اشتعال الحدود الغربية للأردن، فضلا عن أن الأفق يظهر أن واشنطن الراعية الوحيدة عمليا للسلام حسمت أمرها بجاهزيتها للفيتو. إلا أن الخبير في الشؤون الفلسطينية جواد البشيتي يقول: «هذا الجدل بالنسبة إلى الأردن مجرد تفاصيل»، ويضيف إن الأردنيين غير معنيين بتفاصيل كيفية ممارسة السلطة للعبة بقدر الاهتمام بالنتائج، والحصول على ضمانات بأن ملفات اللاجئين والحدود والقدس لن تمس إلا بمشاركة أردنية.
المصدر: جريدة البيان