استعدادات
"حماس" العسكريّة للمواجهة مع "إسرائيل"
عدنان أبو عامر
أخيراً، اندلعت
المواجهة العسكريّة المفتوحة بين "حماس" وإسرائيل في غزّة، بعد أن خاضا
تصعيداً تدريجيّاًّ منذ عمليّة الخليل في 12/6، وهذا ما توقعه
"المونيتور" في مقال سابق.
لكن اغتيال
"إسرائيل” 6 من كتائب القسّام الجناح العسكريّ لـ"حماس"، في رفح في جنوب
غزة مساء 6/7، أفسح المجال أمام اندلاع الحرب.
وأسفر هذا
الاغتيال عن إطلاق كتائب القسّام مساء 7/7 رشقات صاروخيّة بعشرات القذائف من نوع
"هاون"، "قسام"، و"غراد"، بصورة غير مسبوقة منذ حرب
2012، على جنوب إسرائيل.
وانطلق الجيش
الإسرائيليّ في عمليّته العسكريّة على غزّة التي أسماها "الجرف الصامد"،
فجر يوم 8/7.
رسائل ردعيّة
وقام
"المونيتور" بجولة ميدانيّة في مواقع استهدفها الطيران الإسرائيليّ في
غزّة، وعلم من مصادر طبيّة أنّ الهجمات أسفرت حتى كتابة هذه الأسطر عن مقتل 51
فلسطينيّاً، من بينهم 17 طفلاً و8 نساء، وإصابة 450 آخرين، من بينهم أطفال
ومدنيّون. كما استهدف القصف منازل مدنيّة في مدن رفح وخانيونس وبيت لاهيا في جنوب
ووسط وشمال غزة.
لم تتأخّر
"حماس" بالردّ على الهجوم الإسرائيليّ، فأصدرت بيانات عدّة، جاء أهمها
ما أعلنه نائب رئيس مكتبها السياسيّ موسى أبو مرزوق فجر الثلاثاء 8/7، بعد ساعات
من بدء الحرب، معتبراً أنّ حلقات الهجوم الإسرائيليّ اكتملت باستدعاء الاحتياطيّ،
وتهيئة جبهتها الداخليّة".
وفور اندلاع
المواجهة، نشرت كتائب القسّام عدداً من الرسائل الإعلاميّة، أهمها شريط فيديو
تصويريّ لصاروخ من تصنيعها.
ونشرت مجموعة
صور استعراضيّة لمسلّح يحمل صواريخ، ومن خلفه نيران تشتعل، وكتب عند أسفلها
باللغتين العربيّة والعبريّة "كلّ المدن الإسرائيليّة قريبة من غزّة"،
في إشارة إلى أنّها في مرمى صواريخ القسّام.
التقى
"المونيتور" قائداً عسكريّاً ميدانيّاً من "حماس" في غزّة،
قبيل ساعات من اندلاع المواجهة، وأبلغه أنّ "هذا الصاروخ، من دون إيضاح حجمه
ومداه، يعطي إشارة إلى ما وصلت إليه كتائب القسّام من احتراف عالٍ في مواجهة الجيش
الإسرائيليّ، إذ تكون قدراتها الصاروخيّة أكثر كثافة ودقّة في الإصابة، وقد يكون
الإطلاق بدفعات تصل إلى 36 صاروخاً دفعة واحدة".
وأضاف في لقاء
خاص مع "المونيتور" في جنوب مدينة غزّة: "لم يكن سراً أنّ حماس
استغلّت فترات الهدوء السّابقة لتعجيل استعدادها للجولة الحاليّة، فهي حفرت أنفاق
هجوم، وصنعت وسائل طيران غير مشغّلة بشريّاً، وأطالت مدى قذائفها
الصاروخيّة".
وأكّد
"موقع المجد الأمنيّ" المقرب من "حماس"، أنّ "كتائب
القسّام اتّخذت إجراءات عدّة، استعداداً لإمكان أن تطول المواجهة مع "إسرائيل” هذه
المرّة، وأهمّها عدم كشف أماكن إطلاق الصواريخ المنطلقة من غزّة باتّجاه البلدات
الإسرائيليّة، والإبقاء على راجمات الصواريخ المنتشرة تحت الأرض سريّة، انتظاراً
للمواجهة المقبلة، واختيار أوقات غير متوقّعة في غياب الطائرات المحلّقة، وتصميم
راجمات وهميّة فوق الأرض، لتضليل الطيران الإسرائيليّ، وتغذية بنك أهدافه بمعلومات
خاطئة".
واستهدفت كتائب
القسّام مروحيّة إسرائيليّة من طراز "أباتشي" في أجواء خانيونس في جنوب
قطاع غزة بعد ظهر الاثنين 7/7، من خلال صاروخ "سام 7"، مؤكّدة أنّ
"الصاروخ أصاب هدفه بدقّة، من دون أن تؤكّده إسرائيل".
وسبق
"للمونيتور" أن تحدّث عن قدرات "حماس" العسكريّة لوقف تحليق
الطيران الإسرائيليّ في أجواء غزّة.
ولاحظ
"المونيتور" من خلال جولة ميدانيّة أنّ معظم الطيران الإسرائيليّ
المحلّق في أجواء غزّة منذ اندلاع الحرب يطلق بالونات حراريّة للحيلولة دون
استهدافها من مضادّات الطيران التي تملكها القسّام، لكن المستجد الميدانيّ في هجوم
"إسرائيل” على "حماس"، هو استدعاؤها لـ40 ألف جنديّ احتياط، تحضيراً
لعملية بريّة محتملة في غزّة.
الاجتياح
البريّ
ومن جهتها،
تبدو كتائب القسّام مستعدة لسيناريو كهذا واجهته في حرب 2008، وأشارت دراسة
تداولها قادة ميدانيّون في القسّام أخيراً وحصل عليها "المونيتور" إلى
كيفيّة التعامل مع أيّ عمليّة بريّة"، وقالت: "إنّ العمليّة البريّة
تمثّل السيناريو الأكثر قساوة للقسّام وإسرائيل، لأنّها ستحصد أرواحاً بشريّة كبيرة،
لكن مقاتلي القّسام وصلوا إلى مستوى من الاحتراف القتاليّ يجعلهم لا يذهبون مباشرة
لمواجهة الجنود الإسرائيليّين، كما في الماضي، بل يجرون قراءة سليمة لاتجاه
عمليّات العدو (إسرائيل). وبالتّوازي، يتم إرسال خلايانا المسلحة إلى الأمام، حيث
الخطوط الخلفيّة للانتشار الإسرائيليّ لتنفيذ عمليّات هناك".
أضافت الدراسة:
"إنّ نقطة القوّة لمقاتلي القسّام إذا قرّرت "إسرائيل” الانتقال للعمليّة
البريّة التي تحوّل جنودها في شوارع غزّة من صيّادين إلى مصطادين، إلى بطّ في مرمى
النيران، وذلك من خلال التّخطيط المميّز والإعداد والرّصد المسبق، وتحديد نقاط
الضّعف في صفوف العدو، واستغلال عنصر المفاجأة الذي يربك الجنود، ويجعلهم يسقطون
برصاص المهاجمين في معارك يثبت فيها المقاتلون أنّ لديهم قدرات عسكريّة
متفوقة".
وقد تحدث
"المونيتور" في تحليل سابق عن أحد التحدّيات التي تواجه الجيش الإسرائيليّ،
إذا قرّر دخول غزّة بريّاً، تتمثّل في عشرات الأنفاق التي تنتشر تحت الأرض.
ووصف القائد
الميدانيّ ذاته في "حماس" "للمونيتور" ما تمثّله الأنفاق من
نقطة قوّة لمقاتلي الحركة إذا دخلت "إسرائيل” غزّة بقوله: "هذه الأنفاق
المنتشرة تحت كلّ شارع وزقاق في غزّة تضيف أوراق قوّة جديدة لكتائب القسّام،
وتعمّق الأزمة العسكريّة الإسرائيليّة، وتخلق مشكلات أمنيّة لا حصر لها أمام
الجيش، مما سيفرض عليه تعديلاً في قواعد المواجهة مع "حماس"، وستتحوّل
المشكلة المركزيّة أمام الجيش". وإنّ ما يرجّح اعتماد "حماس"
المتوقّع على الأنفاق إذا قررت "إسرائيل” العمليّة البريّة، أنّ اندلاع المواجهة
الحاليّة بدأت مساء الأحد 6/7، حين قصف الجيش الإسرائيليّ نفقاً تحت مطار غزّة
الدوليّ المدمّر، وكان فيه 6 من مقاتلي القسّام، قتلوا جميعاً.
ولعلّ ما يشير
إلى استعدادات "حماس" للمواجهة الدّائرة، ما أعلنته مساء 8/7 عن اقتحام
وحدة كوماندوز تابعة لكتائب القسّام المسمّاة ب"الضفادع البشريّة"،
لقاعدة تابعة للبحريّة الإسرائيليّة على شواطئ بحر عسقلان، في شمال غزّة، ووقوع
اشتباك مسلّح مع الجنود الإسرائيليّين، وهي المرّة الأولى التي تنفّذ فيها عمليّة
من هذا النّوع.
كما فجّرت
كتائب القسّام مساء 8/7 نفقاً في أسفل منطقة كرم أبو سالم العسكريّ الإسرائيليّ في
جنوب قطاع غزّة، من دون الإبلاغ عن وقوع خسائر أو أضرار.
وأخيراً، تقول
"حماس" إنّها استعدّت "عسكريّاً للمواجهة الدّائرة حاليّاً مع
إسرائيل، وقد وعدت بمفاجآت متلاحقة سيشهدها ميدان غزّة أمام الجيش الإسرائيليّ،
ممّا يعني اتساع رقعة المواجهة كمّاً ونوعاً بين الجانبين.
المونيتور،
9/7/2014