القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

اعتصام بيروت.. خيمة عن خيمة تفرق..

اعتصام بيروت.. خيمة عن خيمة تفرق..

بقلم : محمد موعد - ابوصالح

في عام ثمانية واربعون وبفعل الهجمة الصهيونيه الشرسه آنذاك، تم احتلال فلسطين على ايدي العصابات الصهيونية وارتكبت المجازر الشنيعة بحق اهلنا وشعبنا، فتشرد اهل فلسطين الى اصقاع الدنيا، فنصبوا لهم الخيم، خيم الذل والعار، فكانت خيام اجدادنا وآبائنا في الشتات جراء النكبة، خيام مات فيها العجائز قهراً وكانت تحوي الهم والغم والحسرة والقهر، على فقدان الارض والدار والبيدر والخيرات، وضاعت بين اقمشة الخيام العفنة احلام خيرة الشباب آنذاك بالعلم والحياة واثبات الوجود والذات.

في خيم اللجوء القسري آنذاك مات الناس فيها عطشاً ومرضاً من جراء لدغات الحشرات السامة والماء الملوث وضربات الشمس، كما يتذكر جيل النكبة او ما قبله من اجيال فلسطين مما حدث في القرعون بجنوب لبنان مع بداية النكبة لشعبنا، خيام اللجوء تلك لم تكن تحمي ساكنيها ولم تكن مؤقتة كما ضحكوا علينا سابقاً وكما يضحكوا علينا اليوم في قصة ابريق الزيت قصة اعمار نهر البارد، إذن، هي خيم نصبت على باطل..وما بني على باطل فهو باطل..

وظلت السبحة واستمر شعبنا يواجه المؤامرات والمخططات بما فيها مخطط التهجير والتصفية، الى ان تفجرت وانطلقت قوى الثورة الفلسطينبة ضد الظلم والقمع والاستبداد، و مارست كفاحها ضد العدو الغاصب ومشروعه العنصري..

فإذا كان لكل ثورة حكيم، فإن لها ايضاً أمير يصنع ثقافتها ويحمي ذاكرتها، فكان غسان كنفاني امير الثورة الفلسطينية، ففي روايته المشهورة (ام سعد) (ام غوركي) واسمها الحقيقي آمنة احمد ياسين، التي ترقد في مخيم برج البراجنة في مقبرة الشهداء الى جانب رفيق دربها الاديب الشهيد غسان كنفاني التي خلدها في روايته المشهورة عام 1963 والتي تنبأ بها بإنطلاقة المقاومة المسلحة الفلسطينية وقد كان ما كان، فتحولت خيمة اللاجئ المشرد الى خيمة الفدائي البطل في احراج جرش وعجلون والاغوار والبقعة والزرقاء في الاردن، الى خيمة الفدائي في كفر شوبا والهبارية وقلعة الشقيف والقطاعين الاوسط والشرقي في لبنان.

كانوا يقولون الفلسطيني اللاجئ، وبعد قيام الثورة ساروا يقولون الفلسطيني الفدائي الذي سلب وطنه في ليلة ما ( لا فيها ضوء قمر ولا ضمير عربي ولا اسلامي ولا من يحزنون..).

وفي كلمات ام سعد اللاجئة الفلسطينيه المقاومة التي تنجب وتعطي للوطن تعطي الابن تلو الابن التي قالت(خيمة عن خيمة تفرق) فخيمة ذاك الفدائي الذي رفع رؤوسنا عالياً هي تختلف عن خيمة اللاجئ الذي كان ينتظر فيها رحمة الله الواسعة. فعود الدالية الذي برعم رأساً أخضر شاقاً طريقه وله صوت، ما هو الا صوت الثورة الفلسطينية المجيدة التي حلم بها غسان كنفاني، ذاك الرجل المناضل والعبقري، والفقير والمثقف والمحرض والعاشق، الذي علمنا ما الفرق بين خيمة واخرى.. خيمة المقاتل وخيمة اللاجئ...

وها نحن اليوم نقيم هذه الخيم المقاومة بالقرب من آن ديسمور رغم الظروف القاسية والشاقة االتي يواجهها ابطال الخيم من شباب وقيادات ومتطوعين، تلك الخيم الصلبة التي بشرت بها ام سعد وغسان كنفاني في هذه المعركة الشعبية المطلبية ذات الطابع السلمي والحضاري لشعبنا واهلنا في مخيم نهر البارد ضد قرار السيدة ديسمور السيئ الصيت والظالم القابعة هنا بين غرف الانروا السوداء، هذه الخيم التي ترفع الرأس والجبين وبهمة الشباب وعزيمتهم الشجاعه، وبالوجوه الطيبة الزائرة والمتضامنة والمتطوعة، ستظل منصوبة رغم كل الظروف المعقدة وكل محاولات التضييق، ستظل عالية خفاقة لعيون غسان وعيون ام سعد رحمهما الله.. حتى ترضخ السيدة ديسمور وطاقمها المعاون لصرخات اهلنا وحبايبنا في نهر البارد وينتصر الحق ويزهق الباطل....

المصدر: موقع ومنتدى مخيمي نهر البارد والبداوي الحواري