"اقبلوا بتوطين الفلسطينيين أو السوريين" هل صحيح أن هذا
ما سمعه مسؤول لبناني ؟
بقلم: رضوان عقيل
تعيش المخيمات الفلسطينية، ولا سيما في عين الحلوة، حالا من الترقب والحذر
بعد اغتيال القيادي العسكري في "فتح" فتحي زيدان في صيدا قبل عشرة أيام.
وجاءت عملية تصفية الأخير على بعد عشرات الامتار من حرم ثكنة الجيش ومكاتب مديرية مخابرات
الجيش في الجنوب. وسلطت الضوء من جديد على الخلافات الفلسطينية الداخلية التي لم تنج
منها "فتح". ويأتي هذا التطور الامني في وقت لم يغب موضوع التوطين عن لقاءات
المسؤولين اللبنانيين مع أقرانهم الأجانب، سواء في بيروت أو خارجها، وخصوصا في الدوائر
الاوروبية والاميركية، من دون التقليل في الوقت نفسه من أن ثمة من يكبر حجم هذا الحجر
في الداخل.
ويعترف المسؤولون عن الفصائل، على مختلف تشكيلاتها، بأن الاهالي في عين الحلوة
ولا سيما الذين يعملون في قطاع الخدمات والتجارة ضاقوا ذرعا بأعمال الفوضى والخروق
الامنية وإلقاء القنابل وتهديد الحياة اليومية للاجئين الفلسطينيين الذين لم ينقصهم
إلا لجوء عشرات الالوف من اخوتهم الذين يقيمون في سوريا. وثمة أعداد من الفئة الاخيرة
توجهت الى بلدان أوروبية عن طريق البحر الى تركيا.
وفي ظل المناخ غير المطمئن في عين الحلوة الذي يؤوي نحو مئة ألف لاجىء، لا
تزال بعض الاطراف و"الدكاكين العسكرية" في عدد من الاحياء تعمل على توتير
الاجواء بين الفينة والأخرى، لتأخذ الامور منحى تصاعدياً. ولا أحد من قيادات الفصائل
يستطيع أن يقول إن الوضع مستتب في عين الحلوة. والتحقيقات متواصلة لكشف هوية من أقدم
على قتل زيدان، وهذا الملف أصبح في عهدة السلطات الامنية اللبنانية. ويؤكد قيادي فلسطيني
هنا أنه ليس من الصعوبة معرفة الجهة التي وقفت وراء الاغتيال من أجل ألا تكون على غرار
عمليات سابقة" التهمها" الغبار والنسيان، ولا سيما أن ثمة جملة من المعطيات
الحسية تمكّن المحققين من التوصل الى قتلة زيدان، إذا تم التعاون الفلسطيني المطلوب
وتحديد من زرع العبوة في السيارة التي خرجت من مخيم المية ومية. ويردد قيادي هنا:
"ما زلنا ننتظر نتائج التحقيقات".
ويقرّ الجميع بالخلافات داخل البيت "الفتحاوي"، مع استبعاد ان تكون
احدى الجهات في الحركة وراء مقتل زيدان، ولا سيما ان الرجل لم يكن على خلاف مع اي طرف
سوى قيامه بالمهمات العسكرية التي كانت تطلبها قيادته منه، ولم يشكل أي محور في صفوف
"فتح". وثمة من يعتقد أيضا أن المجموعة المنضوية تحت اسم "الشباب المسلم"
لا قدرة لها على تنفيذ هذا النوع من العمليات المحترفة التي تقف خلفها أصابع اسرائيلية
او عربية بأدوات فلسطينية، "وما أكثرها".
وعلى الخط السياسي الموازي للامني، يتتبع قادة الفصائل ما يصلهم من معلومات
عن ملف التوطين الذي يشغل جهات لبنانية عدة، ولا سيما ان مسؤولا لبنانيا كان قد استقبل
شخصية غربية مؤثرة وكان محور الحديث عن اللاجئين السوريين وما يتكبده لبنان في هذا
الخصوص. ولم تستعمل هذه الشخصية القفازات الديبلوماسية عندما تناولت موضوع التوطين
وإبداء حماسة ظاهرة "للقبول بتوطين 400 ألف فلسطيني في لبنان بدل القبول بتوطين
مليون ونصف مليون لاجىء سوري على أرضكم، وما عليكم في النهاية الا اختيار واحد من الطرفين،
اي بمعنى أن تقبلوا بالفلسطينيين أو بالسوريين".
يعترف المسؤول اللبناني هنا بأنه أصيب بالذهول في اللحظة الاولى، ثم تلقى
ضيفه الجواب المناسب والرافض لهذا الطرح "الذي أول من تنتظره اسرائيل".
بلغت أصداء هذا الحوار قياديا فلسطينيا يؤمن بأن الرافض للتوطين اولا هو الفلسطيني
نفسه قبل اللبناني، على الرغم من المعاناة اليومية التي تواجه الاول في العمل والتملك،
إضافة الى الاوضاع الامنية غير المستقرة التي يعيشها، وخصوصا في عين الحلوة، إضافة
الى تهرب "الاونروا" من القيام بالواجبات الطبية والتعليمية المطلوبة منها
حيال اللاجئين. وتتحدث المعلومات عن ان نصف اللاجئين الفلسطينيين في سوريا اصبحوا خارجها،
ويقارب عددهم نحو 300 ألف، وأكثرهم من مخيم اليرموك.
ويحذر القيادي من الاستمرار في انتهاك حقوق الفلسطيني في لبنان، وان
"كل ما فعلته لجنة الحوار مع الدولة اللبنانية "لا يتعدى بعض التحسينات وتحقيق
ثلاثة في المئة من المطالب على صعيد العمل وتملك المنازل، وهي لا تكفي، وان هذه المماطلة
ستولد المزيد من الازمات عند الفلسطيني وتدفعه في النهاية الى شطب قضيته والقبول بالتوطين
الذي يصبح مع مرور السنين أمراً واقعاً اذا لم تسوّ هذه القضية في الاصل.
المصدر: النهار