الأسرى الفلسطينيون ضحايا مفاوضات السلام
بقلم: حمزة إسماعيل أبو شنب
ما أن أُعلِن قبل يومين عن استشهاد الأسير الفلسطيني
عرفات جردات نتيجة التحقيق القاسي معه من قبل قوات الاحتلال حتى خرجت الجماهير الفلسطينية
لتعبر عن غضبها تجاه ما تتعرض له الأرض والمقدسات من تهويد واستيطان، وما يعانيه الأسرى
الفلسطينيون داخل المعتقلات الإسرائيلية، فسارع الاحتلال إلى إرسال موفدٍ خاص للسلطة
الفلسطينية يحمل معه رسالتين: الأولى رسالة تهديد، عبر مطالبة السلطة الفلسطينية باتخاذ
إجراءات حاسمة ضد المواجهات التي تفجرت ومنع انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية، والثانية
رسالة طمأنة أنه مقابل هذه الخطوات الفلسطينية ستسارع حكومة الاحتلال بتحويل الضرائب
المستحقة عن شهر يناير دون تأخير كما جرت العادة خلال الأشهر السابقة.
المال مقابل الأمن هي معادلة الاحتلال مع السلطة الفلسطينية،
وهذه المعادلة لا تخفى على أحد، كما يساهم المال الأمريكي الذي يقدم للسلطة في تعزيز
قبضة الأجهزة الأمنية التي لاحقت المقاومة في الضفة الغربية واعتقلت العشرات من أبناء
حماس والجهاد الإسلامي ومقاتلي شهداء الأقصى المنبثقة عن حركة فتح، كما لم يتوقف التنسيق
مع الاحتلال رغم توقف المفاوضات السياسية.
إذن المطلوب الآن من السلطة أن تقمع المحتجين وتلاحقهم
وتمنع اندلاع مواجهات عنيفة مع الاحتلال، حتى لا تتطور الأوضاع وتتحول الانتفاضة الفلسطينية
إلى أوسع من الحجر والاحتكاك على الحواجز في الضفة الغربية، في ظل محاولات المقاومة
الفلسطينية تنفيذ عمليات أسر جنود للإفراج عن الأسرى، حيث سُجِّل خلال الأشهر الماضية
ما يقارب الثماني عشرة محاولة أحبطتها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على حسب ما صرح
به قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي سابقاً العميد "أفي مزراحي".
لقد فشلت كافة الجهود الفلسطينية التفاوضية في إنهاء
معاناة الأسرى الفلسطينيين منذ توقيع اتفاق أوسلو حتى اليوم، بل على العكس ازدادت أوضاعهم
سوءاً وتدهوراً، وأصبح الاحتلال يستخدم ضدهم أبشع أنواع التعذيب، وسجلت مفاوضات السلام
فشلاً ذريعاً في الإفراج عن الأسرى أصحاب الأحكام العالية منفذي عمليات القتل ضد الاحتلال،
الذين مازال العديد منهم يقبع في سجون الاحتلال بعد أن تحرر عدد منهم في صفقة التبادل
بين الاحتلال وحركة المقاومة الإسلامية حماس.
لقد أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنه لن يسمح بأية
انتفاضة أو مقاومة "مسلحة" ضد الاحتلال، وفي نفس الوقت فشل من خلال جهوده
التفاوضية في تحرريهم، فما هي خطواته للإفراج عنهم؟ فهو لم يقدم بديلاً يقنع الجماهير
الفلسطينية بجدوى أفكاره، وهو مطالَبٌ اليوم بقمع المحتجين الخارجين بشكلٍ عفوي للتعبير
عن غضبهم، فأين هي الحلول في الوقت الذي شهدنا كيف أُجبِر الاحتلال على الانصياع للمقاومة
الفلسطينية في صفقة تبادل الجندي جلعاد شاليط؟
لقد دفع الأسرى و مازالوا يدفعون ثمناً باهضاً من جراء
العملية التفاوضية، فلا نجحت المفاوضات في الإفراج عنهم ولا تركت المقاومة لتحريرهم
نتيجة الملاحقة والتنسيق الأمني، وأصحبت السلطة عبئاً عليهم بالتزاماتها الأمنية والمعيشية.
تقاعس السلطة الفلسطينية وإجراءاتها القمعية ضد المقاومة
لا يعفي المقاومة من مسئولياتها، فمنذ أيام ونحن نسمع التهديد والوعيد من قبل الفصائل
الفلسطينية إن حدث مكروه للأسرى وها قد حدث، فالمطلوب من المقاومة أن تخرج من رد الفعل
الكلامي إلى المبادرة، وأي مكروه أبشع من فقدان الحرية، فأن يبقى أسرى أكثر من عقد
من الزمان في الأسر دون أن يفرج عنهم باعتقادي هي صفحة غير مشرقة في تاريخ المقاومة
الفلسطينية وداعمها ويجب التوقف عندها كثيراً.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام