الأونروا من وكالة إغاثة إلى وكالة قتل!
بقلم: سامي حمود
لم يعد مستغرباً هذه الأيام عندما نسمع بين الحين والآخر صرخات وشكاوى وآهات العائدين الفلسطينيين في لبنان، ونجد أن تلك الشكاوى معظمها صادرة عن جهتين، الجهة الأولى وهي الدولة اللبنانية والجهة الثانية هي وكالة "الأونروا" المسؤول الأول عن إغاثة وتشغيل العائدين الفلسطينيين.
بالنسبة للدولة اللبنانية، فتتمحور معاناة العائدين الفلسطينيين بقضية إقرار الحقوق المدنية والاجتماعية والإنسانية لهم وقضية حصار المخيمات والتشديد الأمني وملف إعادة إعمار مخيم نهر البارد.
أما بالنسبة للأونروا، فمعاناة العائدين الفلسطينيين معها تكاد تكون شبه يومية حيث لا يمر يوم عليهم دون أن تحصل قضية إجحاف بحقهم وظلم من قبل إدارة "الأونروا" أو الأشخاص المسؤولين فيها. وهذا الإجحاف سببه الفساد المستشري في نظامها وهيكلها ومراكزها وغياب الرقابة والمحاسبة والكفاءة.
العائد الفلسطيني في لبنان بات يخشى على نفسه من "الأونروا" التي أصبحت تٌشكل هاجساً يومياً تؤرق حياته وتشغل باله وتقض مضجعه ولا يدري إن كانت وكالة "الأونروا" أنشأت لخدمته ومصلحته أم أنشأت لتدميره والمساهمة في قتله وزيادة معاناته ومستوى الجهل لديه.
حيث هناك مؤشرات خطيرة بدأت تتضح للعائد الفلسطيني في تعامله اليومي مع وكالة "الأونروا" وخصوصاً مع الأشخاص المسؤولين فيها والمساهمين في تدميرها وإفسادها، وأبرز تلك المؤشرات هي نتائج امتحانات الشهادة الرسمية للطلبة المتوسطة والتي تشير إلى تدني مستوى التعليم وتراجعه بشكل كبير في مدارس الأونروا، الأمر الذي يساعد في زيادة نسبة الأمية والجهل والبطالة لدى الشباب الفلسطيني.
أيضاً، هناك مؤشرات تتعلق بالواقع الصحي، حيث تزداد الأمراض في المجتمع الفلسطيني لدرجة أن بعض الأطفال تولد وبها علّل، في ظل إنفاق كبير من قبل إدارة "الأونروا" على ملف التعاقد مع المستشفيات الخاصة، دون النظر إلى أهمية وجود وإنشاء مستشفيات وتجهيزها في كل منطقة.
والمؤشر الآخر يتعلق بقضية التوظيف والتشغيل ومسألة المحسوبيات وغياب الشفافية والكفاءة، واستخدام النفوذ السياسي لبعض الجهات الفلسطينية في اتخاذ القرار في الوكالة، بالإضافة إلى مسألة الرواتب العالية والبدلات الخيالية للموظفين الأجانب، عوضاً عن قضايا الفساد المالي لهؤلاء الموظفين.
والمؤشر الأخطر الذي بتنا نشهده هذه الأيام هو استهتار المسؤولين في "الأونروا" في حياة وأرواح العائدين الفلسطينيين، حيث منذ أيام (في عطلة عيد الفطر) كادت عائلة فلسطينية في مخيم البرج الشمالي أن تلقى حتفها جرّاء انهيار سقف المنزل، ولكن العناية الإلهية لطفت بالعائلة ولم يتأذى سوى صاحب المنزل الذي أُصيب في رأسه وقدمه ودخل على إثرها المستشفى للعلاج. وبعد يومين من الحادث كادت زوجته أن تلقى حتفها، لولا قدر الله أن لطف بها أيضاً، حيث انهارت أجزاء كبيرة من سقف المطبخ.
الأمر الخطير في ذلك المشهد والذي تكرر مع أكثر من عائلة في نفس المخيم، أن المسؤولين على مشروع الإعمار في الأونروا كانوا قد أرسلوا المهندس المشرف على الإعمار إلى ذلك المنزل. وبعد معاينته للمنزل أبلغ صاحبه أن المنزل بحالة جيدة ولا يحتاج إلى عملية ترميم.
وبعد أن وقع المحظور وكادت أن تلقى تلك العائلة حتفها تحت سقف منزلها وربما عائلات أخرى في المخيم ومخيمات أخرى تنتظر نفس المصير، هل ستبقى وكالة "الأونروا" والمسؤولين فيها يستهترون بمصير الناس ومستقبل أولادهم إلى درجة أن تقتلهم بطريقة غير مباشرة وأن تساهم في تفتيت مجتمعهم وتدميره؟
المصدر: نشرة البراق العدد الـ91 (ص: رحلة عائد)