الإعادة القسرية لفلسطينيي سوريا..
إنتهاك لمبدأ لحماية الدولية للاجئين
بقلم: علي هويدي
تُشكل الإعادة القسرية للاجئين إنتهاكاً لأهم مبادئ
الحماية الدولية للإنسان، المتمثل بالتوافق بين جميع دول العالم على مبدأ عدم الإعادة
القسرية للاجئين، واعتبار أن تطبيق هذا المبدأ أو القانون نافذ، ويعلو على أي
قانون محلي إذا تعارض، كوْن الإعادة القسرية تعني إعادة لاجئين إلى مكان النزوح
حيث الخطر الذي يهدد حريتهم وسلامتهم الجسدية والنفسية..
في تاريخ الرابع من أيار 2014 قامت المديرية العامة للأمن
العام اللبناني بترحيل 49 لاجئاً من سوريا غالبيتهم من اللاجئين الفلسطينيين، وذلك
بحجة حيازتهم تأشيرات سفر مزورة، ووصفت المنظمات المتخصصة إعادتهم بـ"العقوبة
الجماعية" إذ من حقهم أن يحصلوا على محاكمة عادلة، وأن يمارسوا حق الدفاع عن
أنفسهم وهذا ما لم يحدث، ولم يحصلوا على فرصتهم للمثول أمام القضاء والإدلاء بالأسباب
التي ممكن أن تبرر عدم جواز ترحيلهم، ولم يتمكنوا من الحصول حتى على فرصة الطعن
بقرار الترحيل..، وبالتالي لبنان مطالب بوضع سياسة تتضمن تسهيل الدخول الآمن، والحفاظ
وحماية النازحين حتى من أنفسهم، من خلال الإعفاء من تكاليف الإقامة للحد من الوقوع
في المخالفات القانونية كالتهريب والوقوع في أعمال التزوير الذين يكونون في الغالب
من ضحاياها..
وفي يوم الخميس 7/8/2014 عقدت منظمة "هيومن رايتس
ووتش" الحقوقية (HRW)
مؤتمراً صحفياً في العاصمة الأردنية عمان، انتقدت فيه سياسة الإبعاد القسري التي
تنتهجها السلطات الأردنية للنازحين الهاربين من فلسطينيي سوريا إلى الأردن، وإعادتهم
مجدداً الى سوريا "بحيث وصل عدد اللاجئين الفلسطينيين الفارين من ويلات المعارك
من سوريا إلى الأردن وتمت إعادتهم قسراً خلال سنة 2013 حتى الآن مائة فلسطيني من
بينهم نساء وأطفال، إضافة الى إقدام دائرة
الاستخبارات على إسقاط الجنسية الأردنية عن الفلسطينيين الذين جاؤوا من سورية ممن
يملكون أرقاماً وطنية أردنية، وسحبت الاستخبارات الأردنية الجنسية من سبعة
فلسطينيين عند مراجعتهم دوائر الأحوال المدنية لتجديد أوراقهم المنتهية منذ زمن
طويل، بحسب المؤتمر الصحفي،
وقدَّرت "هيومن رايتس
ووتش" بأن "عدد الفلسطينيين الفارين من سوريا الى الأردن وصل إلى حوالي
14 ألف فلسطيني، لم يحصل الكثير منهم على أوراق إقامة سليمة مما يعرضهم للإستغلال
والتوقيف والترحيل".
وكان الأردن قد قام بحظر دخول الفلسطينيين من سوريا لأراضيه
في نيسان من العام 2012 وتُرجم
المنع، بقرار حكومي رسمي عبَّر عنه رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور، عندما
قال في كانون الثاني / يناير 2013، إن "الأردن اتخذ قراراً سيادياً واضحاً
بعدم السماح لأشقائنا الفلسطينيين الحاملين وثائق سورية بدخول البلاد، الأردن ليس
مكاناً تحل فيه إسرائيل مشاكلها"، الأمر الذي يضطر فيه اللاجئ للهرب من سوريا باتجاه الأردن
عبر وثائق مزورة، أو دفع مبالغ مالية للمهربين كما هو الحال مع لبنان، وهذا لا شك
له تداعياته الإنسانية والإجتماعية والإقتصادية والصحية..، وطالب النسور قبل المؤتمر الصحفي، بالتأكيد على موقف
بلاده، مطالباً منظمة "هيومن رايتش ووتش"بالضغط على إسرائيل لحل
مشكلة الفلسطينيين من حملة الوثائق السورية، على اعتبارها أصل المشكلة"..
أما التقرير الصادر عن
المنظمة الحقوقية ويحمل عنوان "غير مرحب بهم.. معاملة الأردن للفلسطينيين
الفارين من سوريا" وتم إطلاقه في المؤتمر الصحفي، وقد تضمن كل المعلومات أعلاه
أشار إلى أن أقصى ما تستطيع المنظمة الحقوقية فعله هو تسليط الضوء على قضية
اللاجئين الفلسطينيين، وحث دول الجوار على استقبالهم، وبحسب التقرير "فإن رئيس الديوان الملكي ورئيس الوزراء الأسبق
فايز الطراونة برر عدم السماح لفلسطينيي سوريا بدخول الأردن في اجتماع سابق مع
المنظمة، أن تدفق أعداد كبيرة من الفلسطينيين من شأنه تغيير التوازن السكاني في
المملكة".
وكان
تقرير صادر عن وكالة "الأونروا" مطلع عام 2013، وثّق لمقتل لاجئ فلسطيني
من حاملي الوثائق السورية بعدما أعادته السلطات الأردنية قسراً من حيث جاء
كماوثق لسياسة عدم القبول التي ينتهجها الأردن، وهو ما تسبب بغضب رسمي أردني
دفع "الأونروا" في حينه إلى إزالة التقرير عن موقعها الرسمي حسب مصادر
مضطلعة.
ومن ضمن التوصيات والحلول التي أعلنتها المنظمة الحقوقية،
إلغاء الحكومة الأردنية لسياسة الإبعاد القسري للفلسطينيين القادمين من سوريا بحثاً
عن ملاذ آمن في الأردن فهذا يتنافى والالتزامات والاتفاقيات الدولية الموقعة
عليها، والكف عن ترحيلهم واعتقالهم بسبب أصلهم القومي، وضرورة أن تسمح دول
الجوار بدخول الفلسطينيين القادمين من سوريا أسوة بالمواطنين السوريين، وأوصى
"إسرائيل" بالسماح للاجئين الفلسطينيين الفارين من سوريا والراغبين
بالدخول الى مناطق خاضعة للسلطة الفلسطينية بشكل مؤقت" مبينة المنظمة الحقوقية على أهمية تطبيق حق العودة للاجئين
الفلسطينيين.
نعم
تتحمل دولة الإحتلال المسؤولية الأولى عما وصل إليه أكثر من سبعة ملايين لاجئ فلسطيني
من التهجير والنزوح والمعاناة.. وواجب المجتمع الدولي أن يضغط على الكيان الإسرائيلي
لتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بحق العودة.. لكن في حالتنا الطارئة يجب ألا
نتحدث عن أي بُعد سياسي أو قانوني، وإنما أولاً وقبل أي شيئ أن يتقدم الواجب الأخوي
والديني والانساني والثقافي والاجتماعي باحتضان ورعاية وحماية الفلسطيني السوري
النازح .. نعم المطلوب إدارة أزمة الهجرة بذكاء وحنكة حتى لا تتفاقم وتتحول الى
عبء سياسي في المستقبل، لكن هذا الذكاء وتلك الحنكة لا ينبغي ان تكون على حساب
كرامة وإنسانية الفلسطيني النازح.. والتي هي مُقدَّمة على السياسة والقانون..