القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

الإعلام الخبيث وسهامه المسمومة على الفلسطينيين

الإعلام الخبيث وسهامه المسمومة على الفلسطينيين

محمد أبو ليلى- صيدا

صدرت في الآوانة الأخيرة العديد من المقالات المسمومة على الساحة اللبنانية، ترمي بنار فتنتها على أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان. ومنذ أحداث مخيم نهر البارد والتي طلت الذكرى السادسة على تدميره، والصحافة اللبنانية تتحدث تارة عن "جند الشام" وتارة أخرى عن "فتح الإسلام"، حتى ومع اندلاع الثورة السورية وإعلان تنظيم القاعدة عن جناحها العسكري هناك تحت مسمى "جبهة النصرة" تكالبت الصحف اللبنانية لتقول أن هناك جناح عسكري لهذه الجبهة موجود في مخيم عين الحلوة.

وهذاأبرز ما اشارت له الصحف اللبنانية حول مخيم عين الحلوة في الآوانة الأخيرة:

-إن مخيم عين الحلوة ينتظر الفرع اللبناني للجبهة المرتبطة بتنظيم القاعدة. وأولى بشائر تلك الولادة، حكْم على الفصائل الإسلامية في المخيم بـ«الردة»، لتضيف الصحيفة نفسها "ثمة من قرّر أن يناصر الجبهة، عبر إنشاء فرع لها في صيدا؛ إذ تتجه بعض الفصائل الإسلامية في مخيم عين الحلوة، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، إلى توحيد قواها، لإعلان ولادة «جبهة النصرة» بالنسخة اللبنانية. الفصيل المنوي تشكيله سيضم كتائب عبد الله عزام، فتح الإسلام، جند الشام، وبعض الأفراد الذين تخلوا عن عصبة الأنصار والحركة الإسلامية المجاهدة. ومن المستبعد أن يترأس الفصيل أي من القادة الإسلاميين المعروفين في الساحة الفلسطينية".

-في الأشهر الأخيرة، برز جيل جديد بين القادة الإسلاميين. جيل ولدته الأزمة السورية. شبان في مقتبل العمر يقودون مجموعات مؤلفة من شبان أصغر منهم سناً. ينحدر الكثير منهم من خلفيات حزبية وعقائدية مختلفة تماماً، ويصبّون حالياً في ما يوصف ببقايا فتح الإسلام وجند الشام. النجم الأبرز بين هؤلاء، بلال البدر الذي تكرر اسمه أخيراً في وسائل الإعلام، كان «نشاطه» الأخير الثأر لمصرع ثمانية من أبناء المخيم خلال القتال في سوريا، بينهم ابن شقيق الشيخ جمال سليمان، وجرح آخرين بينهم «نائب» بلال بدر محمد الأفندي ومهدي هريش اللذين عادا مصابين مطلع الأسبوع الجاري.

-إزاء ذلك، حكى عن وصول موفدين من «تنظيم القاعدة» للقاء قياديين في مخيم عين الحلوة، عُرف منهم توفيق طه الملقب بـ«أبو محمد». وأشارت المعلومات الواردة في التقارير الأمنية إلى أن الوفد بُعث من قيادة التنظيم حاملاً رسالة تدعو إلى رصّ الصفوف، تمهيداً لإعلان النفير لدى اقتراب الساعة الصفر. وعبارة «رصّ الصفوف» هنا حمّالة أوجه؛ إذ إنّ المعلومات المؤكدة، تُشير إلى أنّ «عين الحلوة» لا يمكن أن يكون إلا مصدراً لـ«النصرة»، أي مخزناً للدعم اللوجيستي.

-بحسب مصدر أمني لبناني، إلى أن الرصد والاستعلام عن الشبكات الإرهابية لا يمكن أن يكون دقيقاً، إذ إن انتشارها محصور بالمخيمات الفلسطينية، وتحديداً في عين الحلوة.

-بلال البدر يُعَدّ من وجوه الجيل الجديد في الجماعات الإسلامية المتشددة. يقود الآن عشرات الشبان المدربين عسكرياً والمنضوين في إطار عقيدة «جند الشام» و«فتح الإسلام». في مطلع العشرينيات من العمر، يتركز وجوده في حي الطيري حيث يسكن.

-تقوم الوحدات المتخصصة في الأجهزة الأمنية المعنية، بإخضاع المخيمات الفلسطينية لمراقبة دقيقة، خصوصاً مخيم «عين الحلوة». وتكثف «سياسة التعاون وتبادل المعلومات بين مختلف الأجهزة، وتقوم بمهمات أمنية مشتركة»

ومما لا شك فيه أن أغلبية المعلومات التي وردت أعلاه تصب في خانة واحدة وهي توريط المخيم بسيناريو نهر بارد ثان. وعلى الرغم من أن القوى الإسلامية في مخيم عين الحلوة نفت مراراً وتكراراً كل ما يشاع عن وجود جبهة النصرة أو تنظيم القاعدة، إلا أن الصحف اللبنانية ما زالت تصر على فبركة القصص والروايات لصالح فئة معينة بات يعرفها الجميع، ذلك أن هذه الفئة لا يحلو لها ان يكون مخيم عين الحلوة بوضع أمني مستتب، فاستقرار مخيم عين الحلوة يعني ذوبان هذه الفئة وإخراجها من السطوع الإعلامي.

والكل يدرك تماماً حساسية الوضع في مخيم عين الحلوة "على الوجه الخصوص"، إن كان على المستوى الأمني أو العسكري أو حتى على الوضع الاقتصادي والاجتماعي لما له من تأثير على الأحياء المجاورة له، وإن انفجار الوضع داخل المخيم يساوي أزمة 80,000 لاجئ فلسطيني موجود فيه. فهل يدركون ذلك، كل أولئك المتربصين ومن خلفهم الصحف اللبنانية التي تبث بين الحين والآخر معلومات جُلّها مغلوطة.

تلك المعلومات المغلوطة التي استفاق معها أحد القيادات المعروفة جداً داخل المخيم وقال للملأ إن وضع مخيم عين الحلوة "وسخ" وإن "الأوضاع الوسخة بحاجة إلى حلول أوسخ".

ولهذا، كانت المعركة لا بل المعارك الأخيرة توحي لمستوى "الوساخة" التي وصل إليها هؤلاء، فالمعركة الأخيرة التي وقت في بدايات من شهر أيار دارت لمدة 9 ساعات واستخدم فيها السلاح الخفيف والمتوسط مع تطور استخدام سلاح هاون "عيار 60" لأول مرة، مع الإشارة إلى أن تكلفة الاشتباك قد تجاوزت بحسب المعلومات حوالي 60,000 دولار أمريكي.

وفي هذا السياق، لا يمكن أبداً الفصل بين ما حدث في عين الحلوة والتأجيج الإعلامي اللبناني، والفصل بين ما حدث في عين الحلوة والخلافات التي تدور في فلك القيادات الفلسطينية في رام الله ولبنان، ولا إمكانية للفصل أيضاً بين حدث عين الحلوة ومصلحة بعد الجهات اللبنانية توريط المخيم في الصراعات لخدمة مصالحها الخارجية.

ولا بد من الإشارة إلى أن وضع مخيم عين الحلوة مرهون الآن بمدى قدرة الفصائل الفلسطينية والإسلامية على ضمان استقرار وتهدئة النفوس وإجراء المصالحات والتعويض عن المتضررين، وإيجاد حلول جزرية تمنع حدوث أي اشتباك بين حركة فتح ومجموعة بلال بدر، إضافة الى مواجهة كافة الإشاعات والمعلومات المغلوطة التي تبث بين الحين والآخر، إن كان على الوسائل الإعلامية المرئية أو المقروءة أو عبر شبكة التواصل الإجتماعي "الفيس بوك".أما غير ذلك، فيؤسفنا القول بأن سيناريو نهر البارد ماض دون أي عائق.

والمطلوب من كافة الفصائل الفلسطينية أولاً وقبل أي شيء ومعه المجتمع الفلسطيني داخل المخيمات إلى عدم الانجرار للمنزلقات التي يتفنن الإعلام اللبناني بهندستها. وفي هذا السياق ننوه أن حركة "حماس" قامت مشكورة بحشد كافة طاقتها لمواجهة تلك الأعاصير المزيفة حيث جالت على بعض من القيادات السياسية والإعلامية أبرزها أخيراً لرئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ حيث أكدت له وجوب احترام معايير العمل الإعلامي.

المصدر: البراق، عدد حزيران 2013