الاعتذار إلى حماس والمقاومة الإسلامية
واجب!
د. حلمي القاعود
هناك سببان يفرضان الاعتذار. أولهما
سفاهة بعض المنتسبين إلى الثقافة والصحافة والإعلام في وطننا البائس، والآخر موقف
آية الله محمود عباس رئيس ما يسمي بالسلطة الفلسطينية حيث حمّل حماس مسئولية قتل
ألفي فلسطيني بلا داع.
بالنسبة لسفهاء بلادي فقد زعموا أن حماس
استفزت العدو النازي اليهودي حين اختطفت ثلاثة من اليهود الغزاة وقتلتهم في الضفة
الغربية، وهو ما جعل اليهود الغزاة يشنون حربا وحشية استمرت خمسين يوما، ضد الشعب
الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة.
خدام البيادة السفهاء من الإعلاميين
والصحفيين والكتاب يعلمون أن حماس لم تخطف الشبان اليهود الغزاة، ولم تقتلهم،
ولكنه عمل فردي قام به عدد من المنتسبين إليها دون إذن من قيادتها. أي إنه عمل
فردي لا يحاسب عليه مليونا فلسطيني. ثم إن الشبان اليهود في القدس والضفة الغربية
يقتلون الشباب الفلسطيني ولا يحاسبهم أحد، ولم يكن آخرهم الصبي الفلسطيني الذي
اختطفوه في القدس المحتله وجرّعوه شراب البنزين، ثم أشعلوا فيه النار وأحرقوه حيا
حتى قضى وتفحم!
لم
ينطق خدام البيادة عندنا بكلمة واحدة عن هذه الوحشية البشعة، ولم يستنكروها، ولم
يناشدوا رئيس السلطة الفلسطينية أن يشن حربا شاملة على اليهود الغزاة القتلة. بل
تجاهلوا المسألة تماما.
خدام الدولة العسكرية في بلدنا كانوا في
دفاعهم الأهوج عن العدو وحربه الوحشية بسبب الشبان اليهود الثلاثة أكثر خسة ونذالة
من بعض اليهود الذين كانوا أكثر إحساسا وإنسانية. كتب الصحفي اليهودي جدعون ليفي
في مقال بصحيفة هآرتس العبرية يفضح الجيش اليهودي النازي الذي يقتل الفلسطينيين
الأبرياء في الضفة الغربية وليس في غزة دون أن يخطفوا أحدا أو يقوموا بانتفاضة ضد
اليهود الغزاة القتلة.
يشير ليفي، أن جنديا يهوديا كان يقود
جيبا عسكرية مدرعة، أطلق الرصاص الحي على ظهر الطفل خليل عناتي من مخيم
"الفوار" للاجئين الفلسطينيين جنوب الضفة الغربية حينما كان راجعا إلى
بيته فقتله، كان الطفل في العاشرة ولم يؤذ أحدا.
ويضيف أن الشاب محمد القطري كان لاعب كرة
قدم واعدا من مخيم "الأمعري" للاجئين الفلسطينيين قرب رام الله، فأطلق
جندي يهودي الرصاص الحي عليه من مسافة بضعة أمتار في مظاهرة تعترض على الحرب في
غزة، وقتله، وكان في التاسعة عشرة من عمره ولم يؤذ أحدا.
ويذكر ليفي أن " هاشم أبو ماريا
" كان عاملا اجتماعيا من "بيت أُمر"، في "الجمعية الدولية
لحقوق الطفل"، وكان يشارك في مظاهرة على الحرب في غزة لحماية الأطفال، فأطلق
عليه قناص من جيش الغزاة اليهود الرصاص من شرفة بيت وقتله، وكان في الـ خامسة
والأربعين ووالدا لثلاثة أطفال ولم يؤذ أحدا.
وفي تلك المظاهرة نفسها قتل الجنود
الغزاة اليهود متظاهرين آخرين. واستخدموا الرصاص مثلما يفعل الانقلاب العسكري الدموي
بالمتظاهرين المصريين.
خدم
العسكرتاريا لم يغضبوا ولم يثوروا، ولم يتهموا جيش الدفاع اليهودي القاتل بانه
يستفز الفلسطينيين العرب، ويدفعهم إلى تجييش الجيوش لقتل الآلاف من اليهود وإصابة
عشرات الآلاف منهم، وهدم الاف من البيوت والمدارس والكنس والمؤسسات اليهودية!
الغل الذي يحمله مولانا آية الله محمود
عباس لحركة المقاومة الإسلامية، وخاصة حماس لا يقل عما يحمله خدام البيادة عندنا.
الرجل يجعل حماس كبش فداء للعدوان النازي اليهودي، فهي من وجهة نظرة لم توافق على
مبادرة الانقلاب العسكري الدموي في مصر، التي تكافئ العدو المجرم على عدوانه. ونسي
الرجل أن المبادرة الموالية للعدو طرحت بعد ثلاثة وعشرين يوما من العدوان كان
القتلة اليهود قد ذبحوا فيها أكثر من ألف وخمسمائة فلسطيني أعزل، وأصابوا أكثر من
ثمانية آلاف من أهل غزة. تصريحات عباس تمثل حالة من التهالك المخزي على إرضاء
القتلة والتقرب إليهم، بدلا من تأييد مطالب رعاياه المفترضين – وهم أهل غزة – في
رفع الحصار وفتح المعابر والميناء والمطار والإفراج عن الأسرى والتوقف عن
الاغتيالات وعدم شن الحروب على القطاع كل عامين أو أقل أو أكثر.
عباس يعلم قبل غيره أن أصدقاءه الغزاة
القتلة، يستهدفون سحق حماس، وإنهاء المقاومة الإسلامية إلى الأبد بعد أن منحهم
مناضلو الحناجر في أوسلو ما لم يحلموا به، فأكثروا من بناء المغتصبات، وأقاموا
مئات الحواجز، وهجّروا كثيرا من سكان القدس، وهوّدوا معظم المقدسات والآثار
الإسلامية، وصنعوا جيوشا من العملاء والجواسيس الذين يعملون لحسابهم.
وعباس يعلم قبل غيره أن حماس تُعاقب لسبب
بسيط جدا، وهو أنها مسلمة. بمجرد أن فازت في الانتخابات التشريعية، تكالب عليها
الغرب والشرق والسلطة الفلسطينية وكانت عمليات الحصار الخانق والحروب الوحشية
المتتالية لمعاقبة الفائزين في الانتخابات ومن انتخبوهم، ولكي يتوبوا عن الإسلام،
ويهْجروه، ولا يفكرون به! وهو ما حدث في الجزائر عندما انتخب الشعب الإسلام، وما
حدث في مصر وليبيا وتونس عندما صوتت الشعوب للإسلام، والرفيق عباس يعلم أن الإسلام
مطلوب، أي مستهدف من السادة اليهود الغزاة وسادتهم الصليبيين وقيادتهم في واشنطن.
كنت أتمنى أن يستمع الرفيق عباس إلى ابنه
الذي طالبه بحل السلطة الفلسطينية، والذهاب للعيش في بلد عربي، بعد أن أعلن في
موقف مخز أنه لن يعود إلى صفد مسقط رأسه؛ وموطن عائلته الفلسطينية العربية
المسلمة. ولكن فخامته لا يصغي إلى أحد، ولا إلى ابنه!
حين رأيت صورة إسماعيل هنية واقفا بين
أطلال بيته في مخيم الشاطئ بعد أن دمره اليهود الغزاة القتلة، تذكرت صورة حفيدته
"روان"، وهي طفلة صغيرة جميلة في السادسة من عمرها، جاءت إلينا ونحن
نتغدى مع جدها في البيت المتواضع المدمر بمناسبة مؤتمر عمداء البحث العلمي،
وحدثتنا عن جدها بكل فخر، وأسألها عن المدرسة فتقول لي باللغة الفصحى: في الصف
الأول. أصابني الهلع من أجل روان وأخواتها وأهلها. هل أطلب من محمود عباس أن
يطمئنني عليهم بعد أن دمر بيتهم المتواضع أصدقاؤه اليهود الغزاة القتلة؟
معذرة إلى حماس التي حاربت خمسين يوما مع
بقية الفصائل، ولم تتخل عن الإسلام والسلاح، وأثبتت مع عدم التكافؤ بطولة نادرة في
مواجهة الغزاة القتلة، وفرضت عليهم حظر التجول، وجعلتهم يستخدمون لأول مصطلح
النزوح، ويعرفون الحصار في مطار اللد الذي أقيم على أطلال دير ياسين، القرية التي
صنع فيها مناحيم بيجن أول مذبحة كبرى للفلسطينيين، ولم يعاقبه أحد! معذرة يا حماس!
موقع إخوان أون لاين