الاعتكاف
والأسرى
بقلم:
يوسف رزقة
دخلت
غزة كغيرها من المناطق الإسلامية في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك . في كل مساجد
العالم يتسابق الصائمون بالدعاء بالمغفرة والعتق من النار، وبغير ذلك من المأثور وغير
المأثور، وكله جميل، غير أن اللافت للنظر في دعاء الصائمين في غزة هو الدعاء المتكرر
في جل المساجد للأسرى، يطلبون من الله أن يفك أسرهم، وأن يعيدهم لأهلهم سالمين.
الدعاء
المكثف والطويل للأسرى هو ما يميز دعاء غزة عن غيرها من المناطق الإسلامية. وهذا يفضي
إلى ميزة جوهرية تقول إن فلسطين أرض جهاد مفتوح ورباط دائم، لذا أدعو كل مهتم أن يحاول
أن يبحث عما يميز غزة أرض العزة عن غيرها من المناطق العربية.
لقد نبهني
الدعاء المتكرر للأسرى بواجبات عديدة قصر فيها مسلمو العالم، حين استحوذت عليهم الدنيا
بملذاتها، وتركوا أسراهم لعشرات السنين في القيد والسجن. آلمني هذا الإحساس ألما شديدا
ونحن في الاعتكاف، وأيام رمضان تنقضي بسرعة البرق، غير أن بصيص أمل شعرت به حين قرأت
في المواقع الإخبارية أن خالد مشعل زعيم حماس يتحدث عن دول أوروبية طلبت منه إطلاق
سراح (أسيرين، وإعادة جثتين). عندها شعرت ببعض الراحة بأن هناك فئة مجاهدة في غزة تعمل
بموجب الأحكام الشرعية ما تستطيع لفك أسرى المسلمين، وأنها غير غافلة عن الواجبات الشرعية
والوطنية.
هؤلاء
الذين عملوا جهدهم لفك الأسرى وإطلاق سراحهم في حرب العصف المأكول هم ربما من يسقطون
عن الذنب بعملهم الكفائي الواجب. وأحسب أن خالد مشعل كان مصيبا حين أبلغ المتحدثين
معه في الموضوع أنه لا حديث عن أسرى العدو ولا معلومات عنهم البتة حتى تلتزم حكومة
العدو بإطلاق سراح من اعتقلتهم من صفقة وفاء الأحرار. وهذا الكلام إن صح فيه النقل
يقف خلفه ويؤيده كل أبناء الشعب الفلسطيني.
منذ أن
انتهت حرب العصف المأكول ونحن نسمع في الإعلام حديثاً عن أسرى العدو، وأن حماس تمتلك
كنزا ربما يكون سببا في (تبييض) السجون، أو إطلاق سراح المئات منهم، غير أن أحدا من
حماس لم يفضِ بمعلومة محددة عن العدد، ولكن حديث مشعل الأخير إن صح فهو الحديث الأول
الذي يتحدث عن أحياء وعن جثث أموات، وأن العدو يقدر الأسرى باثنين، والقتلى بجثتين،
ومع ذلك فلا حديث من حماس في الموضوع.
كل ما
نتمناه هو أن تتمكن حماس من استثمار ما لديها من كنز في صفقة جديدة تحرر الأسرى وتبيّض
السجون، وعليها أن تستفيد من دروس وعبر صفقة وفاء الأحرار، وستجد كل الشعب خلفها، فليس
في فلسطين شيء أعز على الوطن من الأسرى، ومن هنا تلهج مواقع الاعتكاف والصلوات لهم
بالدعاء المؤثر.
المصدر:
فلسطين أون لاين