الانقسام يهدّد طلاب الأقصى
بقلم: يامن سلمان
في غزّة، للسياسة دورها حتى في
الشؤون التربويّة. ولعلّ آخر المشكلات على خلفيّة تدخّل السياسة فيها، هي
الانقسامات التي تهدد مستقبل طلاب جامعة الأقصى. شهاداتهم غير معترف بها
قلقٌ ينتاب طلاب جامعة الأقصى في
غزّة وخريجيها، وقد بات مستقبلهم مهدداً في ظلّ عدم اعتراف وزارة التربية والتعليم
الفلسطينية بالجامعة، بسبب التدخلات السياسية والانقسام في الجامعة والسيطرة عليها
من قبل حركة "حماس" التي تمسك زمام الأمور في قطاع غزة، الأمر الذي
ترفضه السلطة الفلسطينية في رام الله.
منذ أكثر من عام، تعاني جامعة الأقصى
من مشاكل عدة، منها تغيّر المناصب الإدارية. وقد لاحظ الطلاب تقليصاً في المنح
المخصّصة لهم والتي باتت ضئيلة جداً، إلى جانب تغيّر سياسة الجامعة حيال الطلاب،
بالإضافة إلى الأداء الأكاديمي في عدد من الكليات، من قبيل كلية الإعلام التي كانت
تُعدّ الأفضل على مستوى جامعات غزة لتليها كليّة التربية.
في الوقت الحالي، ثمّة خلاف حول منصب
رئاسة الجامعة بين حركتَي "فتح" و"حماس"، وهو ما أدى إلى جعل
مصير 28 ألف طالب وطالبة في الجامعة مجهولاً.
صدمات
غادة سلمي (22 عاماً) صدمت خلال
توجهّها لتصديق شهادتها الجامعية من مديرية التربية والتعليم في غزة، التابعة
لوزارة التربية والتعليم في الضفة الغربية. شهادتها الصادرة عن كلية الإعلام ـ قسم
الإذاعة والتلفزيون لم يُصادق عليها، ما يعني أنها لن تستطيع متابعة دراستها في
الخارج كما تطمح. تقول لـ "العربي الجديد": "اتفقت مع خطيبي على
السفر إلى ألمانيا بعد الزواج لمتابعة الدراسة فيها. لكن في الوقت الحاضر، لا قيمة
لشهادة جامعة الأقصى، وقد بتنا ضحيّة انقسام حرمنا من حقوقنا". وحين حاولت
الاستفسار، ردّت وزارة التربية والتعليم في الضفة الغربية أنه "لا يمكن
اعتماد أي شهادة من جامعة الأقصى إلى حين انتهاء المشاكل الإدارية".
من جهتها، تقول إيمان أبو مصطفى (23
عاماً) لـ "العربي الجديد": "منذ أكثر من عام وأنا أتخوف من
المرحلة التي وصلنا إليها اليوم. على مدار عامين، نعاني كطلاب من تغيير كامل في
سياسة الجامعة نتيجة الانقسام، والنتيجة هي مستقبل ضائع".
وعلى الرغم من قلّة فرص العمل في
قطاع غزة، إلّا أن أي وظيفة تشترط شهادة جامعيّة مصدّقة من الوزارة في رام الله.
تجدر الإشارة إلى أن كثيراً ما يُقبل الطلاب على التخصّص في مجالات الصحّة
والإدارية والتربية وغيرها في جامعة الأقصى، علماً أنها تخرّج الآلاف سنوياً. وفي
ظل استمرار الوضع الحالي، فإن طلاب الأقصى سيكونون محرومين من التقدم لهذه
الوظائف، ودخول امتحانات المزاولة التي تخصّصها وزارة التعليم ووكالة غوث وتشغيل
اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
ندم
وما يميّز جامعة "الأقصى"
عن غيرها ويجذب الطلاب إليها، أنها تُعد واحدة من الجامعات ذات التكلفة الأدنى في
القطاع، وكثيراً ما كانت تقدّم منحاً دراسية وإعفاءات لآلاف الطلاب بحسب ظروفهم
الاجتماعية، بالإضافة إلى اعتماد القروض لتسهيل عملية الدفع للطلاب، وقد باتت هذه
الامتيازات مهدّدة بالزوال بشكل كامل.
في هذا السياق، يقول الطالب أحمد
القرا (20 عاماً) إن عدداً كبيراً من الطلاب يشعرون بالندم لاختيارهم الدراسة في
هذه الجامعة غير المعترف بها في الوقت الحاضر، علماً أنهم اختاروا التسجيل فيها
باعتبارها الأفضل في عدد من التخصصات.
إلى ذلك، يلفت مساعد نائب الشؤون
الأكاديمية ورئيس نقابة العاملين في الجامعة فؤاد عياد إلى أنه في حال استمرار
الخلاف، سيؤثر الأمر على مستقبل الطلاب. تجدر الإشارة إلى أن نقابة العاملين في
الجامعة تبذل جهداً مع طرفي النزاع من أجل التوصل لاتفاق يحل الأزمة قبل نهاية
العام الحالي.
ويشير عياد إلى أن الخلاف في الجامعة
قائم منذ سنوات، وتحديداً منذ بدء الانقسام السياسي. وكثيراً ما تواجه الجامعة
مشاكل حول قضايا محورية، على غرار تحويل أموال الجامعة من رام الله إلى غزة، وعدم
الاعتراف بعدد من العاملين الذين عينتهم "حماس" عقب الانقسام السياسي
والجغرافي في عام 2007.
تحذير
إلى ذلك، وقبل شهر، أصدرت وزارة
التربية والتعليم العالي في رام الله بياناً حذّرت فيه حركة "حماس"
باعتبارها "المسؤول الفعلي عن الجامعة"، من مغبة مواصلة تجاهلها لقرارات
الوزارة. وفي حال عدم الالتزام بقرار الوزارة، سيسحب الترخيص منها وتتحول إلى
مؤسسة تعليمية غير معترف بها. لكن اليوم، لم تستطع إدارة الجامعة التخلّي عن
المنصب إذ إن الخلافات سياسية وليست تربوية.
المصدر: العربي الجديد