التطبيع.. قرار خطأ في زمن الخطايا
بقلم: رأفت مرة *
ازدادت وتيرة الاتصالات بين عدد من الدول العربية
والإسلامية والكيان الصهيوني، في الآونة الأخيرة، وبرزت محاولات ومشاريع جادة
لتطبيع العلاقات السياسية والاقتصادية بين عواصم هذه الدول وتل أبيب.
وأخذت تطورات التطبيع هذه أشكال العلاقات السرية والعلنية، ما يوحي بوجود زخم
سياسي كبير، وإرادة رسمية قوية تقف خلف إقامة علاقات أكثر سخونة مع الكيان
الصهيوني.
وتعود أسباب ارتفاع وتيرة العلاقات مع الكيان
الصهيوني للأسباب التالية:
1- الأزمات السياسية والاجتماعية التي تعيشها معظم
دول المنطقة وانتشار العنف والصراعات الداخلية.
2- خوف عدد من الأنظمة في المنطقة من ثورات داخلية تؤدي لتغيير أنظمة الحكم، وتجد
هذه الأنظمة في الدعم الإسرائيلي سبباً أساسياً لدعم أميركي لوجود الأنظمة.
3- خوف عدد من حكومات المنطقة من المد الإسلامي.
4- ازدياد الصراعات العربية مع إيران، وشعور عدد من
دول المنطقة بأن إيران هي العدو، وهذا يدفعها للتحالف مع "اسرائيل" ضد
إيران.
5- رغبة دول في المنطقة في المصالحة مع الكيان
الصهيوني، وهم يعتبرون أن تحسن العلاقات العربية مع الكيان سيكون دافعاً للحكومة
الإسرائيلية للعودة لخيار المفاوضات مع الفلسطينيين، وصولاً إلى إعطاء الفلسطينيين
دولة وإنهاء الصراع.
في المقابل، يعتبر التطبيع مكسباً استراتيجياًللكيان
الصهيوني، فهو يوفر له الاعتراف السياسي ويعطيه مزيداً من القوة الأمنية والعسكرية
والاقتصادية، ويعتبر قادة الاحتلال أن التطبيع هو فرصة تاريخية في ظل الأزمات
الصعبة التي يعيشها الجوار، واتساع الأزمات لدرجة استنزاف مصر وسورية والفلسطينيين
وحزب الله ودول الخليج والعراق وإيران.
إن ذهاب عدد من أطراف المنطقة باتجاه التطبيع هو
تعبير عن خلل في التفكير السياسي لدى أصحاب القرار، وهو تحول استراتيجي سيكون فقط
من نصيب الاحتلال، وهو خيار خاطئ لا يأخذ بعين الاعتبار المشاريع العدوانية
والطبيعة العنصرية لهذا الكيان، ولا يتوقف عند ثقافته التي لا تعترف بالآخر،
ويتجاهل ممارسات الاحتلال في أعمال القتل والتدمير وتخريب المجتمعات والسيطرة على
مواردها.
إن التطبيع مع الكيان الصهيوني هو قرار مخالف لمصالح
الأمة، وهو ناتج عن قرار بائس في زمن الأزمات، ولن يصل أصحابه إلى نتيجة تسمح لهم
بتحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية.
*كاتب فلسطيني