القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

التعمير جزء من صيدا أو من عين الحلوة؟

التعمير جزء من صيدا أو من عين الحلوة؟

سركيس نعوم

بعد انتهاء الحروب في لبنان عام 1990 ظن اللبنانيون على تنوعهم ان الوجود الفلسطيني المسلح في بلادهم الذي شكل خطراً جدياً على أمنها ومصدراً أساسياً لانقسام شعبها على أساس طائفي منذ عام 1969 والذي تحوّل طرفاً أساسياً في حروبها المشار إليها أعلاه، ظنّوا أن هذا الخطر قد زال مع "اتفاق الطائف" و"السلم الأهلي"، الذي افترضوا أنه سيحققه بدعم ورعاية من السعودية ودول عربية ومن أميركا وبعض المجتمع الدولي، وبعد المتغيرات الإقليمية والداخلية التي أحدثتها حروب السنوات الـ15 في الوجود المذكور أعلاه والذي أوهنت قدراته إلى حد كبير، لكن ظنهم هذا خاب جزئياً بين عامي 1990 و2005 لسببين مهمين، الأول ان منظمة التحرير الفلسطينية بزعامة (الراحل) ياسر عرفات استمرت قوية بعد خروجها القسري من لبنان عام 1982 وخصوصاً بعدما دخلت مداورة ثم مباشرة عملية سلمية مع اسرائيل برعاية دولية معظمها أميركي. وقد مكّنتها قوتها من التفاهم مع الدولة اللبنانية على حل لما تبقى من المخيمات الفلسطينية ولا سيما لـ"عين الحلوة" الجنوبي الأكبر من بينها والأكثر فاعلية وقوة وعلاقة مع أهالي صيدا وجوارها على صيغة أبقت لها استقلاليتها و"سيادتها" أو بالأحرى استمرار خروجها على السيادة اللبنانية. أما السبب الثاني فكان ان سوريا حافظ الأسد لم تكن تريد لأسباب متعلقة باستراتيجيتها الاقليمية كما بأهدافها الطويلة المدى في لبنان إراحة لبنان من مشكلة المخيمات. ذلك أنها كانت قادرة بسبب وجودها العسكري على أرضه الذي تحوّل وصاية ثم احتلالاً على الأقل في نظر غالبية "شعوبه" على منع اي خطر مخيماتي فلسطيني على استقرار لبنان ومؤسساته وعلى قواتها فيه. وذلك ايضاً انها كانت موجودة داخل المخيمات المذكورة بواسطة منظمات متعاونة معها وأخرى حليفة لها وبواسطة اجهزتها المتنوعة كما أجهزة حلفائها من دول ومنظمات وفي مقدمها ايران الاسلامية و"حزب الله" وذلك أخيراً انها كانت تتعمد ابقاء المخيمات "ونجمها" عين الحلوة وسيلة تستعملها للضغط على اللبنانيين الرسميين وغير الرسميين والحلفاء كما الخصوم في حال استيقظت السيادة والاستقلالية عندهم، وكذلك للضغط على اسرائيل وأميركا مع المقاومة اللبنانية (الاسلامية) من أجل استرجاع الجولان المحتل من اسرائيل. هذا فضلاً عن ان حالاً كالمشار اليها اعلاه اي تحول المخيمات بؤرة لكل الخارجين على القوانين في لبنان والعالم يزودها قوة تسمى في مصطلحات اليوم ارهابية تستطيع استعمالها ضد كل من تعتبره خطراً عليها دولة كانت أو حزباً او فصيلاً أو أشخاصاً. وبغية حماية هذه البؤر هولت على اللبنانيين بواسطة حكامهم ومسؤوليهم على تنوّعهم بالقول ان استعادة المخيمات اللبنانية الى "كنف" دولتهم سيتسبب بمذابح فضلاً عن انه غير قابل للتنفيذ.

لماذا إثارة هذا الحديث اليوم؟ لأن المخيمات وخصوصاً "نجمها" "عين الحلوة" صارت اليوم مصدر قلق لا بل خوف عند شعوب لبنانية تخوض المواجهة الاقليمية والدموية الى جانب نظام الأسد في سوريا لأنها تعرف ان الفريق المعادي لها وللنظام المذكور فيها من محليين واقليميين يراهن على تدخل الفلسطينيين الى جانبه تأميناً للتوازن العسكري المختل وربما تمكيناً له من الانتصار، ولأن اللبنانيين عموماً يخشون تورّطاً فلسطينياً لأنه ينقل الصدام العسكري المذهبي الاسلامي اللبناني الدائر في سوريا على نحو غير مباشر الى لبنان.

ولأنهم كلهم على تناقضهم والعداوات، ليسوا مطمئنين إلى تأكيدات القيادات الفلسطينية بعدم التورّط في صراعات لبنان على رغم صدقها لأن المخيمات في لبنان صارت تضم منذ سنوات كل أنواع الفصائل المتطرّفة والعنفية وإن صغيرة الحكم ولا سيما الفصائل الكبيرة من اسلامية و"قومية" أو "وطنية" لا تستطيع وفي مرحلة معينة ان تمنع التورّط العسكري في لبنان لا خوفاً من اقتتال أهلي فلسطيني فقط بل بسبب أمور أخرى مهمة يعرفها الجميع ولا ضرورة للخوض فيها.

كيف يبدأ التورّط أو ماذا يسببه؟

قد تسببه تطورات كثيرة. الا ان ابرزها يتعلق بمنطقة التعمير الملاصقة لصيدا أو التي هي جزء منها ملاصق لمخيم عين الحلوة، التي تضم سكاناً لبنانيين وفلسطينيين والتي صارت مأوى للتشدد الفلسطيني الديني والمذهبي والعسكري. وهل هذه المنطقة لبنانية أو يشملها "الاستقلال" الذي تتمتع به مخيمات لبنان، وان في ظل خوف عسكري وأمني لبناني، ولماذا لم يدخلها الجيش اللبناني حتى الآن، خصوصاً بعدما صار شبه مؤكد وجود انصار فضل شاكر والشيخ أحمد الأسير فيها؟

المصدر: النهار