الحاج هاشم شناعة: خرجت النساء والأطفال وبقي الرجال في طيطبا
دينا آغا وآلاء قدورة
يقول الحاج هاشم محمد شناعة من قرية طيطبا: "تقع طيطبا شمال صفد وهي مرتفعة عن سطح البحر حوالي 850 متراً وفيها مرج واسع جدا، وتحدها من الشمال الرأس الأحمر، ومن الشرق دلاتا، ومن الجنوب قديثا ومن الغرب الصفصاف والجش.
كانت تعد من المصايف وبناؤها من الحجر والتراب وهي تنقسم إلى قسمين أحدهما مرتفع والآخر منخفض، وهذا الأخير لم تكن فيه مياه وكان مصدر المياه بعيداً جدا وكانت النساء تذهب لتعبئة المياه في الجرار وتنقلها على ظهور الدواب، ولكن هناك بركة كبيرة جدا تتجمع فيها مياه الشتاء، كانت تنقذ البلد من قلة المياه، وكانت تستخدم مياهه للري وللغسيل وتشرب منه الدواب وأحيانا كنا نشرب منه في أيام الشتاء.
هذا المرج الواسع كانت زراعته بعلية، فيه البندورة والبطيخ وغيرها الكثير، مثل الزيتون والتين والعنب".
الحاج هاشم شناعة من مواليد طيطبا عام 1935، وقد استقبلنا في منزله في صيدا يوم الأربعاء الموافق 27-7-2011، ورحب بنا وبفكرة التوثيق للعائلات والقرى الفلسطينية.. وقد أثرى الحاج هاشم اللقاء بكثير من التفاصيل التي لا يزال يحتفظ بها رغم مرور أكثر من 63 عاماً على إخراجه منها..
"أذكر قبل سنة 1948 أننا صحينا يوما ووجدنا مستعمرة كاملة لليهود على حدود بلدنا اسمها عين زاتين.
وكان هناك طريق رئيسية واحدة ترابية تمتد من صفد إلى الرأس الأحمر وتمر في بلدنا.
أما العائلات التي سكنت في طيطبا فأذكر منها: شناعة، الرفاعي، سعدي، سعدة، بليبل، دهشة، قاسم، وغيرها ولكنها كانت بلدة صغيرة لم يتجاوز عدد سكانها الـ 700 نسمة.
محمد علي شناعة كان يملك مضافة في البلدة وقد ورثها عن والده خالد شناعة، وكان هناك مضافة أيضا عند بيت الرفاعي. أما مختار البلد فكان خالد حسين الرفاعي.
بلدتنا كانت بلدة أثرية يوجد فيها مقبرة أثرية قديمة جدا وحجارتها تدعى بالبازلتية سوداء اللون وهذه المقبرة تعود إلى عهد الرومان. أما مقبرة البلد فكانت في الجنوب ويقال أنها مازالت كما هي وأن قبر محمد علي شناعة مازال قائما كما هو.
وكان هناك مدرسة ابتدائية صغيرة جدا حتى الصف الرابع الابتدائي وقد ارتدت هذه المدرسة حتى الصف الرابع وبعدها أكملت في الصفصاف وبعد سنتين وقعت أحداث سنة 1948، وقد كان أحد أساتذتها الاستاذ علي كعوش.
أما بالنسبة للوضع الصحي فلم يكن هناك عيادة صحية في البلد ومن يحتاج للطبابة كان يذهب إلى صفد ولكن كان عندنا "مجبر" جبار عربي من عائلة حليحل ولكن لا أذكر اسمه الأول، وكان في طيطبا داية تقوم بمهمة توليد النساء واسمها عائشة..
كان هناك جهاز راديو وحيد في البلدة يملكه خالد شناعة. لم يكن هناك أصحاب مهن في بلدتنا، وكان هناك دكانين وحيدتين يملك إحداهما حسين أحمد شناعة والأخرى يملكها خالد دهشة وكان الناس يقصدون كل أسبوع سوقا في صفد لشراء اللحم".
وبعد كل هذه التفاصيل التي سردها الحاج هاشم أثناء اللقاء، وصل بنا الحديث إلى نكبة الـ 48 وما رافقها من أحداث..
"كان جيش الانقاذ وبعض أهالي البلد الذين يحملون السلاح يتوجهون للحراسة أمام مستعمرة عين زاتين، وكانت تحصل مناوشات يومية مع هذه المستعمرة، فقالوا لنا أنه يجب أن نخرج من طيطبا لأن المستعمرة بدأت تستخدم القصف المدفعي والقذائف، فخرجت النساء والأطفال، قسم إلى الرأس الأحمر وقسم إلى الجش.
أما الرجال فظلوا في طيطبا بهدف الحراسة وحصاد الموسم، وبقينا في الرأس الأحمر بضعة أشهر ومن بعدها توجهنا إلى يارون في لبنان ولحق بنا الرجال بعد أن سقطت صفد، ومن بعدها فتحت مدرسة في المختارة وأصبحت أذهب إليها، بقينا في يارون سبعة أشهر، ومنها إلى الشهابية حيث بقينا حتى سنة 1951 ومن ثم إلى عين الحلوة وأدخلني والدي إلى مدرسة الأميركان، وأذكر أن بعض الناس عادوا إلى طيطبا لإخراج بعض الأشياء من بيوتهم وحينها قتل خالد الرفاعي وغيره الكثير، وهذه هي رحلتنا، رحلة الشتات والتهجير واللجوء ونتمنى أن نعود إلى بيوتنا وقرانا قريبا بإذن الله".
شناعة: تاريخ وشجرة العائلة
أما عن الهدف الأساس من زيارتنا للحاج هاشم، ألا وهو التوثيق لعائلة شناعة في طيطبا، فقد قمنا بمساعدة الحاج ببناء قسم من شجرة عائلة شناعة بدءاً من الجد حسين وولده أحمد، أما أحمد فله من الأبناء: محمد، حسين، عبد الله، سعيد، يوسف، وخضرة.
يخبرنا الحاج هلشم عن عائلة شناعة:
"أحمد كان فلاحا كمعظم سكان قرى فلسطين وقد كان من أصحاب الأملاك الواسعة في طيطبا تزوج من حشمة حمزة من بلدة قديثا، وأنجب منها: محمد، حسين، عبد الله، سعيد، يوسف وخضرة. وقد توفي محمد في فلسطين ودفن فيها.
محمد من مواليد فلسطين وكان يعمل مزارعا أيضا وتزوج من حُسِن أسعد الخطيب من بلدة الرأس الأحمر وأنجب منها: يوسف، هاشم، فاطمة، كفينا، حورية، مريم، وآمنة. وقد كان من الناس الذين حملوا بارودة للحراسة في البلدة سنة 1948. توفي محمد ودفن في مخيم عين الحلوة.
حسين هو من مواليد فلسطين أيضا ولكن توفي ودفن في صيدا، زوجته هي أمينة الرفاعي من طيطبا وأنجب منها: محمد، محمود، أحمد، عبد الرحمن، عدنان، فاطمة، مريم، ولطيفة.
عبد الله ولد كذلك في فلسطين وتوفي ودفن في مخيم عين الحلوة، وتزوج من عائشة شحادة من بلدة طيطبا أيضا وأنجب منها: محمد، أحمد، مروان، منير، إحسان وناجي.
سعيد كذلك توفي ودفن في عين الحلوة وتزوج زهرة طه من طيطبا وأنجب منها: خالد، فاطمة، وحمدة.
أما يوسف فهو من مواليد فلسطين ودفن فيها، وقد قتل على يد الانجليز سنة 1936 خلال الثورة، وأبناؤه: محمد خير، حليمة وحشمة".
... انتهى اللقاء مع الحاج هاشم وقد جمعنا ما تيسر من ذاكرته عن طيطبا وأهلها وعن عائلة شناعة، وقد لمسنا منه إرادة صلبة بالتمسك بالعودة إلى فلسطين وطيطبا تحديداً.. طيطبا التي عاش فيها طفولته وأخرج منها هو وأهله بفعل الإرهاب الصهيوني الذي مارسته العصابات الصهيونية منذ عقود.. ولا تزال.
المصدر: موقع هوية