القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

الحاجة سعيدة فياض هريش: عندما سمعنا أن اليهود اعتدوا على نساء القرى المجاورة خرجنا من الراس الأحمر

الحاجة سعيدة فياض هريش: عندما سمعنا أن اليهود اعتدوا على نساء القرى المجاورة خرجنا من الراس الأحمر
 

دينا آغا / صيدا

يوم الخميس الموافق 21-7-2011 قمت بزيارة الحاجة سعيدة فياض هريش (مواليد 1936) في منزلها القائم في مخيم عين الحلوة وذلك برفقة زميلتي آلاء قدورة والخالة حليمة عوض.

الحاجة سعيدة من قرية الرأس الأحمر التي تحدها، كما تقول الحاجة، «قرية دلاتا، الجش، الصفصاف، صلحا، فارة وعلما، وكان هناك طريق رئيسية تمر من جانب البلد تمر بالريحانية، الشركس، وعلما ونادرا ما كانت تمر فيها السيارات، إذ كانت وسيلة النقل الأساسية هي الدواب».

أما العائلات التي سكنت الراس الأحمر فهي عديدة تذكر منها الحاجة سعيدة عائلات الخطيب، هريش، الشايب، حمودة، وأيوب. وتذكر الحاجة أن عائلتي الخطيب وأيوب كانتا تملكان مضافات في البلد.

.. «وكان هناك مكان يدعى الصدّيق يأتي اليهود لزيارته، وكان في الرأس الأحمر مدرسة صغيرة يرتادها الصبيان والبنات وتقع في منطقة اسمها المرج».

وحدثتنا الحاجة عن حال الطبابة في الرأس الأحمر قبل النكبة فتقول أنه كان في البلد «محبر» يقوم بالتجبير العربي، أما الحالات المرضية الجدية فكان يتم نقلها إلى صفد للعلاج.

.. «وكانت بلدنا غنية بالمياه وتقوم النساء بنقل المياه على الدواب، أما نحن فكنا نملك بئرا للمياه لذلك لم نكن نذهب لنقل المياه من العين. وكانت بلدنا شهيرة بزراعة الصبر والفجل والدراق والخوخ والتفاح وغيرها الكثير.

أما رمضان فكانت له أجواؤه الخاصة حيث تبدأ النساء بالتموين له قبل فترة، فيقمن بتموين الأجبان والألبان واللحوم ويقمن بإعداد جميع أنواع المربيات. وفي العيد كنا نذهب إلى الوادي ونأخذ معنا الكعك وبعض الأطعمة، هذا كان العيد بالنسبة لنا».

ولكن هذه الحياة الريفية الهانئة لم تستمر مع وقوع النكبة عام 1948 واقتراب الاعتداءات الصهيونية من قرية الراس الأحمر:

.. «كنا في البلد وقد كان والدي متوفيا وسمعنا من الناس أن اليهود أصبحوا قرب الراس الأحمر وأنه يجب أن نتوجه إلى علما أو الريحانية، وسمعنا أن اليهود دخلوا إلى إحدى القرى المجاورة واعتدوا على نسائها فحملتنا والدتي وتوجهنا مباشرة إلى بنت جبيل وهناك مكثنا عند عائلة لبنانية من بيت البزي وبقينا هناك نحو سنتين ولكن سرعان ما أخرج الفلسطينيون من بنت جبيل وتم توزيعهم على المخيمات وكان نصيبنا أن نأتي إلى مخيم عين الحلوة».

ولكن زيارتنا للحاجة سعيدة لم تقتصر على الحديث عن الراس الأحمر بل خصصنا جزءاً منها للحديث عن عائلة هريش لجمع شجرة العائلة وتوثيق بعض المعلومات عن الجيل الذي عاش في الراس الأحمر وأخرج منها. وبدأنا بشجرة العائلة من الجد حسن واولاده: حسين، محمد، فياض، نزهة، فطوم، ومريم.

حسن: هو جد الحاجة سعيدة وهو من مواليد الراس الأحمر،عاش فيها وقد كان يعمل في أرضه ويملك أراضي واسعة، زوجته هي بكرية ومن الرأس الأحمر أيضا، وقد أنجب منها: حسين، محمد، فياض، نزهة، فطوم ومريم. توفي الحاج حسن ودفن في فلسطين.

حسين: كان يعمل في الأرض أيضا ويأكل مما يزرع وتوفي في بنت جبيل، له من الأولاد: محمود وعبد وفاطمة وزهرة.

محمد: وهو عم الحاجة سعيدة، ذهب في الخدمة العسكرية مع الجيش التركي ولم يعد.

فياض: والد الحاجة سعيدة هو من مواليد فلسطين وعاش فيها وقتل على يد الانجليز ودفن في فلسطين. تزوج من عمشة أيوب وهي أيضا من الرأس الأحمر وأنجب منها: محمد وسعيدة.

كان لا بد للزيارة أن تصل إلى نهاية، وبعد الوقت الذي أمضيناه بضيافة الحاجة سعيدة استطعنا أن نلمس الفرق الشاسع بين السنوات التي عاشتها الحاجة في بيت وأرض أهلها في الرأس الأحمر وبين السنوات التي عاشتها في الشتات.. وأدركنا أن هؤلاء الكبار لا زالوا يأملون ويؤمنون بالعودة إلى قراهم التي اقتلعوا منها ليتابعوا الحياة التي توقفت هناك منذ 63 عاماً.

المصدر: موقع هوية