الحذر
من توظيف العبث الأمني في مخيمات لبنان
بقلم:
علي هويدي
بعيداً
عن التفاصيل وأسباب التوترات الأمنية التي تشهدها مخيمات لبنان بين الفترة والأخرى
والتي بلغت مرحلة خطيرة وصعبة، فلا يكاد يمر يوم دون أن يكون هناك سماع خبر لإشكال
أمني عبثي بغيض يستعمل فيه السلاح، وأقول سماع لأن من الأخبار ما هو صحيح، وأكثرها
ما هو ملفق، ليس له من هدف سوى السعي للمزيد من التوتير الأمني، يحصل هذا على وقع حراك
للجان الأمنية المشتركة التي انبثقت عن كافة القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية وبمباركة
من المجتمع المحلي والدولة المضيفة، في محاولات منها للجم الفلتان الحاصل، منها ما
تستطيع إحتوائه والسيطرة عليه ومنها ما هو فوق طاقتها والقدرة على تحمل النتائج، ابتداءً
من مخيم الحلوة، أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان وليس إنتهاء في مخيمات البداوي
وبرج البراجنة وشاتيلا وغيرها من المخيمات حيث يسقط قتلى وجرحى وخسائر كبيرة في الممتلكات..!
الأهم
من الحدث الأمني نفسه، هي الآليات والطرق البشعة والمنظمة الذي يجري فيها التوظيف لصالح
"مايسترو" هو عدو اللاجئين والمخيمات والعودة، الذي يعمل بدوره على تسميم
الأحداث مستخدماً إعلاميين ارتضوا لأنفسهم بأن تكون أدواتهم الإعلامية مرتهنة لصالحه،
فاقدين للمصداقية وللأمانة المهنية، يترصدون الأحداث ويبحثون عن الثغرات ليفاقموا من
توتيرها برش الملح على الجرح، ورسم سيناريوهات وحبكات هولويودية، ليُذكر مثلاً عدد
أفراد هذا الفصيل الفلسطيني أو ذاك، وليرسم عن إحتراف محاور وحدود ومناطق ومربعات داخل
المخيم وتوزيع المسؤوليات والأدوار..، ولم لا وهم المزودون بالخريطة المعلوماتية لكل
المخيمات جغرافياً وتاريخياً وديموغرافياً.. ليس لشيئ إلا لتكريس الإستدراج والتحريض
والتوظيف بالحدث التراكمي للوصول الى ذروة استهداف الوجود الفلسطيني في لبنان كجزء
من إعادة ترتيب المنطقة شأنه في ذلك شأن بقية المخيمات والدول المحيطة..!
ليس من
الفراغ التركيز على مخيم عين الحلوة، وتسمين الحالة الأمنية فيه، فالمخيم رمز لقضية
اللاجئين في لبنان، ففيه العدد الأكبر وفيه مركزية معظم الفصائل.. مستلزمات التفجير
باتت جاهزة وواضحة ممثلة بنعت المخيمات بأوصاف غير منصفة مرة بأنها خارجة عن القانون،
وأخرى بأنها مكان لإيواء الفارين والمطلوبين للعدالة، أو مكان لإيواء الإرهابيين وغيرها..،
فما يجري محاولة لإعادة ترسيم المنطقة - جغرافياً وسياسياً - من جديد، ولبنان والوجود
الفلسطيني فيه ليس إستثناء، وهذا ما الذي سيتمخض عنه الحال والأرجح حتى نهاية العشرية
الثانية من القرن الحالي، وعندما ينقشع الغبار، لا شك سيكون هناك خاسرون ورابحون..!
مع كل
حدث تزداد الدعوات للمزيد من الحذر والإنتباه لما يحاك لمخيمات لبنان، وضرورة قراءة
وإستشراف المستقبل بموضوعية والوعي الإستثنائي وغير العادي لإفشال محاولات "المايسترو"
المتكررة والمتلاحقة والمتسارعة، فـ "القنبلة الموقوتة" للاجئين في المخيمات
والتي أشار إليها المفوض العام لوكالة "الأونروا" بيير كرينبول في خطابه
خلال انعقاد مؤتمر اللجنة الإستشارية للأونروا في عمّان بتاريخ 16/6/2015 نريد لها
- عندما يحين وقتها- أن تنفجر في وجه الإحتلال الصهيوني لإعادة ترسيم المنطقة على قاعدة
دحر الإحتلال إلى غير رجعة وتكريس معادلة جديدة..، بقي ضرورة المزيد من الوعي، وتكريس
التعالي عن الجراح، والحفاظ والإحتفاظ بالسلاح لمهمته الأساسية، وتفويت الفرص على كل
من يحاول إشغال اللاجئين وحرف بوصلتهم عن فلسطين بتوترات وإشكالات هنا وهناك وهذه مسؤولية
الجميع..!