الحرب تنتهي أخيرا في غزة
عدنان أبو عامر
وأخيراً... تحقق لأهل غزة ما كانوا يتمنونه طوال أكثر من 50 يوماً من
المعاناة والقتل والتشرد..حيث أعلنت حماس مساء 26/8، في مؤتمر صحفي بمدينة غزة
حضره "المونيتور" التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار مع إسرائيل باعتباره
انتصاراً للشعب الفلسطيني وللمقاومة، مشدّدة على أن اتفاق التهدئة يضمن غالبية
المطالب الفلسطينية الآنية.
يأتي إعلان وقف إطلاق النار في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الصحة
الفلسطينية، إن إجمالي ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة، بلغ 2142 قتيلا، بينهم
577 طفلا، و102 مسنا، وأكثر من 11066 جريحا.
•بنود
الاتفاق
فيما أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في كلمة تلفزيونية التوصل
لاتفاق لوقف إطلاق النار ابتداء من الساعة 7 مساء 26/8 في غزة، متوجها بالشكر لمصر
التي رعت المفاوضات غير المباشرة، ثم العمل على تلبية متطلبات واحتياجات أهلنا في
غزة، وتوفير كل المستلزمات والخدمات الطبية التي يحتاجونها، مناشدا المجتمع الدولي
والأمم المتحدة، سرعة إرسال هذه المواد بأسرع وقت ممكن.
لكن ما الذي حصل في الساعات الأخيرة، التي جعلت من اتفاق التهدئة أخيرا
أمراً واقعا على الأرض، بعد أن تحدث "المونيتور" في آخر مقال له عن جهود
وقف إطلاق النار.
التطور الدراماتيكي بمفاوضات التهدئة، ما علمه "المونيتور" من
أوساط مطلعة في حماس عن "وصول وفد حماس بصورة مفاجئة إلى القاهرة قادما من
الدوحة مساء 25/8، بعضوية موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي للحركة وخليل
الحية عضو مكتبها السياسي، ومعهما تفويض كامل من قيادة حماس بإتمام الاتفاق على
باقي تفاصيل بنود التهدئة، والتوقيع عليها، وهو ما عجل بإنجازه خلال الساعات الـ
24 ماضية".
وقد أعلنت وزارة الخارجية المصرية مساء 26/8 أن الطرفين الفلسطيني
والإسرائيلي قبلا دعوة القاهرة لوقف إطلاق النار.
وقد نص اتفاق وقف إطلاق النار وفقاً لما أعلنته القاهرة على "فتح
المعابر بما يضمن رفع الحصار عن غزة، الغاء المنطقة العازلة شرق غزة، توسيع مساحة
الصيد في البحر، إعادة الاعمار وادخال المواد اللازمة لذلك، بحث كافة القضايا
المؤجلة خلال شهر من وقف إطلاق النار الشامل".
مسئول في حماس قال "للمونيتور" أن "الجديد في صيغة اتفاق
وقف إطلاق النار استناده بصورة واضحة لتفاهمات اتفاق القاهرة 2012، وهو ما كانت
تصر عليه الحركة طوال جولات التفاوض السابقة، فيما كانت تتهرب منها إسرائيل،
والتأكيد على وقف إطلاق النار الشامل والمتبادل، وهو ما يعني منعاً لإسرائيل من
أخذ زمام المبادرة في أي عدوان قادم على غزة وقتما شاءت، إضافة لقدرة الحركة على
تحشيد الموقف الفلسطيني الموحد رغم طول أمد المفاوضات، وهذا إنجاز وطني كبير يمكن
البناء عليه مستقبلا في مرحلة ما بعد الحرب".
فيما كشف أبو مرزوق عن تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار بالقول أن إعادة
اعمار غزة سيتم نقاشه خلال المؤتمر الذي سيعقد في مصر الشهر المقبل، بدعوة كافة
الاطراف ذات الصلة، وستتولى حكومة التوافق ملف الاعمار كاملا، مؤكدا أن مصر هي
الضامن الوحيد للاتفاق، موضحاً أن القيود الاسرائيلية والاوروبية والامريكية رفعت
عن دخول الأموال لقطاع غزة، مشيراً إلى أن أحد أسباب التأخر في الاتفاق سياسة
الاغتيالات، حيث ينص الاتفاق على وقفها، وحرية الحركة وعدم استهداف المقاومين
والقادة في غزة.
ولذلك فور الإعلان عن وقف إطلاق النار، خرج عدد من قادة حماس في شوارع
غزة، للمشاركة في احتفالات نهاية الحرب، بعد أن غابوا عن الأنظار طوال أيام
العدوان خشية من اغتيالهم، خاصة وأن معظم قيادة حماس هدم الجيش الإسرائيلي
منازلهم، ومن أبرزهم: محمود الزهار عضو القيادة السياسية للحركة، صلاح البردويل
المسئول الإعلامي للحركة، عصام الدعاليس مستشار اسماعيل هنية للشئون الاقتصادية،
وأحمد بحر رئيس المجلس التشريعي بالإنابة.
•استمرار
التهدئة
لكن ما لفت انتباه "المونيتور" خلو اتفاق التهدئة من الحديث
بصورة واضحة عن موافقة مبدئية على إقامة ميناء في غزة، بعكس ما طالبت به كتائب
القسام في خطابها الشهير 7/8.
مسئول فلسطيني بارز شارك في مفاوضات التهدئة من وفد منظمة التحرير قال
"للمونيتور": "لم يكن من الحكمة من الأساس اشتراط الحصول على
موافقة بإنشاء ميناء في غزة لوقف إطلاق النار، لاسيما وقد اتفاق الوفد الفلسطيني
الموحد على عنوان عام اسمه رفع الحصار بدون التقيد ببنود محددة، ولذلك جاءت إطالة
أمد المفاوضات، وتخللها استمرار للحرب بما تحمله من ضحايا ودمار إضافيين، وفي
النهاية عدنا للعنوان الأساسي الذي اتفقنا عليه، رفع الحصار وفتح المعابر".
"المونيتور"
سأل عزت الرشق، عضو المكتب السياسي لحماس وعضو وفدها المفاوض، عن معبر رفح، وهل هو
جزء من اتفاق التهدئة، فأجاب قائلا: "معبر رفح ليس جزء من التفاهمات مع
إسرائيل، لأنه شأن فلسطيني مصري فقط، وهناك توجه لإزالة أي إشكاليات تعترض فتحه
بصورة دائمة، لاسيما بعد إقامة حكومة التوافق المسئولة عملياً عن إدارة قطاع
غزة".
وعن عدم تضمين الاتفاق لموافقة مبدئية على إقامة ميناء غزة، وهل يعني
تراجعاً من حماس، وضمانات التزام إسرائيل بما ورد في الاتفاق، قال الرشق:
"اتفاق وقف إطلاق النار لم يحقق كل مطالبنا رغم سعينا إليها، وهذا الاتفاق
ليس نهاية المطاف، وجاءت رغبتنا بإنجازه للتخفيف عن شعبنا الذي تعرض لعدوان
إسرائيلي بشع، لأن علينا كقيادة سياسية مسئولية أخلاقياً ووطنياً بوضع حد لهذه
المعاناة في غزة".
وختم بالقول: "سنعمل ضمن الوفد الفلسطيني الموحد على استكمال انتزاع
باقي حقوقنا في المرحلة القادمة، فنحن وقعنا على الاتفاق من موقع قوة، وتبقى
المقاومة يدها على الزناد، لكن إسرائيل تعلمت درساً بعدم العودة مجدداً للعدوان،
لأنه لن يكون نزهة سهلة، كاشفاً طلب ضمانات لتحقيق الاتفاق من دول عديدة بجانب مصر
مثل قطر وتركيا ودول أوروبية".
المونيتور